الخطوة الثالثـ3⃣ـة :
🌀••الطواف وركعتي الطواف والشرب من ماء زمزم :
وأنت تطوف حول البيت تذكر أنّ هذا البيت مخلوق مثلك، لا ينفع ولا يضر، والطواف حوله تربية على التوحيد الحقيقي لله تعالى، فتوحيدك لله، وقولك لا إله إلا الله، لا يعني كلمات تردد، بل هو طاعة واستسلام لله سبحانه وتعالى، فأنت هنا بطوافك حول حجر لا ينفع ولا يضر، علامة على الاستسلام لله جلّ وعلا، خاطب الله تعالى نبيك إبراهيم وهو يرفع قواعد البيت بقوله: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ).
وفي بداية طوافك بالبيت تقول:الله أكبر، هل سألتَ نفسَك لماذا تستفتح الطواف بالتكبير؟! لأنّ في هذا إعلان واضح، فأنت تعلن أمام الملأ أنّ الكعبة مهما كانت كبيرة وعظيمة في نظرنا، إلا أنها اكتسبت هذه العظمة، وهذا الكبرياء من خالقها سبحانه وتعالى.
وانظر إلى الطواف حول البيت، تبدأ من نقطة واحدة وهي الحجر، وتنتهي بنقطة واحدة وهي الحجر، طال الطواف بسبب الزحام أم قصر، وهكذا الحياة الدنيا بدأتها بنقطة الولادة، ويوما ما ستفارقها بنقطة الوفاة، طالت المدة أم قصرت، وهذه سنة الله تعالى، لا تتغير ولا تتبدل.
وكم عدد الأشواط أخي الحاج والمعتمر؟ لا شك سبعة، فتبدأ الشوط الأول، وكلما زدت شوطا اقتربت من مرحلة الصفر، وهكذا عمرك، كلما ازددت يوما لا يعني أنك كبرت وزاد عمرك، بل الحقيقة خلاف ذلك، فكلما تقدمت يوما في العمر كلما نقص يوم من عمرك، فأنت تسير إلى مرحلة الصفر من حياتك، فاجعل حياتك في طاعة الله تعالى.
وانظر إلى الأشواط السبعة، جعلها الله تعالى سبعة لحكمة، فهي تمثل عقدا من الزمن، والعقد عشر سنوات، أي أنّ السبعة الأشواط تساوي سبعين سنة، والناس في الغالب لا يعمرون أكثر من سبعين سنة، ومن زاد أكثر من ذلك فقد وصل إلى مرحلة الشيخوخة ضعيفا مريضا، ليكون آية للناس على فناء الحياة الدنيا، وقليل جدا من يبلغ ذلك، فتصور نفسك أخي الحاج كلما أنهيت شوطا أنهيت عقدا من عمرك، فحاسب نفسَك كيف كان هذا العقد مع الله تعالى؟!!
وانظر إلى الطائفين، ألوانهم متنوعة، وأفكارهم مختلفة، وبلدانهم متباينة، والكل يدعو ربا واحدا، ويطلب طلبا واحدا، ويخاف يوما عظيما، فهذه الأمة التي أرادها الله تعالى أن تكون بين الأمم، أمة واحدة، لا يفرّقها التباين في الأجناس والمذاهب والتوجهات، فالمؤمنون أخوة، (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ).
وعند المقام، أمرك الله بالصلاة وهي علامة التوحيد، وانظر إلى بعض الناس ماذا يفعلون، يتمسحون بالمقام، فالله أمرهم أن يقتدوا بأنبيائه ليكونوا مسلمين موحدين، وهم يتمسحون بما لا ينفع ولا يضر، والصلاة عنوان التوحيد، حفظها الله تعالى بركوعها وسجودها، وهي سنة نبينا إبراهيم، والذي وصى أولاده ونحن من ذريتهم بتوحيده جلّ وعلا: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، أي موحدون ومستسلمون لله وحده لا شريك له.
والآن أنهيت طوافك والتعب ألم بك، فتشرب من ماء زمزم مرتويا متضلعا، فتذكر يوم القيامة، وقد ألم العطش العباد، هناك إما أن تشرب من أحواض الجنان، أو من حميم النيران، فاجتهد لتكون من السابقين إلى روضات النعيم.
يامن تشارك الحجيج مشاعرهم، إذا طافوا حول الكعبة هناك فليَعرُج قلبك وروحك لتَطُوف مع الملائكة الكرام حول البيت المعمور في السَّماء مُستَعلِية على الدنيا وحقارتها وسفاسف الأمور، فمن لم يصل إلى البيت لأنه منه بعيد، فليقصد رب البيت فإنه أقرب إلى من دعاه ورجاه من حبل الوريد،،
وإذا كانوا يُقبِّلون الحجر الأسود فقَبِّل يدَيْ والدَيْك وبرَّهما؛ فهما باب الجنَّة، وإذا كانوا يشربون ويغتسلون من زمزم فاغسل وجهك وطهِّر قلبك بدموع التوبة.
_____✨🔟✨______
اللهم اجعل سرائرنا خيرا
من علانيتنا،،
وأعمالنا خيرا من أقوالنا،،





رد مع اقتباس