سيدنا موسى عليه السلام
نحكي لكم اليوم قصة النبى موسى عليه السلام كما وردت في كتاب الله عز وجل،
قصة جميلة ورائعة جداً تبين نصر الله تعالي وتأييده لعبادة الصالحين ولنبيه الكريم،
إنها فعلا قصة شيقة ورائعة
فلنبدأ معاً في قراءت القصة ,,
أثناء حياة يوسف عليه السلام بمصر، تحولت مصر إلى التوحيد. توحيد الله سبحانه، وهي الرسالة التي كان يحملها جميع الرسل إلى أقوامهم.
لكن بعد وفاته، عاد أهل مصر إلى ضلالهم وشركهم. أما أبناء يعقوب، أو أبناء إسرائيل، فقد اختلطوا بالمجتمع المصري،
فضلّ منهم من ضل، وبقي على التوحيد من بقي. وتكاثر أبناء إسرائيل وتزايد عددهم، واشتغلوا في العديد من الحرف.
كان هناك ملك طاغية يدعي "فرعون" وقد رأي في ليلة من الليالي أن ناراً تأكل ملكه وتقتل شعبه وهي آتية من ناحية بيوت بني إسرائيل،
قام فرعون مفزوعاً خائفاً من نومه، فأسرع بإستدعاء السحرة والكهنه وحكي لهم ما رأي، فأخبروه أن تفسير هذة الرؤيا أنه سيولد في بني إسرائيل غلام يكون سبباً في ذهاب ملكه وهلاكه علي يديه، فإشتد فزع فرعون
فأصدر أمره ألا يلد أحد من بني إسرائيل ولداً إلا أن يقتلوه,
وأمر جنوده وحاشيته أن يقتلوا كل مولود ذكر يولد من بني إسرائيل .
وبدأ تطبيق النظام،
ثم قال مستشارون فرعون له، إن الكبار من بني إسرائيل يموتون بآجالهم، والصغار يذبحون،
وهذا سينتهي إلى إفناء بني إسرائيل، فستضعف مصر لقلة الأيدي العاملة بها.
والأفضل أن تنظم العملية بأن يذبحون الذكور في عام ويتركونهم في العام الذي يليه.
ووجد فرعون أن هذا الحل أسلم.
وحملت أم موسى بهارون في العام الذي لا يقتل فيه الغلمان، فولدته علانية آمنة.
فلما جاء العام الذي يقتل فيه الغلمان
أصبحت أم هارون حاملاً بنبي الله موسي عليه السلام،
فعندما علمت بحملها خافت من أمر فرعون وأخفت حملها مخافتاً عليه،
فكانت لا تظهر لأحد أبداً انها حاملاً حتي أتمت حملها
وجاء وقت الوضع، فأنجبت نبي الله موسي عليه السلام سراً،
وحفظه الله عز وجل فلم يعلم جنود فرعون بأمر موسى،
وقذف الله في قلب أم موسى أنها إن خافت عليه تضعه في صندوق وتربطه ببيتها وتلقيه في النهر
لكي لا يراه أحد من جنود فرعون الظالم، وترضعه كل فترة .
خرجت أم موسي لترضع إبنها، فإذا بها تجد أن الحبل قد قطع وأن الصندوق قد جري في النهر
كذلك أصدرالله سبحانه وتعالى أمره للنهر أن يحمل موسى بهدوء ورفق حتى يسلمه إلى قصر فرعون بأمر من الله سبحانه وتعالى.
وهنا يتجلى دور الأخت مع أخيها، حباً، وخوفاً عليه وشفقة، وتعرضاً للمخاطر وتضحية من أجله،
إنها أخت موسى عليه السلام وهي: مريم بنت عمران، ليست أم عيسى عليه السلام،
لكنه توافق أسماء، وذكر أن اسمها كلثمة وقيل كلثوم
وهي أخت ذكية لماحة، أخت ناصحة مشفقة، أخت مطيعة لأمها بارة بأخيها، إنها أخت موسى عليه السلام،
كان لها أثر كبير في حياة موسى
لقد كان لأخت موسى يدٌ بيضاء عليه،
فقد وقفت بجوار أمها لحظة أن وضعت وليدها- موسى- الذي كان محكوماً عليه بالذبح،
لولا أن تعهدته أخته منذ لحظة ميلاده بالرعاية والاهتمام حتى لا يصدر منه صوت، فتكون نهايته،
فقد كان جواسيس فرعون الطاغية في كل مكان على الأبواب ليقتلوا كل طفل يولد،
وعندما وضعته أمه في التابوت، ثم في النهر،
وألقته به وهي لا تدري أين يستقر؟
فطلبت من إبنتها كلثمة لتعقب أثره، وكانت الفتاة صاحبة عين بصيرة،
وقالت قصيه واطلبيه، هل تسمعين له ذكرًا؟
أحيٌّ ابني؟ أو قد أكلته دواب البحر؟
واتبعي يا ابنتي أثره، وانظري كيف يُصنع به؟
قصيه يا ابنتي ولا تتركيه يغيب عن ناظريك؟!
كان قلب الأم، وهو أرحم القلوب في الدنيا، يمتلئ بالألم وهي ترمي ابنها في النهر،
لكنها كانت تعلم أن الله أرحم بموسى منها، والله هو ربه ورب النهر.
لم يكد الصندوق يلمس مياه النيل حتى أصدر الخالق أمره إلى الأمواج أن تكون هادئة حانية
وهي تحمل هذا الرضيع الذي سيكون نبيا فيما بعد،
فما كان من هذه البنت البارة المطيعة إلا أن تسمع كلام أمها، وأن تستجيب لطلبها مهما كانت المخاطر،
فقامت دون تردد أو تلكأ أو تأخير، تتبع الصندوق أخذت ترقبه بطرف عينها من بُعد
ولم تغفل عن أخيها لحظة واحدة ،لم تدن منه ولم تقترب، لئلا يُعلم أو يُشك بصلته بها،
فمن ذكائها كانت تمشي جانبا وتنظر اختلاسًا كأنها لا تنظره تمشي على حافة النهر تتبعك،
عينها على التابوت خوفاً عليك، يا ترى كيف حالها وشعورها
وهي ترى الصندوق يجري على سطح الماء؟!،
ربما ارتفع قلبها ونزل مع ارتفاع كل موجة ونزولها،
إنه قلب الأخت الرحيمة يكاد يطير أو ينخلع،
فهي خائفة على غرق الصندوق تارة،
وخائفة من أعين الناس يرقبونها تارة،
وخائفة من أعين حرس فرعون الذين يفتشون عن الصبيان في كل مكان لقتلهم تارة،
فآهٍ لقلبك أيتها الأخت البارة؟
فمن حسن صنيعها وذكائها لا يشعرون أنها ترقبه، ولا بأنها أخته، وهذا من فطنتها،
وأخذها الحيطة والحذر،
وفي ذلك الصباح خرجت زوجة فرعون تتمشى في حديقة القصر
آسيا بنت مزاحم"، امرأة فرعون كما ذكرها القرآن الكريم وذكرتها كتب التاريخ
كانت زوجة فرعون تختلف كثيرا عنه. فقد كان هو كافرا وكانت هي مؤمنة.
كان هو قاسيا وكانت هي رحيمة. كان جبارا وكانت رقيقة وطيبة.
وأيضا كانت حزينة، فلم تكن تلد. وكانت تتمنى أن يكون عندها ولد.
كانت تعيش في أعظم القصور وأفخمها إذ كان قصرها مليئاً بالجواري والعبيد والخدم أي أنها كانت تعيش حياة مترفة منعمة،
و زوجها الفرعون الذي طغى واستكبر في زمانه وادعى الألوهية وأمر عبيده بأن يعبدوه ويقدسوه هو لا أحد سواه،
وأن ينادوه بفرعون الإله -معاذ الله- .
بدأت قصة أسية إمرأة فرعون
عندما ذهبت الجواري ليملأن الجرار من النهر، وجدن الصندوق، فحملنه كما هو إلى زوجة فرعون. فأمرتهن أن يفتحنه ففتحنه.
فما هوموقفها عندما رأت موسى عليه السلام في التابوت، ؟
فرأت موسى بداخله فأحست بحبه في قلبها فقد كان لوجهه المنير الذي تشع منه البراءة أثر كبير في نفسها.
فلقد ألقى الله في قلبها محبته فحملته من الصندوق.
فاستيقظ موسى وبدأ يبكي. كان جائعا يحتاج إلى رضعة الصباح فبكى.
فجاءت آسية الى فرعون، وهي تحمل بين بيدها طفلا رضيعا.
فسأل من أين جاء هذا الرضيع؟ فحدثوه بأمر الصندوق.
فقال بقلب لا يعرف الرحمة: لابد أنه أحد أطفال بني إسرائيل.
أليس المفروض أن يقتل أطفال هذه السنة؟
فذكّرت آسيا فرعون بعدم قدرتهم على الانجاب وطلبت منه أن يسمح لها بتربيته.
فأقنعت فرعون بالاحتفاظ به وأن يكون لهما طفلاً،
ويربونه كابن لهما ، في البداية لم يقتنع بكلامها ولكن إصرار آسيه جعله يوافقها على رأيها وأحبته حب الأم لولدها.
********
عاد موسى للبكاء من الجوع. فأمرت بإحضار المراضع.
فحضرت مرضعة من القصر وأخذت موسى لترضعه فرفض أن يرضع منها.
فحضرت مرضعة ثانية وثالثة وعاشرة وموسى يبكي ولا يريد أن يرضع.
فاحتارت زوجة فرعون ولم تكن تعرف ماذا تفعل.
لم تكن زوجة فرعون هي وحدها الحزينة الباكية بسبب رفض موسى لجميع المراضع.
فلقد كانت أم موسى هي الأخرى حزينة باكية.
لم تكد ترمي موسى في النيل حتى أحست أنها ترمي قلبها في النيل.
غاب الصندوق في مياه النيل واختفت أخباره.
وجاء الصباح على أم موسى فإذا قلبها فارغ يذوب حزنا على ابنها،
وكادت تذهب إلى قصر فرعون لتبلغهم نبأ ابنها وليكن ما يكون.
لولا أن الله تعالى ربط على قلبها وملأ بالسلام نفسها فهدأت واستكانت وتركت أمر ابنها لله.
كل ما في الأمر أنها قالت لأخته: اذهبي بهدوء إلى المدينة وحاولي أن تعرفي ماذا حدث لموسى.
وذهبت أخت موسى بهدوء ورفق إلى جوار قصر فرعون، فإذا بها تسمع القصة الكاملة.
رأت موسى من بعيد وسمعت بكاءه، ورأتهم حائرين لا يعرفون كيف يرضعونه،
سمعت أنه يرفض كل المراضع.
وقالت أخت موسى لحرس فرعون: هل أدلكم على أهل بيت يرضعونه ويكفلونه ويهتمون بأمره ويخدمونه؟
ففرحت زوجة فرعون كثيرا لهذا الأمر، وطلبت منها أن تحضر المرضعة.
وعادت أخت موسى وأحضرت أمها. وأرضعته أمه فرضع موسى عليه السلام من أمه.
وتهللت زوجة فرعون وقالت:
"خذيه حتى تنتهي فترة رضاعته وأعيديه إلينا بعدها، وسنعطيك أجرا عظيما على تربيتك له".
وهكذا رد الله تعالى موسى لأمه كي تقر عينها ويهدأ قلبها ولا تحزن
ولتعلم أن وعد الله حق وأن كلماته سبحانه تنفذ رغم أي شيء. ورغم كل شيء.
*********
*****
**
*
هذه نهاية الجزء الاول
من قصة سيدنا موسى عليه السلام