وبعد سنوات من هذا الحدث قام زعيم القواسم الجديد خالد بن صقر القاسمي الذي جهز في أواخر عام 1902م جيشه بمهاجمة الفجيرة واغتصاب البلاد من زعيمها، وبالفعل بدأ القواسم بالهجوم على الفجيرة واحتلال مدينة البثنة، ليهب بعد ذلك الجيش العماني من رجال الشيخ زيد بن صالح الشحي بعدما استنجد بهم أهل الفجيرة لتخليصهم وإنقاذ البلاد من القواسم ، وقد تمكن العمانيون فعلا من إنهاء المعركة في يوم واحد فقط تكلل بانتصارهم وطرد القواسم من البثنة وهي مدينة مهمة بالنسبة للفجيرة.
ليسهم أبطال مسندم في إعادة سلطة الشرقيين في الفجيرة وبالتالي استطاع الشيخ حمد بن عبدالله الشرقي وعائلته حكم البلاد بتسلسل شيوخهم عليها.
وقد قام وقتها شيخهم المذكور أعلاه بإهداء مدينة البثنة للعمانيين وتحديدا للشيخ زيد بن صالح الشحي، وقد وثقت الوثائق التاريخية هذا الحدث حيث توجد رسالة خطية من الشيخ حمد الشرقي يشكر فيها حلفاءه العُمانيين ويسلمهم منطقة البثنة مع إعلام السلطان فيصل بن تركي سلطان عمان وحليفه الشيخ زايد بن خليفة بذلك وفيما يلي نصها:
“ من حمد بن عبدالله الشرقي
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى جناب الأكرم المكرم الأفحم العزيز الشيخ زيد بن صالح سلمه الله تعالى
سلام عليكم و رحمه الله و بركاته على الدوام اخبارنا ساكنة من فضل الله بوجودكم و نشكركم و نشكر رجال الشحيين الذين فزعوا لنا وبذلوا جهودهم ، وأزالوا الضيق الذي نحن فيه من قبل أعدائنا حيث إنهم اجتمعوا لنا و أعوانهم من كل منطقة تخصهم ، وصار عددهم كثير و أحاطوا البثنة وقبضوا و استلموا حصنها، و مع هجوم الشحيين المزعج وعزمهم الحار المقيد دارت المعركة بين الشحيين وأعدائنا فما أخذت المعركة يوم واحد، فوَلوا أعدائنا هاربين واستولى الشحيين البثنه و حصنها، و ذبح الذي ذبح و جرح الذي جرح، و استلموا رجال الشحيين أربع رايات من رايات العدو، و نحمد الله على هذا النصر الذي انتصرناه ، ومنذ تاريخ هذا اليوم جعلنا البثنة و ملحقاتها خاصة الى الشحيين ..
وقد رفقنا هذه البشارة إلى السلطان فيصل بن تركي و الى الشيخ زايد بن خليفة و كما نرجو منك البيان لهم والسلام.
حرر يوم الاثنين 25 شوال سنة 1320 هــ.
ملاحظة :
سابقا رسلنا لك كتاب على موضع هذا الكتاب لا جائنا جواب منك ، نرجوا البيان على ذلك“.
وهكذا عاش أهل الفجيرة في أمان ينعمون بحماية حلفائهم الشحوح، وحتى حينما قام الاستعمار بتحديد الحدود وفصل الجزء عن الأم عمان، كان الشيخ العماني محمد بن صالح الشحي يجلس بجوار حاكم الفجيرة فيما بعد الشيخ محمد بن أحمد الشرقي في المباحثات التي كانت تقتضي بتكوين اتحاد الإمارات، وكان أهل عمان كذلك داعمين لذلك الاتحاد لإيمانهم بأن الخير والسلام يجب أن يلامس أهلهم في هذا الجزء من الأرض العمانية حينما قسمه الاستعمار، وبالفعل تم الانفصال الحدودي والإعلان عن قيام اتحاد الإمارات بقيادة الشيخ الراحل زايد بن سلطان رحمه الله.
ولا ريب أن أهل عمان في مسندم سيسجل لهم التاريخ دومًا بأنهم حماة الوطن، حراس بوابته في أقصى الشمال، أسود هرمز من بتروا عبر التاريخ محاولات أي اعتداء على السيادة العمانية، فرجال عمان محبون للسلام، أهل نخوة ونجدة لكل الضعفاء، شرسين للحق، أبطالا وشهداء فداءً للأرض.
المراجع :
– القول والحكم في وصف محافظة مسندم، عبدالله بن محمد بن سيف الأغبري، الطبعة الثانية، 2001م.
– موقع برزة الشحوح – البثنة شاهد على تاريخ الشحوح.
– موقع الويكيبيديا.