| قِفوا بالقبور نُسائِلْ عُمَرْ |
متى كانت الأَرضُ مَثْوَى القمرْ؟ |
| سلوا الأَرضَ: هل زُيِّنَتْ للعليـ |
ـم؟ وهل أرجتْ كالجنان الحفر؟ |
| وهل قام رضوانُ من خلفها |
يلاقي الرضيَّ النقيَّ الأبرّ؟ |
| فلو علِمَ الجمعُ مِمَّنْ مَضَى |
تنَحَّى له الجمعُ حتى عَبر |
| إلى جَنَّة ٍ خُلِقَتْ للكريم |
ومَن عَرَفَ الله، أَو مَنْ قَدَر |
| برغمِ القلوبِ وحبَّاتها |
ورَغْمِ السماعِ، ورَغْمِ البصر |
| نزولكَ في التربِ زينَ الشبابِ |
سناءَ النَّدِيِّ سَنَى المؤتمر |
| مُقيلَ الصديقِ إذا ما هَفا |
مُقيلَ الكريمِ إذا ما عثر |
| حَيِيتَ فكنتَ فخارَ الحياة ِ |
ومتَّ فكنتَ فخارَ السير |
| عجيبٌ رَداكَ، وأَعجبُ منه |
حياتُك في طولها والقِصَر |
| فما قبلها سمعَ العالمون |
ولا علموا مصحفاً يختضر |
| وقد يَقتلُ المرءَ همُّ الحياة ِ |
وشغلُ الفؤادِ، وكدُّ الفِكر |
| دفنَّا التجاربَ في حفرة ٍ |
إليها انتهى بك طولُ السَّفر |
| فكم ذلك كالنَّجم من رحلة ٍ |
رأَى البدوُ آثارَهَا والحَضَر |
| نِقاباتُك الغُرُّ تَبكي عليك |
ويبكي عليك النديُّ الأغر |
| ويبكي فريقٌ تحيرته |
شَريفَ المَرامِ، شَريفَ الوَطَر |
| ويبكي الألى أنتَ علمتهمْ |
وأَنت غرسْتَ، فكانوا الثمر |
| حَياتُك كانَتْ عِظاتٍ لهم |
وموتُك بالأَمسِ إحدى العِبَر |
| سَهِرنا قُبَيْلَ الرَّدى ليلة ً |
وما دارَ ذكرُ الرَّدى في السمر |
| فقمتَ إلى حفرة هُيِّئَتْ |
وقمتُ إلى مثلِها تُحْتَفَر |
| مددتُ إليك يداً للوداع |
ومدَّ يداً للقاءِ القدر |
| ولو أَنّ لي علمَ ما في غدٍ |
خَبَأْتُك في مُقْلتِي مِن حذَر |
| وقالوا: شكوتَ، فما راعني |
وما أولُ النارِ إلا شرر |
| رثيتُك لا مالكاً خاطري |
من الحزن، إلا يسيراً خطر |
| ففيك عرفتُ ارتجالَ الدموعِ |
ومنك علمتُ ارتجالَ الدُّرر |
| ومثلُك يُرثَى بآيِ الكتابِ |
ومثلُك يُفدَى بنصف البشر |
| فيا قبرُ، كنْ روضة ً من رضى |
عليه، وكنْ باقة ً من زهر |
| سقتك الدموعُ، فإن لم يدمنَ |
كعادتهنّ سقاك المطر |