2- شعر الغزل :

ويشكل موضوع الغزل أحد الموضوعات الهامة في شعر هذه الفترة ، وشعر الغزل من الموضوعات الذاتية وهو على خلاف المديح الذي يعبر فيه الشاعر عن غيره وربما تكون فيه عواطفه ومشاعره زائفة وبالتالي تكون تعابيره تقليدية ، وعلى هذا فإن شعر الغزل من المفترض أن يعبر فيه الشاعر عن مشاعره الخاصة .
وشعر الغزل لهذه الفترة ينقسم الى مستويين ، غزل تقليدي ينقل صورة المرأة القديمة ويتحدث عن جسد المرأة والتشبيب بمحبوبة الشاعر، وغزل يتخلص من المعاني التقليدية والعبارات ويقترب فيه الشعر من ذاتية الشاعر وعواطفه الداخلية .
ومن شعر المستوى الأول في الغزل التقليدي قول الشاعر أحمد بن حمدون :

أذى الشمس قد لاحت وأشرق نورها
أم البدر جلى ضوؤه كل دامس
وذا بلبل يشدو بألحان مطرب
يرددها فوق الغصون الموائس
أم الخرد البيض الكواعب أقبلت
تهادى نشاوى بالعيون النواعس
أأم غادة ميلاء منت بزورة
على غير وعد في الحلى والطنافس
تبدي محياها كصبح سناؤه
وولى الدجى من حينه وجه عابس
وهذا عبيق المسك ضوع طيبه
فأحيا رميمات العقول الدوارس ( 11)
ونلاحظ تكرار صورة المرأة القديمة في هذه الأبيات في تلك التشبيهات التقليدية اليسيرة غير المركبة أو الجديدة ، نحو تشبيه المحبوبة بالشمس والبدر والغصون والصبح والمسك .
ويقول في قصيدة أخرى متبعا الأسلوب التقليدي نفسه والتشبيهات اليسيرة المألوفة :

تألق برق في ليال بهيمة
وثغر حبيب باسم بالمسرة
وبدر تمام أم عقود زبرجد
بها غادة حسنا شموع تحلت
وورق الضحى يشدو على غصن بانة
يردد بالألحان في سفح بركة
ونسمة روض بالبشارة قد أتت
تهني بوصل من حبيب وزورة (12)
وتأتي أكثر هذه الغزليات كمطالع لقصائد المدح ولذلك لا نكاد نجد فيها شيئا من صدق المشاعر. وأغلب الغزل يأتي على هذا النحو الذي يشبهون فيه المرأة بالبدر والغزال وبالشمس وشعرها بالليل وقوامها بغصن البان وعيونها بعيون البقر الوحشي وهي صفات وردت كثيرا في الشعر العربي القديم .