ناصر انت مبدع حقا نص في غاية الروعه والاتقان..تقبل مروري واعجابيالابداع صوبك استاذ محمد ..واشكرك جدا على المرور والاعجاب
بن قرشوب ....
على ضفاف الوادي ..تتمايل نخيلها في وجه الريح..تعزف سمفونية القيظ .. يطرب هبوبها اذن بن قرشوب البيدار..يناديه أحدهم-من بعيد- بصوت ذو نبرة عالية بقوله :..(اووووو سالم .. قهوة ..قهوة)..يرد عليه بثقة من قمة نخله (عوانه) بقوله: (جاي .. جاي) .. كانت وسيلة الاتصال بينهم بالاصوات فعالة جدا .. تصل بين الطرفين رغم بعد المسافة بينهما..ربما لان المجال مفتوحا .. خلي من الحواجز الا من نخيل باسقات .. رغم انه كان شخصا اعمى ..الا انه يجيد تسلق النخيل ..والعناية بها .. مسمياتها .. مالكيها .. على دراية تامة بتقسيمات سقي الفلج .. ليل نهار .. محترفا في استخدام حاسة السمع واللمس..لايهمه كثيرا انه فقد حاسة البصر ..لايخشى عوارض الطريق ..وتحديات المكان.. يتذكر جيدا ..لدغة ثعبان احمق في منتصف الليل ..رغم حدة الالم ..لم تثنيه عن مواصلة عمله ..وعشقه للنخلة .. مجيدا في التعامل معها .. يمشي رويدا .. يدرك ان عصاته هي بصيرته..الدروب مرسومة في مخيلته ..ذاكرته ليس لها مثيل ..يحسده بعض اصحابه ..يعرف الاشخاص من اصواتهم .. اوحتى ملامسة ايديهم من خلال المصافحة.. اقترب منهم بن قرشوب.. منصتا لاصوات اقرانه ..وجلبتهم ..اخيرا وصل اليهم .. ينتظرونه تحت سبلة السعف ..قلائد الحبال وبقايا جريد النخيل متناثرة في المكان .. يبدو ان الامر مختلفا لديه في موسم القيظ ..طعم مختلف كطعم رطب التبشره ..كطعم قهوة جاره حمد او حمدون رحمه الله كما كان يناديه ..يظهر بن قرشوب نشاطا وحماسا منقطع النظير ..يتفاخر بقوته وتحمله المشاق ..يشبه نفسه بالحمري ..ذلك الجبل الصلب الجاثم جهة الشمال .. كانه سد يحمي تلك النخيل من انواء الزمن ..ينهر اطفالا صغارا تقترب منه كثيرا ..يلوح بعصاته ليبث بعض الرعب في اطفال مشاكسين..الا انهم يواصلون الضحك والصراخ المزعج .. اصوات افتقدها كثيرا ..جاء بها موسم القيظ الجميل ... يحمل معه حكايات واسرارا واصواتا اشتاق لسماعها كثيرا .. كصوت صديقه الحميم المرحوم سالم بن حمد .. وحكايات اسفاره لبلاد العالي كما يسمونها.. اطلق عليها اسم بيروت ..انها كذلك كما سماها سالم بن حمد رحمه الله .. كان موفقا بالتشبيه ووجه الشبه بينهما ..مصيف القياظ ..ومياه واديها الرقراقة ..وخصوبة نخيلها .. ونقاء نسيمها ..بالفعل انها بيروت .. يكفي سمر المساء ..حكايات المساء تختلط في الغالب باصوات نقيق ضفادع الوادي ..وخرير المياه .. ووجبة عشاء سمك المالح..ذكريات لا متناهية ..تلهب ذاكرته .. خاصة حينما ينزق باصوات بنادق القياظ .. معلنة قدوم الوادي ..حينها تتعالى اصوات النسوة والرجال وصياح الاطفال .. يهربون من مبيتهم في عراء وسط الوادي ..باتجاه النخيل .. تصل مياه الوادي ..تحمل الخير ..تغمر المكان بامل جديد للخصب ..تنتشر روائح الليمون والسفرجل في المكان ... رنين هاتفه المحمول .. ايقظ بن قرشوب من غفوته .. وذكريات اليقظة.. رأى ما لا يراه النائم .. لم يعر الهاتف اهتماما .. لانه اعمى لا يقرأ مصدر الاتصال .. ومعذور ..كان مجرد حلما .. انها سنين مضت على تلك الذكريات ..تتلاشى شيئا فشيئا .. استمر هاتفه بالرنين .. سئم ذلك الصوت .. وسئم هذا الحاضر الممل .. لايزال بن قرشوب متشائما من ذلك الجسر .. الذي قسم بيروت الى نصفين .. كما سئم هدير اصوات السيارات العابرة ذلك الجسر ليل نهار .. بمثابة وحش كاسراجتاح النخيل..سرق عش حمامة من شجرة الغاف ..غرس حوافره ببطن الوادي .... الوضع مقلق كثيرا .. كما يقلقه جحيم الحضارة .. واعصارها المدمر لكل جميل .. انها ضريبة الحضارة .. وثمن المدنية المقيتة .. يشعر بكآبة الجدران الاربعة ..وسور البيت العالي .. وازدحام السيارات بالقرب من منزله .. وفقدان قهوة الظهريه .. وسبلة قلد الحبال من الجريد .. قرر ان يرد على هاتفه المحمول الذي لم يهدأ منذ برهة من الوقت .. ردت عليه بصوت رقيق انها ربما غلطانه ... اغلق هاتفه بغضب واضح .. مشى متكأ على عصاته ليشرب الماء من ثلاجة صغيرة بقربه.. غضب لشدة برودة الماء ..لم يكمله وطرحه ارضا .. ثم عاد لسريره .. اغمض عينيه بعد ان تمدد..هرب من جحيم واقعه الافتراضي.. استعاد مرة اخرى شريط الذاكرة .. وقياظ بيروت .. بقلمي/ناصر الضامري
التعديل الأخير تم بواسطة شموس الحق ; 18-09-2018 الساعة 09:47 AM
ناصر انت مبدع حقا نص في غاية الروعه والاتقان..تقبل مروري واعجابيالابداع صوبك استاذ محمد ..واشكرك جدا على المرور والاعجاب
التعديل الأخير تم بواسطة شموس الحق ; 19-09-2018 الساعة 08:21 AM
انا محمد وانا العمران وانا حرف وشعر وأعرف
ألا مني كتبت الشعر تحديت القصيد الصعب
قصة جميلة جدا أخذتنا الى زمن الماضي الجميل
مبدع دائما نبض قلمك
يارك الله فيك
ربي ان كان هناك حاسد يكره ان يراني سعيدة ف ارزقہ سعادة تنسيہ امري
ومن كَانَ سَبب لِسعَادتِي ولَو لِلحّظَه اللهُم اسِعدَه طُولَ العُمر ...
سردجميل ووصف رائع ..يحملنا للعيش في تلك الحقبة وكأننا نجالسهم...حرف جميل ومشوّق
يعطيك العافيه اخي
دائم تأتينا بالجديد والمفيد
صديقك من يصارحك بأخطائك لا من يجملها ليكسب رضاءك
الصداقة بئر يزداد عمقا كلما أخذت منه
لا تفكر في المفقود حتى لا تفقد الموجود
البستان الجميل لا يخلو من الأفاعي
الابتسامة كلمة طيبة بغير حروف
سلمت يمناك اخوي
قلم كل العاده جميل وتواجد اجمل
دمت في حفظ الرحمن ورعايته
- اللهم اغفر لى و لوالدى,
و لأصحاب الحقوق على,
و لمن لهم فضل على ,
و للمؤمنين و للمؤمنات والمسلمين و المسلمات
عدد خلقك و رضا نفسك و زنة عرشك و مداد كلماتك.