وبصورة تقريبية، يستجيب خُمْسُ المُصابين بالأورام السرطانية للعلاجات من نوع "التخلّص من التوقّف في نقاط التحكّم"، بمعنى أنها مستندة إلى اكتشافي آليسون وهونجو، مع ملاحظة مثيرة قوامها أن نصف من يستجيبون لتلك العلاجات تستمر أجسامهم في نشاطاتها المناعيّة المُضادة للسرطانات، لسنوات عدّة.

هناك خلايا معينة في جهاز المناعة تتميّز بقدرتها على التهام الخلايا الخبيثة، وكل التراكيب التي يرغب جهاز المناعة في التخلّص منها. ويُشار إلى تلك الخلايا بحرف "تي" t. وشهد العام 2017، تطوّرات مهمة في المقاربات العلاجية المستندة إلى صُنْع خلايا "تي" مُعدّلة وراثياً بطريقة تجعلها شديدة الفتك بأنواع معينة من السرطانات. ويشمل العلاج استخراج خلايا "تي" جسم المريض، ثم تعديلها وراثياً بما يجعلها تتعرف بسهولة على الخلايا الخبيثة التي يجب مهاجمتها. وفي التفاصيل أن تركيبة سطح خلايا "تي" التي أُخِذَتْ من المريض، تُعدّل كي تكون متطابقة مع مؤشرات جينية معينة تبرز على "سطح" الخلية السرطانية. وعندما يُعاد حقن تلك الخلايا إلى جسم المريض، فإنها تنطلق وتسير بسرعة صوب هدفها المتمثّل في الخلايا السرطانية التي تحتوي تلك المؤشّرات الجينية، كي تضربها وتدمرها وتلتهمها. وتسمّى تلك الخلايا العلاجية الملتهمة "كار- تي" car t. ووصل معدل نجاح العلاج بتلك الطريقة إلى قرابة 90% عند الأطفال والشباب المُصابين بسرطان الدم اللمفاوي من النوع "ب". في المقابل، أظهر هذا العلاج أعراضاً جانبية كثيرة وشديدة ويصعب التعامل معها.

وحاضراً، صار العلاج بخلايا "كار- تي" و"التخلّص من التوقّف في نقاط التحكّم" أمراً متحققاً، لكن ثمة ثغرات كثيرة في أدوات الطب المعاصر في ذلك الحقل. إذ لا تستجيب سوى شريحة صغيرة من مُصابي السرطان للعلاج بالأدوية المستندة إلى "سي تي آل إيه- 4" و"بي دي- 1"، مع عدم وجود تفسير علمي وافٍ عن تلك الظاهره. وثمة تحديدات كثيرة تقيّد استعمال العلاج بخلايا "كار- تي" من بينها أنها تعمل على أنواع معينة من المؤشّرات الجينية التي لا تكون بالضرورة موجودة في السرطانات كلها، والأنكى أن بعض الخلايا الطبيعيّة تمتلكها ما يجعلها عرضة لهجوم خلايا "كار-تي" الملتهمة!

وتتمثّل أحد التحديّات المحورية في التعمق بتطوير طرق أكثر دقّة في التمييز بين الخلايا الطبيعية والسرطانية. ويلوح في الأفق أنّ مجموعة من المقاربات العلاجيّة المناعيّة للسرطانات، قد تستطيع التعامل مع تلك المشاكل بطرق مبتكرة.