https://www.gulfupp.com/do.php?img=94198

قائمة المستخدمين المشار إليهم

النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: كتابات الرائعة ( حنااايا..الروح)

العرض المتطور

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,977
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)
    الغائب الذي لن يعود

    قام من النوم مذعوراً وقطرات العرق تتراقص على جبينه. على الرغم من الجو الشديد البرودة
    قلب بصره في أرجاه المكان فتلقاه سقف الغرفة المزين بالنقوش القديمة
    تنفسا عميق فهو في بين أحضان غرفته
    ترى ماتفسير هذا الحلم التي يراوده مرارا...حلم مزعج تتجسد فيه البشاعة بكل تفاصيلها
    انسابت الى نفسه رائحه مألوفة لطالما احبها
    هي رائحة القهوة التي تحمسها الام على الجمرباعثة شعور بالدفى والحنان في هذا الجو البارد
    أدرك ان الفجر قد لاح ولابد للذهاب الى البحرباكر
    خرج مقتربا من امه الملتحفة بالشال والمتكورة على نفسها تحاول ان تتصدى به بروده النسمات البارده القادمة من البحر.
    احتضن رأسها وقبله بكل الحب قائلا(صبحك اللهبالخير يامي) التفتت اليه بابتسامه مشرقة(بالنور والسرور هلا حامد تعال القهوة جاهزة)
    جلس صامتا وكأنه يحاول ان يداري ملامح وجهه الشاردة لكنها أدركت من أصفرار وجهه ان هناك خطب ما..(خير يا ولدي وش فيك)
    اجاب وهو يحاول تحاشي النظر الي عينيها(سلامة راسك يمه بس قايم من الرقاد ومصدع) ابتسمت له وهي غير راضية عن تلك الاجابة فهي تعرفه حق المعرفة
    أنهى قهوته سريعا وودع امه ذاهبا الى البحر
    حامد هو الابن الاكبر لام حامد. توفي والده غرقا بعد 3سنوات من ولادته تاركا خلفة أرمله شابه التي لم تتجاوز ال18عشر وطفلا ذو الثلاث سنوات وتوأمين في احشائهما لم يعلماماذا خبئت لهم الدنيا
    تقدم الكثير لخطبتها متعهدين بكفالة صغيرهاوما في بطنها الا انها رفضت جميع العروض وقررت ان تتفرغ لتربية ابنائها (حامدوالتؤامين سعد وساعد)
    وهي اليوم في منتصف الثلاثينيات ولا تزال بجمالها وأشراقتها...كانت ترى في اولادها التعويض العادل من الحياة المجحفة...
    خرج حامد قاصدا شاطئ البحر حيث أصوات الصيادين والمتعالية ..منهم من يدندن بالالحان الشجية ومنهم من يعمل بكل همة ونشاط في اخراج الاسماك من الشباك بمساعدة الزوجات والابناء تمهيدا لنقلها للفرضة او(العصة) كما كانت تسمى للمزايدة عليها (المناداة)
    أبتعد حامد عنهم وسار بمحاذاة الشاطئ حتى وصل إلى بقعه لا يعكر سكونها سوى أمواج البحر التى تصافح الرمال وسرب لطيور النورس التي تجمعت حول بعضها وكأنها تنصت الى قصة تقصها احداهن
    لم يكن يعلم بأن احدهم كان يتبعه ..كان سارحافي الخيال حتى تفرق سرب الطيور وتناثرت وقبل ان يستدير الى الخلف كان كف صديقه خالد يربت على كتفه(انت هنا وانا ادور عليك؟؟ مريت البيت ولقيت خالتي أم حامد وقالت انك طلعت من نص ساعة)
    اجابه بابتسامة باردة( هلا خلود كيف أصبحت....ياخي ضايق بارضي ومن الصبح ).أقتضب وجه خالد وبادره بسؤال غير متوقع(رجعلك الحلم مرة ثانية؟) لم ينتظر الاجابة .فملامح حامد كفيلة باظهار ما خلف اضلاعه
    (طيب ليش ما خبرت خالتي ام حامد يمكن تعرف تفسره)نظر اليه نظره حانقة(انت استخفيت؟ امي لو اخبرها بالحلم كان منعتني اطلع البحر معاكم وانا ماصدقت تخليني.انت عارف بعد وفاة الوالد صارت تخاف من البحر)

    ضحك خالد وكأنه تذكر شيئا( ايه أذكر لما كنانلعب مرة على سيفة البحر وتأخرنا للمغرب وكانت تدور عليك ولما شافتك وثيابك خرسةماي أقشرتك بعسو لين بغيت تموت ههههههه)

    سأل خالد في سؤال جادك :خلود شو رأيك بالشركة الانجليزية الي تحفر للميناء الجديديقولوا رواتبهم زينه وشغلهم راحة
    رد خالد:هالسالفة منتهيه.انت عارف رأي أهلنافهذي السالفة..ما يبونا نحتك بهالشركة ولا بالانجليز
    هذولا ناس مالهم دين ..لا صلاة ولا عبادة وكلوقتهم خمرة وزمرة
    تنفس حامد بخيبة
    (ياثقل دمك انت...خلنا نروح زين)

    قفلا عائدين وشرعا يجهزان لركوب البحر ويضعان الشباك (الغل) في المركباستعدادا للصيد
    خرجا مع اول خيط للصباح وبعد غياب ساعات عادا محملين بأسماك الكوفر والبياح والشعري
    فالمنطقة تتميز بجبال وحواف صخرية تعتبر بيئةخصبة للاسماك القاعية
    عادالى البيت محملا باسماك البياح لعلمه عشق اخوته لهذا النوع من السمك

    بعد الاستحمام ذهب لاخذ قيلولة الى ان يجهزالغداء
    قامت الام باعداد محمر بياح (نوع من انواع الارزالمطبوخ بالسكر) وسمك مشوي ثم اجتمعت معابنائها في فناء البيت على وجبة غداء تفوح منها راحة المحبة
    .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. ..

    فجر يوم جديد ينهض التؤامان لاحضار الشهاداتفهما الان بالصف الثالث الاعدادي وقداجتازا السنوات الماضية بامتياز

    ترقبت الام عودتهما وما انا عادا وهم يحملان الشهادات بمراكز متقدمة حتى احتضنتهما الام ( روح خبر حامد يذبح التيس الاحمرويسلخه..بنسوي عرسيه وبنوزع على الحارة كلها)
    تمت مراسم تحضير الوليمة ثم توزيعها علىالبيوت والحارات

    سعد وساعد توأمين لهما نفس القواسم المشتركة..أفكارهم وتطلعاتهم متطابقة
    سعد( شو رايك نفاتح امي ونخبرها ان بنشتغل فيالاجازة في الشركة الانجليزية
    منهانكسب خبرة ومنها نجمع كم بيسة عشان تنفعنا لما نروح العاصمة للثانوية)

    تنهد ساعد وأجاب...(انت عارف رأيي بس امي مابترضى ولا عمي وخوالي
    ماأعرف ليش ماخذين هالفكرة عن الشركة
    ترى هالمشروع بيوفر وظايف كثير ..)

    (طيب شو رايك نكلم حامد بهالموضوع يمكن يقدريقنع أمي؟؟)
    ضحك سعد :اذا حامد بجلالة قدره ماقادر يفاتحامي عشان شغله بالشركه..تباه يتوسط لنا؟؟ اقول أنخمد بس أنخمد)
    .................................................. .................................................. ...........................................

    في الصباح الباكرنهض حامد كعادته مذعورا من الحلم الذى بات يقض مضجعه...

    حلم يتكرر بنفس التفاصيل ..يكبته بين أضلاعه ولا يسمع لاحد بان يشاركه مخاوفه سوى صديقه خالد
    يرى نفسه غارقا في كثبان من الرمال..يلاحقه وحش مبهم الملامح لا يتبين منه سوى أسنانه الكبيرة والتمداخله
    يحاول الهروب.. صقران يحومان فوق راسه محاولين
    انتشاله
    لكن الوحش يتمكن منه ويشطره نصفين
    ثم يرى والده يأخذ بيده ويمضي به الى مالانهاية.....)
    أصابه التخاذل وكتم انفاسه غم وهم

    قررالذهاب واخبار صديقه انه لن يذهب الىالبحر برفقته
    اراد الخروج فوجد امه أمامه بوجهها البشوشقبل راسها قبلة طويلة
    ثم استأذنها ذاهبا للبحر لملاقاته رفيقه..لكن قبل ان يقفل باب الدار عاد الى امه وتأملها طويلا
    أحتضنها حتى تشبعت رئتاه بعطر الياس الذي تخضب به شعرها..نظر في عينيها طويلا وقال....(ادعيلي يالغالية)
    ردت عليه(الله يرضى عليك يا روحي)
    خرج مسرعا ليجد زميله يشتاظ غضبا لتأخره وقداحضر معه شخص أخر محل حامد
    فبادره بنبرة سخرية(لوماجيت..ليش ماكملت رقادك يالرثعة)
    صمت حامد ولم يستطيع الرد فخالد في حاله لنيستطيع تفهم عذره انه هو تخلف عن مرافقتهم

    (روح خلاص روح..الناس ترزقت ورجعت ونحن نحرسك من الفجر..يالله يا ناصر سرينا)
    حامد بضيق(خلاص زين راحت علي نومه..انا جاي معكم يالصدعة ...صايرة كأنك ديده شيخوه بهاللعيان)
    ذهبالثلاثة وخاضوا عرض البحر وكانوا يصطادون السمك بالخيط(مايعرف بالحداق)
    وهو القاء خيط نايلون به صناره وما ان تلتقفه السمك يسحب الىالقارب ثم يرمى مرة اخرى
    بعد مضى ساعات عادوا بأعداد قليلة من اسماك السهوة
    ناصر كان اكبر سناً من حامد وخالد وذو درايةكافية بأخطار البحر وذلك لكثرة تجاربه مع والده في البحر
    وبعد ان يأسوا من صيد المزيد وبسبب الشمس الحارقة قرروا النزول الى البحر
    لينتعشوا ويبردوا تلك الاجساد التى انهكتهاالحرارة..ظلوا يسبحون ويغوصون حتى اكتفوا
    صعد ناصر وخالد الى القارب بينما ظل حامديسامرهم وهو في عرض البحر
    وفجأة اتسعت عيناخالد وبدت عليه علامه الهلع ( حامد تعال اطلع من البحر المح سواد يتحرك تحتك...)

    ارتعب حامد وراى ذلك الظل الذي يحوم حوله...(وش هذا جرجور ولا هيش؟؟)
    تفحص ناصر الماء جيدا وقال( شكلها ذيبة الله يسلمنا من شرها)
    كانت سمكة القرش اكبر من القارب وكانت تحوم بشكل دائري حول حامد واحيانا تدفعه بمقدمة أنفها
    (حامد اثبت ولا تتحرك جمد جسمك..وان شاء الله بتروح)..ناصر بصوت خافت
    مرت الساعات وحامد بدأ تضعف قواه..كنت السمكةتبتعد عنه ولكنها تاتي مسرعة كلما شعرت بحركة منه وكأنها تشتم رائحة دماءه من جسده
    اخيرا قرروا القيام بحاوله اخيرة..
    قال ناصر(مافي حل الا ان نرمي السمك بعيد ولما تروح الذيبة للسمكة بنرفعه للقارب
    بدأوا التجربة في اول سمكة وبالفعل سبح القرش الى السمكة وفي لمح البصر والتقف السمكةثم عاد يحوم تحت اقدام حامد الذي لم يسعف الوقت اصحابه لسحبه بالوقت المناسب
    كرروا التجربة وكانت السمك تلتقف الاسماك ثم تعود في بسرعة البرق
    لم يتبقى سوى سمكة واحدة تعلقت امال الشابين بها كتعلق حامد بهما...مر عليه شريط الحلم بتفاصيله وأدرك انه لن ينجو
    كأنه عرف أخيرا تفاصيل الرؤيا التى افزعته ليال طوال
    قام ناصر برمي السمكة الى ابعد مدى استطاع بلوغه وثم حاولا سحبه بقوة من الماء
    لم يحسبا ان سمكة القرش في منتصف المسافة بين حامد والسمكة الملقاة وما ان شعرت بان جسمه يتملص من البحر حتى قفلت ادراجها واوثبت عليه وثبه من منصف جسده رافقته صرخة حامد الى ضاعت وسط اتساع البحر وغاصت السمكة وحامد بين فكيها
    اهتز القارب من قوة الصدمة.. تذكر خالد حامد وتفاصيل حلمه .. تيقن هلاكه ولكن من الفاجعة اخذ يصرخ حتى فقد وعيه
    اما ناصر فقد حاول ان يتماسك ويقلب في البحرلعل وعسى يستطيع حامد ان يخلص نفسه من بين براثن ذاك القرش المفترس..تأمل بمعجزة ودعا رباه يالله
    لحظات مرت أستفاق فيها خالد وهو لا يدركه ماالذي حدث توا
    كانت الدموع والبكاء يملئ القارب ..وكل لحظةتمر تتضاءل فيها فرص نجاة حامد
    خالد( يارب رحمتك..وش أقول لخالتي أمحامد..انا السبب ..أنا السبب)
    فجأة ترأءى لهم شي يطفوا على السطح وسط بركة حمراء من الدماء تتسع شيئا فشيئا
    لم يكن سوى جسد حامد حاولو ا توجيه القارب وانتشاله ليفزعهم بشاعة المنظر..كان جسمة منشطر الى نصفين
    طفى الجزء العلوي ليكون شاهدا لما حدث بينماالتهم القرش النصف السفلى...قاموا بغطاء ماتبقى من جثته بملابسه
    ناصر(يالله ياخالد ..ترى المكان صار خطيرعلينا..الدم بيجذب وحوش زيادة وبيزيد عدد الجراجير)
    ابتعدوا متوجهين الى القرية التى ما ان وصلهاالنبا حتى اكتست بالسواد وخيم الحزن دروبها وحاراتها
    مرت ايام العزاء صعبة مريرة على كل من عرف حامد..اما خالد فقد اعتكف في بيته واضرب عن الطعام فبشاعة الفقد كان وطئها شديدعلى نفسه
    اماأمه فقد ذبلت وذهب بريق عينيها من كثرة البكاء..كانت تترد عليها ذكرى لحظاته الاخيرة معها..تقبيله لرأسها وعودتها لاحتضانها
    وكأنه كان يرتوي من حبها..ربما هي فراسة منها لعلمه بأن ذهابه ليس له رجوع
    أقسمت ان لا تسمح للبحر ان يختطف المزيد من احبائها
    ذهبت الي الحاج سعيد
    احدى الذين التحقوا بالشركة الانجليزية وحملت معها اوراق سعد وساعد طالبة منه توظيفهما حتى تقطع كل صلة لهما بهذا البحر الجاحد
    مرت الايام...التحق سعد وساعد بدورة تدريبيةفي الادارة وذلك تمهيدا لالحاقهم بالعمل كمشرفي عمال
    ام ام حامد فكثيرا ما كانت تجلس امام الباب وكأنها تنتظر عودة غائب قد يطل في اي لحظة
    يتهادى لها خيال حامد قادما من البحر بشعره الذي تتساقط منه قطرات الماء المالحة
    وبجسده الملطخ بحبات الرمال وقطع المحار الصغيرة
    حاملا لها سكمة التقطها من خياشيمها
    بجسمه الممشوق مع سمرة زادته جمال ووسامه اضافتها لفحة الشمس

    تسقط منها دمعة حارة تعيدها لواقعها المر بان غائبها ابدا لن يعود

    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



  2. #2
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,977
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)
    القصاص الالهي

    قصة أدرجتها في مدونتي سابقا وأحببت مشاركتكم بها....

    في احدى مواسم القحط والجفاف التى غزت البلاد...وفي قريه جبليه بعيده.عانى السكان من قله الامطار وانخفاض منسوب مياه الابار وجفاف الافلاج
    اصبحت المياه تجلب من مناطق في صهاريج باسعار مرتفعه..هناك يقبع بيت ابو وليد .رب اسرة ل6بنات وولد واحد وهو وليد الاعجم او هكذا يعرف عنه
    ولد وليد فاقدا لنعمه السمع والنطق..حزن والده لذلك لكنه لايملك السبيل لتغيير قدر ابنه..فرضى بما اعطاه الله..وليد ذو ال11ربيعا..على الرغم من مافقده لكنه اثبت نباهته ورجاحة عقله..
    كانت لغه الاشارة سبيل التواصل مع اقربائه..فان اراد الاشاره لرجل رسم باصبعه خط فوق شاربه وان اراد وصف امراة وضع يده فوق راسه عمودي ليفرق شعره يمين ويسار...
    ذات ليله اشار ابن عمه والد وليد ان يصحبه الى العاصمه ليلتحق بمركز لذوي الاحتياجات الخاصه..ليتعلم صنعه. تفيده وتضمن مستقبله.
    وافق الاب بعد ان قلب الفكره في عقله فهو لن يدوم له ولابد ان يعتمد على نفسه في صنعه يعتاش منها
    غادر وليد القريه بعد وداع حار بينه وبين اسرته فهي المرة الاولى التي يغادر فيها البلده الى العاصمه
    في بادئ الامر تم رفض قبول التحاقه بالمركز لكبر سنه..الا انه بعد محاولات عدة تم قبوله مراعاته لوضعه المعيشي..
    كانت السنوات الاولى هي تعلم لغه الاشارات لكي يستطيع التواصل مع الاخرين ودراسه بعض المناهج..
    وبعد سنوات تخرج و التحق بتخصص نجارة.وجد وليد عالم قريب الى قلبه.عالم خالي من الصراخ والضجيج تكاد لغة الاشارات ان تكون هي السمه السائدة فيها..
    على الرغم من تنوع الاعاقات بين الملتحقين في المركز ,الا ان الود والاحترام والتسامح كان الجو السائد بين مرتاديه
    كانت الاحوال في الورشه سيئه تفتقر الى ابسط مقومات السلامه.كما أن وقت العمل اطول من ماهو مسموح..
    المشرفين وبعض المسؤلين كانوا يفرضون رسوما على وجبات الطعام والمسكن على الرغم ان المركز يوفرها مجانا..
    وكانت الاصابات الناجمه عن افتقار ادنى مقومات السلامه تعوض بمبالغ رمزيه على الرغم ان لوائح وقوانين العمل تنص على اضعاف هذه المبالغ في حال الاصابه اثناء تأديه العمل.
    مستغلين جهل مرتادي المركز بحقوقهم وغياب الرقابه عنهم..نشأت صداقه قويه بين وليد سيف على الرغم من اختلاف اعاقاتهم..فسيف مصاب بشلل في الاطراف السفليه
    الا انهم اصبحا مكملين لبعضهما..كان سيف الناطق بلسان وليد..فكلما اراد الاطمئنان على اهله اتصل بجاره (الذي يكاد يكون الوحيد ذي يمتلك هاتف فالقريه)
    فيطمئنهم سيف بعد ان يتقمص دور المترجم لكلام وليد من لغه الاشارة إلى لغه الكلمات..
    كذلك وليد اصبح الساقين اللتين تحملان سيف حيثما اراد فلم يعد يخشى الذهاب الى البحر او تسلق عتبات المراكز..
    وفي احدى الايام في ورشه النجارة كانوا المنتسبين ينجزون اعمالهم تحت ضغط الحر والضجيج لاتوجد سوى مراوح تبرد لهيب الصيف الحارق.
    ليسقط احد العمال وبعد ساعه يسقط الاخربسبب الحرارة المرتفعه والاعياء...وفي تلك اللحظه تدخل سيده انيقة الورشه بدون موعد وترى الكارثه...
    كانت تلك السيده ابنة صاحب المؤسسه جاءت في جوله مفاجئة دون انذار مسبق..استدعت جميع المشرفين والمدراء وقامت بأحضار سيف لكي يترجم لها شكاوي زملائه ومطالبهم...
    فجعت من هول التجاوزات التى تحدث وجرائم المشرفين الذين يجبروهم للعمل فوق المعدل المسموح لحسابهم الخاص
    تم احاله المتورطين للتحقيق وتحقيق مطالب العاملين كزياده الاجر وايجاد بيئه مناسبه وصحيه ضمن اشتراطات السلامه
    وفي احد الليالي حيث يستعد وليد للعودة للقريه بعد ان حصل على اجره .واثناء عودته هو وزميله من سحب الراتب من
    آله الصرافة..رأى وليد شاب يبيع الذرة على طرف الشارع فاشار على سيف ان ينتظره ليعبر الشارع ويشترين كوزين من الذرة
    وحينما كان يهم بالعودة لما يشعر سوى بتلك الشاحنه التى قذفته امتار عاليه ليسقط وليد غارقا في بركه الدم..
    غير مدرك لابواق الشاحنه التي حاولت تنبيهه ولا لصراخ سيف الذي سمعه جميع من بالشارع سوى وليد الفاقد للسمع
    رحل وليد تاركا الدنيا وحوله كوزين من الذرة لرفيق عمره سيف..سيف الذي استوعب اخيرا عجزه واعاقته بعد ان كان متناسيا اياها بوجود وليد
    وصل جثمان وليد الى القريه ليوارى الثرى بين اهله واحبته الذين لطالما احبوه واحتضنوه..بكت القريه فقيدها ..وحين ارادوا تغسيل الميت لم يجدوا الماء اللازم ..
    واصحاب الصهاريج كانوا يأتون يوم بعد يوم ولم يكن ذاك اليوم هو موعد حضورهم..لم يكن هناك حل سوى الذهاب الى مزرعه منصور..تلك المزرعه القابعه خلف الاسوار. فبها بئر لا ينضب ابدا..
    لوقوعها على ضفه احدى الاوديه.ذهبوا اليه ليأذن لهم بتغسيل الفقيد استعدادا لدفنه والماء شحيح..وقد قيل ان الماء اهون موجود وأعز مفقود..ليصدمهم عن السعر الذي يريده مقابل تغسيله..
    كان المبلغ كبيرا ليتدخل مصلحون على خفض المبلغ..تعهد ابو وليد بالدفع بعد انتهاء العزاء
    على الرغم من احواله الماديه الضيقه الا انه قرر دفع المبلغ المتفق حتى لو اضطر لرهن بيته على ان يدين نفسه لذاك
    الجشع
    ثاني ايام العزاء حضر اصحاب الفقيد ورفقاءه بالورشه معزين ليسلموا الوالد المفجوع محفظته واغراضه ومبلغ من المال جمعوه لعلمه بضيق الحال ..
    فكم مرة قاسمهم همومهم واقرضهم من ماله..حمل الاب قسما من المال ليسدد الدين لصاحب المزرعه..حامدا ربه وداعيا لفقيده بالمغفرة ..
    فهاهو يقف معه في احلك الظروف كانه يأبى ان يذل والده وهو في قبره
    كانت نظرات صاحب المزرعة تائهة كلماته مبعثرة وكانه في عالم اخر .لم يفهم من حديثه سوى انه لم يعد يرغب بالمال
    .لكن الاب المكلوم وضع المبلغ في حجره قائلا..لقد اشتريت منك ماء بمبلغ وقدره ووعدتك بسداد الدين بعد انتهاء العزاء ..امام الله والناس..وها انا ابر بوعدي وابري ذمتي والمال في يدك الان
    مزقه او احرقه او وزعه إن شئت فلم يعد ذلك شأني..تركه خلفه ومشاعر لايوجد لها تفسير على محياه..
    ايام والقريه تقبع خلف سكون غريب..هل هو بسبب موت وليد..ام ماذا؟
    لتأتي الوشايه من خلف اسوار المزرعه على لسان عامل المزرعه الوافد..
    فقد اسر لاحد العاملين من بني جنسه بان الهدوء سببه اختفاء صوت الناطور الذي يسحب الماء من البئر..
    فالبئر بعد تغسيل الميت ودفنه قد جفت وتبخر مافيها من ماء بين ليله وضحاها
    وانهم احضروا عمال من خارج القريه لحفر البئر فلم يجدوا سوى الصخور الصماء الصلبه كصلابه قلوب الناس
    وانها تسعر حرارة لم يستطيعوا احتمال البقاء فيها سااعه
    لتنتشر هذه القصه مثل النار بالهشيم
    ربما هو القصاص العادل وربما هي عبرة لنتفكر ونعلم ان القادر على العطاء قادر على سلب النعم من المتكبرين والمجحفين لحقوقها

    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



  3. #3
    كاتبة خواطر في السبلة العُمانية الصورة الرمزية اسطورة لن تتكرر
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    الدولة
    بين نبض حكاية ودمعة فرح
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    18,977
    Mentioned
    49 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)
    الفتاة الغامضة

    كثيراً ما نسمع عن قصص مبهمة وغير مفهومه..تكثر فيها التفاسير تتعدد فيها الأراء
    قصة اليوم قصة حقيقية100%..عاصرت تفاصيلها ولم اجد تفسير لها
    فأطرحها لكم لعلي أجدتفسيراً مقنعا

    في ليالي الشتاءالباردة اعتدنا الخروج للعمل باكريين قبل الاذان حتى نتفادى زحمة السير الخانقة ونتمكن من الوصول الى اعمالنا بالوقت المحدد

    كنا نؤدي صلاة الفجر بعد انطلاقنا بإحدى المساجد القريبةوالتي يتصادف وجودنا قربة لحظه شروع الصلاة
    وفي احد الأيام أخبرني زوجي بأنه بصدد الذهاب الى مسقط لانهاء بعض الاعمال وقد إقترح مشكورا توصيلي بدل الذهاب بالباص
    والجلوس المتعب..فوافقت
    عند الصباح تهيئنا للإنطلاق باكرا.وعند انطلاق اصوات الاذان معلنه دخول وقت الصلاة توقفنا بأحد المساجد المحاذية للطريق العام للصلاة . وكان مصلى للنساءيحاذيه وامامها مواقف للسيارات
    كان من عادة زوجي إذا اضطررنا للوقوف للصلاة أن ينتظر في مكانه لحين دخولي ومعاينتي المكان
    فأن وجدت به بعض المصليات او ان المكان أمن اعطيه الضوء الاخضرللذهاب
    وبالفعل دخلت التفت يمينا ويسارا في نظرة خاطفة ..فوجدت إحدى الفتيات تصلي فطمئن قلبي
    خرجت لارفع ابهامي لزوجي القابع في السيارة في انتظار اشاره الامان .دخلت للمصلى وانطلق زوجي للمصلى الرجال
    رأيت الفتاة في ركعتهاالثاية وهي على وشك الانتهاء
    أفترشت سجادتي وبدأت الصلاة محاولة طرد تلك الوساوس بان الفتاة سوف تنهي صلاتها وتذهب وابقى وحيدة
    لن يسمع صراخي وتوسلاتي احد ان هاجمني شيء ما
    انتهيت من السنه وسلمت لاجدالفتاة خلفي تنتظرني افرغ من الصلاة
    وكأنها شعرت بخوفي وقرأت ماوراء جعبتي
    اكملت صلاتي في سكون وبعدالانتهاء قمت لأسلم على الفتاه فبادرتني بالتحية الصامتة وابتسامة ناصعه تشع من محياها
    خرجنا سوينا نمشي جنبا الى جنب دون اي كلمة وقد اجتزنا الممر الفاصل بين مصلى الرجل ومصلى الساء
    وبتنا قريبا من المواقف حتى رأيت زوجي يقبع في السيارة ووميض هاتفه يضئ ا أرجائها
    كنت اسمع صوت الفتاة واشعر بعبائتها تلامس اطرافاصابعي واسمع خطواتها
    التفت لجانبي حتى اشكرالفتاة وأودعها فلم اجد لها اثراً وكأنهاتبخرت
    التفت خلفي فلربما تراجعت خلفي او ارادت لعوده لمصلى لكن لم اجد شيئاً
    لم أستوعب ما حدث وأكملت مسيري وثم انطلقنا الى مسقط
    وفي شرود وذهول بدأت في إسترجاع مجرى الاحداث والتمعن فييها
    فقد اجتزنا ثلاث أرباع الممر المؤدي من مخرج المصلى الى المواقف فلو عادت الفتاة افتراضنا للخلف لكنت لمحتها
    فلم اغفل عنها سوى طرفة عين

    سألني زوجي : الى اين وصلتي؟
    اخبرته بما حدث ووضحك بإندهاش وأخبرني انه لم يرى أحد بجانبي ..وانه لاحظ اني توقفي لبرهة والتفاتي للخلف لكن لم يكن بجانبي احد
    شعرت بالرهبة وكأن تيار كهربائي يجري في اوصالي حتى توقفت شعيرات يدي
    هل من الممكن ان تكون هذه الفتاة من العالم السفلي ؟
    واليوم بعد سنوات كلما مررت بجانب ذلك المسجد استرجع ذكريات غامضة لم اجد لها تفسير
    نظرة مليئة بالرهبة والغموض



    تمت0....

    تعامل مع هذه الحياه
    وكأنك ممسك بوردة ذات لون ومنظر ورائحة جميلة
    تستنشق شذاها وتحذر شوكها وأنت ممسك بها



ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة للسبلة العمانية 2020
  • أستضافة وتصميم الشروق للأستضافة ش.م.م