خطاب صاحب الجلالة السلطان المفدى بمناسبة يوم النصر على قوى التمرد ‏ في 11/12/1975م



بسم الله الرحمن الرحيم ‏

أحمد الله حمد من وطر الإيمان بقلبه فإستوثق بوعد ربه في قوله عزوجل "وكان حقاً علينا نصر ‏المؤمنين". حمد مستيقن بإن الله مع الذين إتقوا والذين هم محسنون. وصلاة وسلاماً على رسول ‏الله نبينا محمد الذي دعا إلى الإسلام وثبت دعائم السلام بذباب الحسام فإنتشرت الدعوة الإسلامية ‏إرشاداً بتبيان اللسان ودعماً وتثبيتاً بلسان السنان.‏

أيها المواطنون:‏
إنني أحيي تجمعكم الحماسي هذا وأهنئكم تهنئة العزة والكرامة, على إندحار أذناب الشيوعية من ‏تراب وطننا العزيز, وشاء الله أن يكون هذا الإنتصار مسك ختام إحتفالاتنا بالعيد الوطني الذي ‏إفتتحنا بحمدلله مشاريع عمرانية عديدة, كما شاءت إرادة الله الحكيمة أن يكون إنتصارنا هذا فاتحة ‏سعيدة نحتفل فيها بعيدين مباركين عيد النصر وعيد الأضحى المجيد, فلذلك أهديكم التهنئة ‏المزدوجة بالعيدين معاً.‏

أيها المواطنون:‏
عيد الأضحى هو ذكرى أبينا إبراهيم عليه السلام, حيث صمم على التضحية بولده إسماعيل ‏إمتثالاً لأمر ربه وفداه الله بذبح عظيم, وعيد النصر هو ثمرة تضحية أبنائنا الجنود والفرق ‏الوطنية وكل من ساهم من الأصدقاء , إنها تضحية بذلوا فيها النفوس وقدموها كقرابين مقدسة ‏لينقذوا أوطانهم ويفدوا إسلامهم ويفدوا السلام والأمان من عبث الشيوعية داعية الرعب والفساد ‏في الأرض, والحمدلله حيث تقبل عزوجل الفداء وأنزل نصراً وتثبيتاً من عنده وطرد المعتدين ‏الباغين.‏

يا أبناء عُمان البواسل:‏
إني إذ أحيي إحتفالكم اليوم وأبارك إنتصاركم على عصابة البغي في جزء من الوطن العزيز, ‏فإني أبارك هذا الإنتصار لا لأنكم طردتم المعتدين من البلاد فحسب بل ودحرتم مخططات ‏الشيوعية العالمية ونكستم رؤوس الإلحاد التي ظنت أنها لن تغلب, لذلك فإنتصارنا هذا بحمد الله ‏هو أول إنتصار على الشيوعية العالمية تقوم بها دولة عربية في ميدان القتال , في حرب دامت ‏سنين طويلة وثاني إنتصار تقوم به دولة عالمية , وإنه لخير عميم أيها الأبناء أن تظهر البلاد من ‏الرعب والقتل والدمار في جزء من بلاد آمنه مطمئنة , يقتلون أخوة لهم ويسلبون أموالهم ‏ويخربون بيوتهم لا لشئ إلا للرعب والنهب والخراب, فأرجو أن يعلم جيراننا إننا صادقون فيما ‏قلناه أولاً وصادقون فيما نقوله أبداً. إنه من الخير لجيراننا ونحن نحتفل بعيد الأضحى من الخير ‏أن يضحوا بأهوائهم الباطلة ومعتقداتهم الفاسدة وأفكارهم المشوشة ومبادئهم المستوردة عسى الله ‏أن يتقبل منهم ويعوضهم أمناً في ديارهم وبركة في ثمارهم وعافية في أجسامهم ليستريح شعبهم ‏من التشرد والجوع والمرض والجهل.‏


أيها المواطنون:‏
إن إنتهاء فلول الشيوعية من جبال ظفار ليس معناه إنتصاراً على شراذم قليلة قاموا بالبغي والفساد ‏فحسب, ولكنه كشف واضح لحقيقة ثابتة وهي أن عماننا العزيزة أرض طاهرة لا تقبل بذور ‏الحركة الشيوعية مهما حشدوا لها من طاقات, وإنتصارنا هذا يؤكد فشل الحركة العالمية الشيوعية ‏في عمان وذلك من فضل الله ولله المنة.‏


يا أبناء عُمان:‏
نحن وإن كنا حققنا نصراً عظيماً له قيمته الكبرى وله وقعه الثقيل , في الأوساط السياسية, فليس ‏معنى هذا أن نرتاح ونلقي السلاح, لا.. فعلينا الآن أن نكون أشد حذراً, لأن الشيوعية الدولية التي ‏صدمت في كبريائها وخفف من غلوائها سوف تعتبر عُمان الفأس التي حطمت صخرة الشيوعية ‏والرمح الذي طعنها في الصميم , لذلك فسوف تكن عداء حاقداً وتبتكر أساليب جديدة وتنسج حبائل ‏مبتكرة وسوف تستعمل ضعاف العقول ومريضي القلوب, أناساً إذا رأئتهم تعجبك أجسامهم, وإن ‏يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة.‏

أولئك – أيها المواطنون – سرطان الأمم, نعوذ بالله منه, فإحذروهم أيها المواطنون, وبصفتي ‏أتحمل المسؤولية الكبرى فإني أهيب بأبناء عٌمان فرداً فرداً سواء كان جندياً أو مواطنا في الحقل ‏كان أو في المصنع أو معلماً , أهيب بهم جميعاً وأخص بالتحذير المسؤولين في الجهاز الحكومي ‏كتاباً ومدراء ومستشارين ووزراء , فعلى كل هؤلاء مسؤولية عليه أن يتحملها , وقسط من عبء ‏عليه أن يقوم به, يا أبناء عُمان, إني وإن كنت واثقاً بنصر الله وتأييده راجياً من الله جلت قدرته ‏أن يحرس عمان برعايته ويكلأها بعنايته, غير أننا لا نترك أوامر الله عزوجل حيث أمر بالحزم ‏والأخذ بالعزم وأحمد الله إني واثق بإخلاصكم متأكد من إنتباهكم فخوراً بيقظتكم , فسيروا على ‏بركة الله مجدين مجتهدين عاملين على رقي هذا البلد الأمين ورفعة شأنه , وتحية من الأعماق ‏لجنودنا البواسل, وسلاماً وإعجاباً لفرقنا الوطنية , وشكراً وتقديراً لأصدقائنا الكرام , وثناء لكل ‏من ساهم في إحراز هذا النصر الكبير , والله أسأل وهو خير مسؤول أن يمدنا بعونه ويؤيدنا ‏بروح من عنده وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب , وكل عام والجميع بخير تام.