تفاصيل من قصة المرأة التي تركت وحيدة في الشارع
أثير – المختار الهنائي
تجلس على كرسي متحرك، تناظر ببصرها يمنة ويسرة لعل هناك من يأخذها بيده ويدفع كرسيها المتحرك لمكان أفضل من الشارع الذي تتواجد فيه، هي قصة تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي عن امرأة كبيرة في السن تُركت وحيدة بجانب محطة لتعبئة الوقود في إحدى ولايات السلطنة، وتفاصيل غريبة رافقت ما تم تداوله.
الموضوع ليس غريبًا فقط على مجتمعنا العماني، بل هو مستحيل، فما زال التكاتف الأسري والاجتماعي حاضرًا وبقوة في مجتمعنا، وما زال الخير ينبض في قلوب الأبناء، وما زالت التربية داخل المنزل تُخرج للمجتمع أجيالًا أكفاء على أنفسهم وعلى من حولهم.
بدأت القصة حين وصلنا منشور عن قصة وصفت بـ”الواقعية” حدثت في ولاية سمائل عن امرأة كبيرة في السن تجلس على كرسي أمام محل في إحدى محطات الوقود بالولاية، وتم تداول الخبر عنها بأن ولدها تركها عمداََ ولم يرجع لها، وهي من ولاية بعيدة!
تواصلنا مع مجموعة من المواطنين في الولاية للتأكد من صحة الموضوع، وكل واحد منهم أكد الحادثة ولكن التفاصيل غير دقيقة، نصحنا أحدهم بالتواصل مع عضو مجلس الشورى ممثل ولاية سمائل سعادة محمد الحسني، كونه يتابع الموضوع منذ بدايته، تواصلنا معه وأكد لنا فعلا ما حدث ولكن بتفاصيل مختلفة قليلًا.
يقول الحسني بأن ما حدث هي سابقة على مجتمعنا، كيف تترك امرأة كبيرة في السن وحدها دون رعاية، وأكد بأنه فور تلقيه الموضوع من المواطنين تواصل مباشرة مع الجهات المختصة ممثلة في دائرة التنمية الاجتماعية بولاية سمائل وقامت وزارة التنمية بتبني الموضوع مباشرة وفق الإجراءات التي تنص عليها القوانين في السلطنة والتي تجرم مثل هذه الأفعال.
لاحقًا وبعد بحث آخر أجرته الصحيفة، تبين بأن مواطنين تقدموا ببلاغ إلى شرطة عمان السلطانية وأيضا وزارة التنمية الاجتماعية ومستشفى سمائل لكي تتلقى المرأة العناية، بعد أن أخبرتهم هي بأن ولدها تركها متعمدًا.
من جانبها قامت وزارة التنمية فور تلقي البلاغ باتخاذ مجموعة من الإجراءات، أولها نقل المرأة إلى المستشفى، وقد خضعت لفحوصات شاملة منها فحص كورونا وفحوصات أخرى، وتبين بأنها تعاني من الفشل الكلوي وبحاجة إلى غسيل كلى بشكل مستعجل، وقد تم تشخيصها بأنها بحاجة إلى غسيل لثلاث مرات أسبوعيًا.
كما قامت الجهات المعنية الأخرى بالتوصل إلى أهل المرأة، وتبين بأن لديها 3 أبناء وبنتين، وهم من سكان محافظة أخرى، وبعد التحقيق تبين بأن ولدها الذي تركها في الشارع يعاني من اضطرابات نفسية، وليس كما تم تداوله بأن السبب يعود لرفض زوجته بقائها في المنزل.
قامت وزارة التنمية بدورها بمخاطبة دار الرعاية الاجتماعية في الرستاق، وأبدت الدار استعدادها لاستقبال المرأة ولكن وحسب الإجراءات فأن المرأة لديها أبناء وهم مسؤولون عن رعايتها بل ومن واجبهم ذلك، فقامت الوزارة وفق دورها بالجلوس مع الأبناء وتوقيعهم تعهد مكتوب برعايتها والاهتمام بها.
من جانب آخر ووفق مادة قانونية نشرتها “أثير” في وقت سابق فإن قانون الجزاء العماني قد نص على مسألة ترك الوالدين وعدم الإنفاق عليهما وأن الركن المادي لهذه الجريمة يتمثل في مجرد الطرح أو التسييب، أي بمعنى تركه وحيدًا، وعدم الاكتراث بحالته وحاجته.
وقد تناول قانون الجزاء العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (7/2018) في الباب الثامن منه، الذي تضمن الجرائم والعقوبات التي تمس الدين والأسرة والمجتمع، حيث نصت المادة (279) على أنه: (يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 10 أيام ولا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن 100 ريال ولا تزيد على 500 ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين……. الولد القادر على الإنفاق إذا ترك أي من والديه العاجزين عن الكسب والرعاية).
ووفقا لما قررته أحكام الشريعة الإسلامية، وأحكام المادة (279)، يتجلى بأن الأصل في المسؤولية عن رعاية العاجز تكون على الأبناء أولا، وليس لهم التنصل منها لأن في ذلك عقوقا للوالدين، وأن الاستثناء عن هذا الأصل يكون في حالة عجز الأبناء عن رعاية والدهم بالصورة التي يرضاها الشرع الحنيف، أو أن بقاء الوالد مع الابن شكل عليه ضررا جسيما يجعل من الأفضل لرفعه أن يبقى الوالد في الدار المعدة للرعاية.
Read more:*https://www.atheer.om/archives/55963...#ixzz6vDF4VabZ