لولا الأمل واستشراف القادم المشرق لعاش الإنسان حياة الميت ، غير أنه جسدا يتحرك وروحا منزوعة الحضور ،
يتكالب عليه حزن مدقع ، وهم مفزع ، وضيق يخنق أنفاسه ، حتى من شدة ما يلاقيه يستجدي الموت أن يعجل في مماته ،
يذيع أشجانه لغير عاقل ، كجماد ، أو نبات ، أو خلقٍ من غير بني الإنسان ،


فقد جعلها له مؤنس ، ومتنفس ، يبوح لها ما اضناه وانتابه ، عميق هو ذلكَ الجرح قطع أوصال قوامه ،
وهشم أركانه ، كم هو صعب ذاك الفراق ، ومن حولنا يلقي اللوم على المحب ،
ولو أنه عاش واقعه لما تمنى أن يكون مكانه ،


يُسمّون المحب العاشق بأنه مجنون آبق ،
وعلة قولهم بأن النساء كثر لو كان لهن ناظر ،
ولا يدري ذلكَ المعاتب ماذا تعني حبيبة ذاك المحب ومالها في قلبه من مآثر !


فهو يرى فيها سعادته ، وهي قمره وشمسه ، وهي زاده وشرابه ، وهي سماءه وأرضه ؛
وهي أنفاسه ونبضه ، كم ظلموا العاشقين ! فما عاد لهم من مشفق رحيم !
حتى تجد قبورهم مقفرة من الزائرين ، قد اندرس رسمهم ، ونسي اسمهم ،

ف"
ذاك سيدي هو حالهم " .