.
.
16/9/2022
اليوم هو يوم العزاء الثاني،
أنزوي بنفسي قليلاً لأكتب ..
برودةٌ تغزو قدمي من سُلَّمِ المنزل ،
هذا الركن الذي وجدته خاليًا بعد عناء !
أتأمل مدخل منزلهم وأعودُ بالزمن قليلاً ،
إلى 1 شوال، عيد الفطر المُبارك
ضجَّةُ العيد وفرحته هذا العام ..
أردنا أن تكون في منزل عمتي [حبيبة]
فقد بَعَّدتنا الظروف والمسافات ،
منذ صغري أحب الذهاب لمنزل عمتي،
لذا غمرتني السعادة حينها،
.
ثم تَبِعتنا العائلة كلها،
أعمامي وأبناؤهم أتوا واحدًا تلو الآخر، ويزداد حجم الفرح كلما ازدادوا..
أما هي فكانت جميلة الحضور ..
كما اعتادت أن تكون،
استقبلتنا بحُبٍّ،
ضحكةٌ كالغيم حديثٌ كالسلسبيل !
لكن ، جسدٌ هزيل تعاونت عليه الأمراض فأنهكته،
رغم فرحة اللقاء،
رؤيتها بتلك الآلام أرهقتنا ..
كانت سعيدة لرؤيتنا جميعًا حولها بعد غياب طويل ،
كانَ العيدُ عيدين ..
ولا زال طيفه حاضرًا في منزلهم وفينا !
لا زال طعم الحَلويات في فمي حلوًا،
لا زالت الضحكات تعلو في أذني،
الأثواب الجديدة تتلألأ،
العطور تراقص الهواء، الجمال يهرول متنقلاً يبحث عن أيّنا الأجمل،
ولم يجد أجمل من عين عمتي ليستقر بها وهي تردد بفرحة :
" الحمدلله شفتكم كلكم ، الحمدلله شفت أخواني "
بدا لي وكأنه وداع !
إلا أنني طردتُ الفكرة وتجاهلتها ..
هذا السُّلمُ لجأتُ إليه لأكتب فرحتي ،
وها أنا اليوم أتكئ بكل حزني على السلم نفسه ..
أنظرُ للمدخل،
حيث التقطت بيديّ لهم صورةً معها ،
ولم أدرك حينها أنها الصورة الأخيرة التي ستجمعنا بكِ يا حبيبة أرواحنا ..
في طريقنا إلى هنا إثر خبر وفاتكِ ظننت أنني سأقوى على أن لا أبكي أمام بناتكِ ،
إلا أن قلبي كاد يخرج من صدري عند وصولنا عتبة المنزل !
المَدخلُ قتل صبري،
ذات المَدخل قادنا إليهِ العيد قبل ثلاثة أشهر، ثم ها هو خبر رحيلكِ يقودنا إليه مجددًا ..
ما إن خطوتُ خُطوتي الأولى فيهِ حتى انطلق العيد بكل ألوانه كسهامٍ في منتصفِ تَصَبُّري ،
الحزن اختطف العائلة، الصمت قطّعني !
انهرت بكاءً أمام كل هذه الوجوه الحاضرة ،
كلها كانت هنا في العيد لكنها أمست اليوم شاحبة ،
الأثواب والعطور والجمال ،
والعيد كله يا عمتي تلاشى ،
وتبدَّل الضحك بكاءً ، وتلاشت الألوان وبهتت الأصوات،
أدركنا أن العيد بكل ما حمله من فرح، كان وداعًا منكِ ما فهمناه حينها وما أدركناه !
إنّها أقدار الله يا حبيبةَ الرّوحِ ،
وإننا اليوم نعاهدك أن لا ننساك في الدعاء وذكرًا طيبًا ما تركتِ لنا سواه ..
إننا يا عمتي نستودعكِ ربًّا نعلم أنه ألطف بكِ منا ..
رحمكِ الله عمتي [حبيبة]
وإنا للهِ وإنا إليه راجعون
ابنةُ أخيكِ : مَيثْ