تمنينا:
لو أن السعادة كُتب لها العصمة والبقاء لتبقى متشبثة بتلابيب أيامنا التي يقلب ساعاتها تعاقب الليل والنهار.
غير أن ما سطره القلم لا بد أن يجري على صفحة واقع الحال.
فكم أتلو على مسامع الحياة تراتيل الأشواق، ليتناغم مع تلاوتي الثقلان، معلنين بصدق ما أبثه من أشجان، أتبع صوت حادي الحنين لذاك الحبيب، الذي غيبه طول السنين، فما زلت أذكر يده التي مدها.
وأقسم بالأيمان المغلظة بأنه يكون لي دوماً حبيب، وما إن دار الزمان دورته حتى توارى بالحجاب فغاب عن الأنظار.
أيقنت حينها بأن الحب يقاسم الإنسان طور حياته، وأنه يعيش على وقع أنفاس، ما أن تتوقف تلك الأنفاس حتى يصبح بعدها في خبر كان!
عجبت كيف لذاك المرء يعيش في صمت؟! وهو يتردد بين جنبات من يحب وهو بعيد الحس؟!
يتدفق ذلك الحب شلالاً من المشاعر على قلبه، ولا ينطق مع كل ذلك لسانه!
لما لا تكون الوسطية هي مسافة أمان؟! منها نحافظ على عقولنا وقلوبنا إذا ما دار الزمان دورته،
وحل مكان القرب البعد، وحل محل الربيع الخريف، وجففت ينابيع الوصل، لما لا يُترجم القول الفعل؟!
بحيث يكون الحب في معناه الصحيح عبارة عن تضحيات ومواقف،
وأن يكون الحب راسخاً، محافظاً على جميل الذكريات،
ولو تغيرت الظروف وخرج الأمر عن نطاق السيطرة في أي ظرف وسبب من غير عمد أو تربص، ليكون للقدر اليد الطولى لتبديل الحال من ثابت مستقر لمتحرك مضطرب.
كم أتفكر في ذلك التحول العظيم الرهيب - في حال المحب - الذي يكون من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال،
ليتحول ذلك الحب العظيم إلى كره عظيم دفين! هل ردة الفعل هي من تعمي البصر والبصيرة؟!