وقف حائرا أمام أمنيتي، فشعرت بغربة الروح معه لأول مرة،وتنهدت بتنهيدة كادت تخترق صدري من شدة الوجع الذي ألم بي وأنا معه في تلك اللحظات.
وسؤال في شفتاي يهاجمني فألزمه بالسكوت.. ألن يأتي يوما يتخلى عن كل شئ من أجلي ألم يقل لي يوما أنني كل الحياة بالنسبة له أم أنها كانت حروف وهمية يثملني بها لأعشقه أكثر وأكثر.
مازالت ملامح نظراته لي لا تفارقني وقد غديت طفلة تضربها النيران وتحاول أن تهرب منه،ولكن كل الأبواب موصدة لم تعد مشرعة للهروب منه، فقد أوصدها بجنونه وكلماته الحانية التي تتسلل إلى روحي فيخدعها به وتخضع لجنون عشقه وقلبه.نعم اعترف أريده ولكن ليس لحد فقداني صوابي متناسية أنه يوما لن يكون لي، وإنما مجرد حلم يزوره ومحرم عليه المساس به ولو في الأحلام ، فيظل من عرفها نزيه ،فيظل حائرا ونيران تشتعل فيه وتضرم بهِ ، وأنا أقهقه في داخلي.
وهاأنا في صباحي الاعتيادي مر عليّ شريط الحياة بكل أقداحه التي عرفتها ، وأنا حائرة أي قدح سوف اختاره وأنت معي . هل قدح العودة اللانهائي ، أم قدح الفراق ألأبدي
فأيقنت وأنا معه أن هناك الكثير من الذكريات التي تتشبث في ذاكرتي وهاأنا ألوذ بالصمت استمع إلى ثرثراتها معلنة بيني وبين نفسي أيهما تختار أنا أم هي؟؟
فالأمر محسوم لديه ولكن أريد القرار النهائي للملمة ذكرياتي معه،وأنا على يقين سوف يختارها هي بلا شك. ماأرقب به في هذهِ اللحظات أن أمحو كل ذكرياتي معه فحبه أصبح يؤذيني أكثر مما يسعدني.
أنا أعلنها اليوم بكل كبريائي وعنفواني أنني راحلة ، ولن تراني بعد هذا اليوم ولن تعانق أطيافي، لن تستمع إلى همساتي وتمتماتي سأغادر مدينتك التي عشقتها واستوطنت فيها لبعض الوقت بل سنوات عمري ضيعتها في مدينة عشقك . وقف حائرا أمام رغبتي المجنونة وماشعرت إلا بخفقان قلبي خوف أن يتراجع عن قراره لرؤيتي لعيناه، فلملمت نفسي وغادرت دون أن التفت إليه بكل عنفواني وكبريائي الذي عرفه عني .. ورحلت...
وهاأنا اليوم أجدد تلك الذكريات بإعياء شديد ، رغم زخم من حولي إلا أنني أشعر بالغربة دون أن ينتبه الآخرين أنني امرأة أخرى تلك التي تعيش معهم . بلا روح ولا نبض، فكل مباهج الحياة لم تعد تستهوينني منذ غادر مدينتي . وكل الأحاديث لم تعد تمتلك حواسي وتثملني، لأن أجمل أحاديثي كانت له وهو رحل، ورحلت معه أجمل أحاديثي وخواطري وأمنياتي.
اليوم فقط شعرت أنني غديت يتيمة للمرة الثانية ، فاليتم العاطفي هو ألم سري في خفوقنا يدمرنا ولا يعلم بهِ من حولنا لقد أهداني حبيبي مواجع لا منتهية وجروح دامية تعصف بقلبي ، وهاأنا أعلنت الحداد للمرة الأخيرة لنبض قلبي.. هاأنا أغلق دفاتر خواطري من جديد إعلانا لا عودة لعالم البوح والكتابة من جديد، فالحب ياسادتي أصبح موجعا بعد رحيله . سأغلق دفاتري والملم أوراقي المتناثرة ، فوداد في احتياج لإعادة اعمار عاطفي لقلبها المهشم.. فما فعله بي هو دمار وإعصار شامل أودى بي وبكل جزيئات بجسدي.. والآن استجمع ذكرياتي وأشعل عود ثقاب وارمي فيه تلك الذكريات وما أهداه لي من قصائد وحروف، وها أنا في نشوة أشاهد النيران تشتعل في قصاصات الورق فأشعر بنشوة الانتصار لأنوثتي المجروحة، أعلنت له أن كرامتي وكبريائي هي العملة التي لا يمكن أن أساوم بها.
فالتبست ثوب الحداد من جديد ولن أخلعه بعد الآن إلى أن يوارى جسدي تحت الثرى، أما قلبي الموجوع بك فقد تهشم، ومازال سطوة غيابه تمتلك خفوقي ، وغدت كل الأحلام معه محطمة في داخلي، ولم يعي ذلك الرجل ماسببه لي من ألم، ولم يدرك يوما أنه كان اكسجين الحياة بالنسبة لي.. وأن ماينقصنا ملاذ الحب..
هلوسات ودادية
اليوم : السبت 28/12/2014م
الساعة: الثانية عشر صباحا