بسم الله الرحمن الرحيم . وبالمعين أستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم . اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما .رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.

اذا قرأت سورة الانسان بتدبر ستعرف أن الله لم يخلق الانسان ليعذبه بل خلقه ليكرمه سخر له أشياء كثيرة وكرمه وأعد له الجنات ولم يجبره لعبادته فهو العزيز الغني عنا وانما هداه السبيل "إنا هديناه السبيل إما شاكرا واما كافرا"
سورة المرسلات, الآية 20:
(ألم نخلقكم من ماء مهين(

سبحان الله خلقنا الله من ماء وصفه أنه مهين أي مهان يتقذر منه الانسان اذا أصابه يغتسل واذا اصاب ثوبه ينظفه وكان بامكانه أن يخلقنا من ماء صاف نظيف. كماء السماء الذي وصفه بأنه طهور.
وكذلك التراب جرب امسكه ستجد نفسك تنفض يديك منه سبحان الله
كل هذا حتى يعيننا أن نتذكر ولا نتكبر ولكن!
انظروا الى حال أكثر الناس
ومن خلال قصة صاحب الجنتين سنلاحظ أكثر هذه القضية
سورة الكهف, الآية 32:
(واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا)
يصف الله الجنتين وصفا رائعا نعرف أن الاعناب تنمو على العريش أو سقف يتسلق عليه فلا تأخذ أشجاره مساحة من الأرض زراعتها على السقف ثم نعلم أن النخيل أشجار طويلة وباقي الزروع المثمرة أقل طولا . وكأنه يريدنا أن نتخيل كثرة المزروعات في هذه الجنتين على ثلاث مستويات على الارض وعلى السقف واعلى من السقف
سورة الكهف, الآية 33:
)كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا)

الثمار كانت بكثرة بحيث لم تظلم منه شيئا وفوق هذا تخيل نهرا بينهما يجري
فقط اسرح بخيالك وتخيل هاتين الجنتين
سورة الكهف, الآية 34:
(وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا)
وكان صاحب الجنتين في أوج النعمة وقمتها وكان الثمر على الأشجار. هنا داخله الكبر على صاحبه فقال " أنا " وكلمة " أنا " خطيرة
قالها ابليس (أنا خير منه ) فطرده الله من الجنة.
وقال قارون ( انما أوتيته على علم ) فخسف الله به.
صاحب الجنتين قالها وظلم نفسه بها (أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا)
سورة الكهف, الآية 35:
(ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا)
إخوتي التكبر على الخلق يجر الى التكبر على الله
ابليس تكبر على خلقة آدم أي تكبر على آدم لانه من طين ولكن بعدها تكبر على الله فرفض الامتثال لأمره وبعد ذلك بدأ يسئ الأدب مع الله.
كذلك صاحب الجنتين تكبر على صاحبه أولا لفقره وقلة نفره ثم بدأ بالتكبر على الله
نسي أن هناك نهاية لكل شي .نسي أنه لا يوجد شي خالد نسي اليوم الآخر وكفر به قال
(ما أظن أن تبيد هذه أبدا)

سورة الكهف, الآية 36-37:
)وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا . قال له صاحبه وهو يحاوره " أكفرت" بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا)
ثم كفر بربه وكفر باليوم الآخر وكثير من الناس اليوم يكفرون باليوم الآخر ليس باللسان ولكن بالأعمال.
يعيشون ولا يفكرون أنهم سيموتون في أي لحظة ولا يستعدون لما بعد الموت
يظنون أنهم خالدون للابد
تقول لفتاة لا تبدي زينتك أمام الرجال ترد عليك أنا مازلت صغيرة أنا في أوج الشباب. هي في الواقع تقول "ما أظن أن تبيد هذه أبدا" كما قال صاحب الجنتين وهو في أوج النعمة وقس عليها بقيه الاشياء.
تقول لها اتقي الله تقول أريد أن استمتع بحياتي فلن أعيش غيرها العمر مرة واحدة أو باللهجة الدارجة " الواحد كم مرة يعيش يعني ؟ هي مرة واحدة" يكفرون باليوم الآخر من حيث لا يدرون ينكرون أن هناك حياة أخرى.
المنافق يشكر الله على النعم العامة التي هي لعامة الناس مثل الشمس والقمر والارض والبحر وووو. يرجع فضلها إلى الله ولا مشكلة عنده فيها.
لكنه لا يشكر الله على النعم الخاصة به مثل جماله ماله ذكاؤه صحته أبناؤه سيارته رزقه ثمار مزروعاته.
عبارات مثل هذه الثروة أنا من جمعتها بمجهودي وذكائي وعلمي وخبرتي
ثماري لذيذة لأنها من زراعتي
وغيرها كلها تشبه مقولات قارون وصاحب الجنتين.
لانه يكفر بهذه النعم بمعنى ينكر أنها من الله وحده لا شريك له . عنده مشكلة في التسبيح بها والإخلاص. فيشرك نفسه مع الله بمعنى يظن أنها جائت بمجهوده هو وليس من الله.
وهذا هو الكفر بالنعم ابحثوا عن آيات الشكر ستجدون أن الله دائما يقابلها بالكفر والشرك .ان لم تشكر الله على نعمه وترجع فضلها كله لله فأنت كافر بتلك النعمة بمعنى تجحدها مشرك بالله أشركت نفسك مع الله.
الموضوع خطير جدا ولكن الشيطان يجتهد أكثر ما يمكن أن يعميك عن آيات الشكر وآيات النعم لتكون كافرا به كفر نعمة مشركا نفسك أو واسطة فلان او الطبيعة أو ...
مثل هذا الموسم كان وفيرا لأن المناخ معتدل هذا العام.
حصلت على الوظيفة بفضل واسطة فلان
وهكذا..
ركز على آيات النعم صدقوني أول شي سيحاول أن ينسيك الشيطان هو آيات النعم والشكر.
ولذلك يقول الله عز وجل ( و" قليل" من عبادي الشكور)
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله الا أنت أستغفرك وأتوب إليك