دراسة ترصد أثر جودة الحياة والذكاء العاطفي على التحصيل الدراسي
سالم المقبالي
يهدفُ الدكتور سعيد سليمان الظفري مدير مركز الإرشاد الطلابي بجامعة السلطان قابوس، والأستاذ بقسم علم النفس في كلية التربية بالجامعة، في بحثه المتعلق بدراسة أثر جودة الحياة لدى المعلمين العمانيين ومعتقدات كفاءتهم الذاتية وذكائهم العاطفي على التنبؤ بالتحصيل الأكاديمي للطلاب العمانيين باستخدام نموذج يشتمل على ثلاثة متغيرات متصلة بالمعلم العماني.
ويقول سعيد الظفري: يُركز البحث على ثلاثة متغيرات تتعلق بالمعلم؛ وهي: جودة الحياة ومعتقدات الكفاءة الذاتية والذكاء العاطفي لدى المعلمين، والتي تعتبر بلا شك متغيرات نفسية مهمة للمعلم، وفقدان هذه المتغيرات سوف يؤثر سلبا على أداء المعلم ودافعيَّته في التدريس، وبالتالي يؤثر أيضا بشكل سلبي على التحصيل الدراسي للطلاب.
ويُؤكد الظفري على أهمية المتغيرات الثلاثة للمعلم لضمان استمراره في مهنة التدريس وتقديم أداء جيد، وأن غياب هذه العناصر تجعل المعلم يواجه ضغوطا نفسيه، ومن الممكن أن يترك مهنة التدريس، أو أن يستمر في وظيفته ولكن بدون أداء.
ويُضيف بأن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والفكرية تؤثر على المعلم؛ حيث إن هذه الظروف تتفاعل مع بعضها لتؤثر سلبا أو إيجابا على المعلمين. ويوضح الآلية التي سيتبعها فريق العمل في الدراسة بقوله: تقوم الآلية على خطوات المنهج العلمي من خلال الاطلاع على دراسات سابقة لهذا الموضوع والنظر في علاقة المتغيرات ببعضها. وسوف يستخدم فريق عمل الدراسة مجموعة من المقاييس العالمية، كما سيتم إعداد بعض المقاييس لتحقيق أهداف الدراسة. وستشمل عينة الدراسة 10% من إجمالي المعلمين في السلطنة، والذين سيتم اختيار مدارسهم عشوائيا من جميع المناطق التعليمية بالسلطنة.
ويتابع: من بين أعمال الدراسة: تصميم واختبار فاعلية برنامج تدريبي لتحسين مستوى المتغيرات الثلاثة عند المعلمين، وسوف نركز في هذا البرنامج على عينة المعلمين الذين تنخفض لديهم المتغيرات الثلاثة؛ بحيث نعمل على تطويرها.
وحول الفكرة العامة للدراسة، يقول الظفري: الفكرة العامة للبحث محاولة للتنبؤ بالتحصيل الدراسي للطلاب؛ لكون التحصيل الدراسي من أهم أهداف العمل المدرسي، ومعرفة أهم العوامل التي تؤثر فيه. وسوف يكون التركيز في هذا البحث على جانب معين وهو المعلمون، ومدى تأثير متغيرات متصلة بالمعلمين في التنبؤ بالتحصيل الدراسي، وعندما نذكر "التنبؤ"، المقصود منه: هل تؤثر هذه العوامل في التحصيل الدراسي سواء كان سلبيًّا أو إيجابيًّا. وسيركز البحث على ثلاث متغيرات؛ هي: جودة الحياة، ومعتقدات الكفاءة الذاتية والذكاء العاطفي.
وعن هدف الدراسة، يقول الظفري: هو مُحاولة التأثير في التحصيل الدراسي للطلاب؛ فإذا استطعنا أن نتعرَّف على العوامل المؤثرة فيه، سوف نتمكن من التحكم بها وضبطها.
ويُوضح أنَّ مُعتقدات الكفاءة الذاتية، والذكاء العاطفي للمعلمين تساهم في التنبؤ بالتحصيل الأكاديمي للطلاب العمانيين؛ لأنَّ المتغيرات الثلاثة تعتبر متغيرات نفسية مهمة للمعلم، فبلا شك أنَّها سوف تؤثر على التحصيل الأكاديمي، ولكن لا يوجد دليل لذلك من خلال الدراسات التي أجريت في السلطنة، ووجدتْ العلاقة بين هذه المتغيرات من خلال دراسات في دول أخرى؛ حيث إنَّ المعلم عُنصر مهم في العملية التعليمية؛ فإذا شعر المعلم بمستوى عالٍ من الحياة المهنية، وجودة الحياة عالية أي أنه مرتاح نفسيا، والبيئة المدرسية مناسبة وتهتم بمشاعره، بمعنى آخر: هل الحياة التي يعيشها المعلم داخل المدرسة ذات جودة عالية؛ فالبيئة التي توفر الجودة العالية من الحياة، تؤثر إيجابا على نفسيات المعلم؛ فعندما يدخل المعلم بنفسية إيجابية عالية، فإن ذلك يؤثر على أدائه بشكل إيجابي، بالتالي يكون أداء الطلاب جيدًا. أما من ناحية الذكاء العاطفي، فيُعتبر من ضمن المتغيرات المهمة التي تشكل شخصية المعلم؛ حيث يتمثل هذا المتغير في القدرة على التواصل مع الذات ومع الآخرين. إذا كان المعلم لديه القدرة على التواصل الايجابي وفهم ذاته والتعامل مع مشاعر الطلاب، فإنَّ ذلك سينعكس على أدائه وأداء الطلاب. أما معتقدات الكفاءة الذاتية تتمثل في مدى اعتقاد وقدرة المعلم في التأثير على طلابه. فإذا أدرك هذا المعلم أنَّ له مهارات وقدرات تمكنه من التأثير على الطالب، نتوقع أن الدافعية والأداء يكون عاليًا. وكلما ارتفعت معتقدات الكفاءة الذاتية لدى المعلم، ارتفع أداؤه، وبالتالي يؤثر ذلك إيجابا على التحصيل الدراسي.
وردًّا على سؤال حول مدى تأثير متغيرات جودة الحياة، ومعتقدات الكفاءة، والذكاء العاطفي في أداء المعلمين ودافعيَّتهم واستمرارهم في مهنة التدريس، يقول الظفري: إذا لم تتوافر البيئة المناسبة للمعلم، فإنه سيُواجه ضغوط نفسية أو احتراق نفسي من الممكن أن يجعله يخرج من الوظيفة أو أن يستمر في وظيفته، ولكن دون أداء. أما إذا افتقد إلى الذكاء العاطفي؛ فمن الصعب أن يُوجِّه طلابه للدراسة أو أن يتعامل معهم. فكلما توافرت هذه العوامل، كانت الدافعية والأداء أعلى.