لكي يصبح دور المثقف أي مثقف ( شاعر / أديب / روائي / فنان تشكيلي / ممثل / مطرب / مفكر / باحث أكاديمي ..... إلخ ) دورا إيجابيا فعالا وملموسا في مجتمعه يجب قبل كل شيء أن تتوفر أربعة عناصر رئيسية مهمة جدا لتحقيق هذه الغاية :
1 ـــ حرية التعبير سواء بالقلم أو بالصوت وهنا لابد من توافر بيئة خصبة مناسبة للإبداع وبها أكبر قدر ممكن من الأمن والأمان بحيث يعبر المثقف عن رأيه وموقفه بدون تحفظ أو خوف من أحد .. أو بتعبير تولستوي : الكتابة في مناخ نقي خال من البوليس ومن كل صور القمع والاضطهاد والملاحقة والكبت والحصار والمراقبة والاستجواب والترهيب ..
2 ـــ الدعم المادي والمعنوي السخيين للمثقف وتوفير كل ما يحتاجه هذا العنصر المهم من أجل الارتقاء وتأدية رسالته بالصورة الأجمل
3 ـــ البعد عن مناخات المحسوبية وتقديم أشخاص معينين في المشهد الثقافي على حساب أشخاص آخرين أجدر أو من حقهم أن يكونوا أيضا في هذا المشهد إن أرادوا .. إخلق أرضية ثقافية واسعة ورحبة ومفتوحة للجميع وبدون لغة المحاباة الضيقة والمنغلقة والأنانية التوجه و التي تعزز من مناخ العداء والسلبية بين المثقفين بعضهم بعضا ولا تساهم مطلقا في أي رفد ثقافي ملموس لا داخليا ولا خارجيا ..
4 ـــ عدم تسييس المثقف أو توجيه فكره أو مواهبه بحسب ما تطلبه أهواء ومزاجات معينة لأن المثقف وخاصة الأديب والشاعر ليس آلة ذات أزرار معينة مجهزة ومعدة حسب الظروف والحاجة والمناسبة التوقيت الفلاني .. أنا شخصيا ضد هذا التوجه الاستعبادي الذي يستغل الفكر لـخدمة أغراض معينة .. فالفكر حرية قبل أن يكون صوتا أو حرفا أو صورة .. حين نشرت قصيدة ( كل عام والشعر في فقيدة ) هاج وماج البعض وكالوا على النص وصاحبه أبشع الكلمات وأقساها بل ووصل الأمر إلى التشكك في أفكاري وما أنا مؤمن به مع أنهم يعرفون الحقيقة .. فقط لأني غنيت خارج السرب والأدهى من هذا وذاك أتفاجأ في صباح اليوم التالي من ( يطلب مني ) قصيدة بلون معين فضحكت وقلت له : هل تراني أمامك آلة مشروبات متى ما راق لك أن تشرب شيئا ضغطت على الزر المطلوب حسب مزاجك ؟؟ ولم يرد فقد عرف أنني لست من ذلك النوع الذي يقبل إمتهان صوت قلبه وشعره لمجرد إرضاء مزاج معين بوقت معين .. أنا حر فيما أكتب وحريتي نابعة أساسا من تقديري لذاتي ولصوتي الداخلي الذي وحده ببوصلته يعرف أن يتجه ولمن بالضبط يتجه ..