الفصل (١٠)
درس ثقيل في التوكل
"منذ بداية حملي وقبل أن أعلم بمرضي كان كل همي أن أكون "الأم المثالية" بقدر ما أستطيع..
حملت هم كل شيء.. كل التفاصيل..
كان همي الاكبر هو الرضاعة الطبيعية.. كيف لي أن أرضع المولود أطول فترة ممكنه وأنا لا يسمح لي بإجازة لأكثر من أسابيع معدودة أعود بعدها لعمل لا يرحم ومناوبات تبقيني بعيدة عنه أكثر من 24 وساعة..
كيف يمكن أن أقي المولود الاحتكاك بعدد كبير من الأطفال في الحضانة مما يسبب العدوى والالتهابات خلال شهور حياته الأولى..
كيف يمكن أن أكون الأم الأكثر "صحية" خلال الحمل.. توقفت عن شرب الشاي والقهوة لأقيه أضرارها.. توقفت عن استخدام الميكرويف لتجنب خطر الإشعاع وتوقفت عن وضع الهاتف الجوال في جيبي وصرت أغلقه تماما معظم الوقت لأجنبه الموجات الكهرومغناطيسية.. كنت انتقي طعامي انتقاء لأضمن له صحة أفضل..
كنت أظن أني "بيدي وبقوتي وتخطيطي" سأجلب للمولود تمام الصحة.. وأرهقت نفسي في التفكير في كل التفاصيل.. حتى ما بعد الولادة.. حملت الهم و كأني أنا من سيصنع الصحة ويهديها له..
ثم جاء الحدث الجديد وغير كل شيء.. أنا التي كنت أرفض شرب الشاي والقهوة حتى لا أؤثر على الجنين صار علي أن أمر بالتخدير والجراحة أثناء الحمل وأن أخقن بصبغة مشعة داخل الورم خلال الحمل والأسوء من ذلك أن آخذ العلاج الكيماوي الذي يبدو لنا كمارد مدمر لكل الخلايا التي تنمو تكبر.. أن آخذه خلال الحمل..
كان الخيار هو.. إما أن أثق في الله وأرفع يدي وأسلم وأقول يارب ليس لي من الأمر شيء.. أو أن أقتل الجنين بنفسي (كما نصح الأطباء) لتجنب احتمال تعرضه لأثر العلاج السيء..
فاخترت أن أثق في الله.. وأدركت لأول مرة.. أني مجرد "أمة".. لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا.. وأن الله وحده هو مانح الصحة.. وهو القادر أن يكمّل خلق جنين غذي بالكيماوي .. وأن بنقص خلق جنين كان من المفروض أن يولد سليما..
علمت أني كنت أحسب أني أمسك بزمام الأمور.. أني من يخطط ويدبر وينفذ.. فجاء الدرس.. أننا نحن البشر أضعف من ذلك بكثير.. وأن الله وحده هو الفاعل .. وهو وحده القادر.."
# طابت ليلتكم بكل خير