https://www.gulfupp.com/do.php?img=92989

قائمة المستخدمين المشار إليهم

صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 34

الموضوع: ملخص كتاب ..

  1. #11
    كاتب وأديب بالسبلة العمانية

    تاريخ التسجيل
    Jan 2015
    الدولة
    سلطنة عمان
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    21,460
    Mentioned
    38 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)
    جزاك الله خير .. طرح رائع اخي ويست لايف .
    تقديري

    •   Alt 

       

  2. #12
    كاتب وأديب بالسبلة العمانية

    تاريخ التسجيل
    Jan 2015
    الدولة
    سلطنة عمان
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    21,460
    Mentioned
    38 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)
    تلخيص كتاب (طفل يقرأ)
    للدكتور عبدالكريم بكار

    • اسم الكتاب: طفلٌ يقرأ: أفكار عملية لتشجيع الأطفال على القراءة.
    • المؤلف: أ.د. عبدالكريم بكار
    • سنة النشر: 1432هـ-2011م.
    • دار النشر: دار السلام بالقاهرة.
    • الطبعة: الأولى.
    • صفحات الكتاب: 150.

    هذا هو عصر العلم والمعرفة، وإن من غير الممكن لأي أمة أن تكون في مصافِّ الدول الصناعية الكبرى من غير تحسين المقدرة المعرفية لدى شعوبها، وإن تنشئة الأجيال الجديدة على حب القراءة هي الخطوة الأولى والشاقة في هذه السبيل. وقد حاول المؤلف في هذا الكتاب كسر المعادلة الصعبة من خلال تقديم مضمون راقٍ وعميق وموثوق، لكن بصيغة سهلة وميسرة قدر الإمكان، حتى يكون متاحًا لأكبر شريحة ممكنة من القراء.

    1- لماذا نهتم بتشجيع الطفل على القراءة:
    1- السنوات الست الأولى هي السنوات الحاسمة في تشكيل رغبات الطفل وميوله واتجاهاته؛ ولهذا فإن الاهتمام بتحبيب القراءة إليه في هذه المرحلة يعد مهما للغاية، والشواهد والدلائل تؤكد أننا إذا لم نزرع في نفس الطفل التآلف مع الكتاب في الصغر؛ فإن من الصعوبة بمكان أن تنجح في ذلك في الكبر.

    2- لممارسة القراءة في وقت مبكر علاقة كبيرة بالتفوق الدراسي في المراحل المختلفة؛ وذلك لأن النبوغ والإبداع والتفوق لا يتم من خلال الاقتصار على المناهج المدرسية، بل لا بد من التوسع والشغف بالقراءة لساعات طويلة في اليوم الواحد.

    3- حب القراءة يفتح أمام الطفل بابًا واسعًا للرقي الروحي والعقلي، كما أنه يوسع مداركه ويحسن قدرته على التخيل، ويبعث في نفوس الأطفال الهمة العالية؛ لتخرج الطفل من فضائه الضيق المحدود ومن زمانه الصعب، إلى فضاء واسع جدًّا، وزمان ممتد بامتداد التاريخ.

    4- يكفي تعلقُ الطفل بالكتاب فضلًا: أنه يملأ وقته، ويصرفه عن الجلوس أمام التلفاز والانهماك في ألعاب الكمبيوتر، إلى غير ذلك من الفوائد التي لا تحصى، وقد قال الإمام ابن باز رحمه الله: (حب القراءة من النعيم المعجل للمؤمن في الدنيا).

    2- وعي لا بد منه:
    إن ترسيخ عادة القراءة في سلوك الطفل يحتاج إلى جهد ووقت وصبر، ولا بد أن يسبقه وعيٌ حسن بقيمة ما ينبغي أن نتعب من أجله. وإليك بعضَ الأفكار التي نحتاج إليها في تشكيل وعي جديد حول قراءة الطفل:
    1- استهداف ترسيخ عادة القراءة لدى الطفل:
    إذا عرفنا فائدة القراءة في حياة الطفل؛ فإننا سنحفزه عليها دون شك؛ لذلك نحتاج من الآباء أن يجعلوا حب أطفالهم للقراءة من أهم أهدافهم التربوية الثابتة، وذلك لأن الطفل لا يستوعب ما نطلبه منه بالسرعة الكافية، فالاهتمام مع المثابرة يصنعان العجائب.

    2- قطار لا يفوت:
    قطار الإقبال على القراءة لا يفوت، ونحن نعرف عشرات الأمثلة لأشخاص تفتح وعيُهم على القراءة وهم في سن الثلاثين، وسن الأربعين. المهم دائمًا ألا نفقد الأمل، وألا نفقد العزيمة على تشجيع الأطفال، ونتحرى الأسلوبَ الصحيح في التربية والتوجيه.

    3- المراحل العمرية والقراءة:
    الاهتمام بارتقاء عقلية الطفل وترسيخ حب القراءة في نفسه يبدأ وهو ما يزال جنينًا في بطن أمه، وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن الطفل حين يبلغ الشهر السابع، فإن تعرضه لسماع معلومات منظَّمة؛ يجعل تفتحه الذهني أفضل في المستقبل. وتستطيع الأم أن تمضي على هذا النحو وفق الآتي:
    أ‌- حين يكون الطفل رضيعًا، فإن من المناسب أن تقص الأم على مسمعه حكاية قصيرة تستغرق دقيقة أو دقيقتين، ويستحسن أن تكون الجمل قصيرة بإيقاع محدد.

    ب‌- حين يبلغ الطفل سن الثالثة، تطول مدة قراءة القصة عليه أو سردها عليه لتصل إلى خمس دقائق.

    ت‌- حين يبلغ الطفل الخامسة، فإن درجة استيعابه لما يسمع تتحسن كثيرًا، ولهذا في إمكان الأم أن تجعل الحكاية التي تحكيها تمتد إلى عشر دقائق.

    ث‌- حين يبلغ الطفل السادسة فإنه يكون قادرًا على سماع الحكاية ولو امتدت إلى خمس عشرة دقيقة، ويبدي الطفل في هذه المرحلة اهتمامًا شديدًا بالقصص الخيالية والهزلية.

    4- أهمية فهم الطفل لما يقرؤه:
    من المهم أن نتيقن من أن الطفل يفهم ما يقرأ؛ لأن الفهم هو الهدف الرئيسي للقراءة، ولا يستثنى الطفل من ذلك، فإذا كان الكتاب المقروء أعلى من قدرة الطفل على الفهم، فعلى المربي أن يقرأ القصة معه، ليشرح له الكلمات الغامضة والجمل الملتبسة.

    5- من الطبيعي عدم انتظام الطفل في القراءة:
    من الطبيعي وقوع الاضطراب والانقطاع في إقبال الأطفال على القراءة؛ نظرًا لصبرهم المحدود على الاستمرار في الأعمال فعلى المربين أن يستمروا في تحفيز الأطفال على القراءة، وشراء الكتب الجديدة لهم، بغض النظر عن الواقع.

    6- اقرأ للطفل وأنت مرتاح:
    من المهم أن تقرأ لطفلك وأنت تشعر بالراحة والسرور لأداء ذلك العمل، وذلك لأن القراءة للطفل ونحن نشعر بالملل أو التعب تجعلها قليلة الجدوى وغير ممتعة.

    7- الصغار لا يحبون الوعظ:
    يُفضل أن نوصل ما نريد إيصاله للطفل بطريق غير مباشر، وبالكثير من اللطف والتواضع، بعيدًا عن الوعظ والتأنيب، وذلك لأن الترغيب والإيحاء من الأمور المحبوبة والمؤثرة، ولذلك نجد أن معظم الأطفال ينجذبون إلى القصص ذات الرسوم الملونة، والتي لا تكتظ بالنصائح والمواعظ.

    8- التلفاز خصم الكتاب:
    الطفل يحب الجلوس أمام التلفاز؛ لأنه يُفتن برؤية الصور المتحركة والرسوم والألوان، أما القراءة فليست من هذه ولا تلك. والحل يكمن في تحديد وقت مشاهدة الأطفال للبرامج وممارسة الألعاب، وعدم وضع أجهزة التلفاز في غرف الأطفال؛ لأن لذلك سلبيتين: إدمان الأطفال لمشاهدتها، وصعوبة التحكم في أوقات المشاهدة ومددها.

    9- فرط النشاط والقراءة:
    الحقيقة أن فرط النشاط من الحالات الشائعة في الكثير من البيوت، وتشير بعض الدراسات إلى أن نسبة الذين يعانون فرط الحركة قد تصل إلى 15%، والمطلوب في هذه الحالة هو معاملة الطفل بصبر واهتمام حتى يتم إدخال بعض التحسينات على سلوكه، ويكون ذلك من خلال البدء معهم بالكتيبات والقصص المحببة عندهم والتي تثير الانتباه لديهم، حتى يتعود القراءة بطريقة أفضل وأسرع.

    10- الصدق مع الأطفال:
    بعض الآباء يصور لأبنائه أنه كان يعشق القراءة في صغره، وبعضهم يتجاوز الحقيقة في ذلك دون أي شعور بالحرج وهذا خطأ؛ فالصدق يظل مطلوبًا ولو كانت الحقيقة مرة، والأطفال يكشفون مع الأيام أن آباءهم وأمهاتهم لم يكونوا يقولون لهم الحقيقة، وهذا يؤدي إلى أزمة داخل الأسرة، وهز الثقة والمصداقية هزًّا عنيفًا.

    11- نوعية ما يقرؤه الأطفال:
    ما يقرؤه الطفل، وما نقرؤه له ينبغي أن يظل متسمًا بسمات قليلة ثابتة، ولعل أهمها سمتان: الفائدة والمتعة. فالفائدة تساعد على تشكيل الجانب الروحي والعقلي والبدني والاجتماعي لدى الطفل، والمتعة أيضًا مهمة؛ لأن الطفل إذا لم يستمتع بما يقرأ فلن يستمر في القراءة. ولهذا علينا أن ندقق في نوعية الكتب والقصص التي نختارها للصغار، ولعل منها الآتي:
    أ‌- الكتب والقصص ذات الأسلوب السهل السائغ التي لا يجد الطفل عناء في استيعابها.

    ب‌- الكتب والقصص التي تشتمل على عوامل الإثارة والتشويق.

    ت‌- يجب الابتعاد عن القصص التي تثير خوف الطفل وهلعه، مثل القصص التي تتحدث عن الجن والعفاريت.

    ث‌- ثقافة الكاتب من الأمور المهمة التي ينبغي الانتباه لها، خاصة في الكتب المترجمة، التي قد تحتوي على ما يخدش جناب التوحيد، ونحو ذلك.

    ج‌- يجب أن نختار ما يغرس في نفوس الصغار المعاني الإيمانية؛ لأن ما يقرؤه الطفل في سن مبكرة يؤثر تأثيرًا بالغًا في شخصياتهم وتكوين اتجاهاتهم.

    3- بيئة حافزة على القراءة.
    الوراثة تحدد الكثير من ملامح شخصياتنا على مستوى الجسم والشكل والقدرات الذهنية، ونحو ذلك، أما البيئة فإنها مصدر كبير ومؤثر جدًّا في صنع الرغبات وتحديد الاتجاهات وامتلاك المهارات... والبيئة المؤثرة في حب الأطفال للقراءة ليست واحدة، بل كثيرة ومتنوعة، منها:
    البيئة المنزلية:
    تتشكل الخطوط العميقة في شخصية الطفل عبر السنوات الست الأولى من عمره، والأسرة هي التي تبذر في نفس الطفل وفي عقله الميلَ إلى القراءة والشغف بمصاحبة الكتاب، وهي نفسها التي قد تتيح له تعود اللَّهو واللعب والانشغال بالأمور التافهة. ويجدر بنا الإشارة إلى ملامح الأسرة القارئة عبر النقاط الآتية:
    1- الأسرة القارئة تمارس نشاط القراءة على نحوٍ يومي، فالطفل حيثما التفت يرى أبًا ممسكًا بكتاب أو أخًا يرسم شيئًا، أو أمَّا تشرح لأحد إخوته شيئًا غامضًا. وقد دلت دراسات عدة على أن تكوين عادة القراءة لدى الصغار يتطلب فعلا العيشَ في أسرة منهمكة في المطالعة والتثقيف.

    2- الإنسان لا يُعد قارئًا بحق إلا إذا نظر إلى القراءة على أنها النشاط الطبيعي الذي يسعى المرء إلى ممارسته ما وجد إلى ذلك سبيلًا، وهو أيضًا النشاط المفضل خلال الأسفار وفي الحدائق وأماكن التنزه والمطاعم.

    3- القراءة للطفل ليست سردًا لبعض المعلومات والأحداث، إنها وسيلة لإظهار عطف الأم وحنانها نحو صغيرها. والحقيقة أن الصلة العاطفية بين المربي وبين من يربيهم هي المادة الكيميائية التي تجعل الطفل يتقبل ما يقال له، ويطلب منه بشغف وسرور.

    4- المكتبة المنزلية مهمة جدًّا لتحبيب القراءة إلى الطفل، إذ إن من الواضح أن الطفل إذا كان يعيش في محيط تكثر فيه الكتب، وأهله من حوله يقرؤون؛ فإنه تتولد لديه الرغبة في القراءة في معظم الأحيان. وينبغي أن يكون في مكتبة المنزل ما يُغذِّي عقول الكبار، وما يُغذِّي عقول الصغار.

    5- لا يكفي وجود الكتب في المنزل لجذب الصغار إلى القراءة والمطالعة؛ بل لا بد من ترتيب بعض المحفِّزات الأخرى. مثل تخصيص مكان جميل للقراءة، وفيه بعض رفوف الكتب المزينة بعناية، وهكذا.

    6- الجو الأسري الجيد والمحرض على القراءة لا بد أن يكون ممتعًا ومريحًا، والمقصود هو شعور الطفل بأنه يعيش في أسرة سعيدة ومرحة ومتعاطفة. فالبهجة تجعل التعليم أشد عمقًا وقوة.

    البيئة المدرسية:
    السؤال الذي يطرح نفسه باستمرار، هو: ما الذي يمكن أن تفعله المدارس في هذا الشأن؟ والجواب: يمكن أن تفعل المدارس الكثير والكثير، بشرط وجود درجة من الاهتمام بهذه القضية الجوهرية، ولعل مما يمكن أن تفعله المدارس الآتي:
    1- تدل بعض الدراسات على أن تخصيص خمس دقائق فقط من وقت بعض الحصص الدراسية لقراءة شيء ممتع وجذاب قادر على رفع المهارات التحصيلية لدي الطلاب في القراءة والكتابة والتعبير، كما أنه تقوي علاقة الطالب بأستاذه، وتجعله يتفاعل معه روحيًا.

    2- نحن اليوم نشهد موجة من تخفيف الواجبات المنزلية في المدارس الحكومية والأهلية لأغراض مختلفة وهذا خطأ. والمطلوب هو العكس، أي تكليف الطلاب بأعمال إضافية حتى يرتقي مستواهم العلمي، وتنعقد صلة عاطفية وعقلية بينهم وبين الكتاب.

    3- الطلاب بفطرتهم لا يميلون إلى القراءة، ولهذا فلا بد من عمل شيء لتشجيعهم على القراءة وتحبيب الكتاب إليهم.

    4- أسلوب الحفظ والتلقين والخطابة أسلوب يجعل موقف الطالب سلبيًّا من العملية التعليمية، والمطلوب أسلوب جديد في التعليم يقوم على جهد أكثر يبذله الطالب خلال الحصة الدراسية. ويقوم على الحوار والتطبيق والبحث وتعزيز الجانب العملي.

    5- لا ينبغي أن تكون القراءةُ جزءًا من عقوبة تُقرر على الطلاب، إذ إن بعض المعلمين يظنون أن جعل الطالب يقرأ كتابًا، أو يكتب بحثًا؛ هو أفضل عقوبة رادعة ونافعة، وهذا ما لا يصح أن نسمح به.

    4- أساليب ووسائل لتشجيع الطفل على القراءة.
    هناك الكثير من النصائح والتجارب التي يمكن أن يستفيد منها الآباء الجدد في تحفيز أطفالهم على القراءة وجعلها إحدى مفردات حياتهم اليومية، من ذلك:
    1- الاهتمام أبو الفضائل:
    إذا رجعنا إلى الواقع لوجدنا أن معظم الناس يحبون أن يكون أولادهم أفضل الناس؛ لكن ينقصهم الاهتمام، وبعضهم ينقصه الوعي. وفي ظل التقدم الحضاري الحاصل الآن، هذا يجعل من الإهمال في تربية الأطفال شيئًا يقصم الظهر، فالحاجة إلى الاهتمام ماسة في ظل هذا التقدم الذي يوسع الهوة بين الشباب الذين يقرؤون ويعرفون، وبين الشباب الذين خيم عليهم الجهل، فإذا ما وُجِد الاهتمام؛ اندفع الإنسان إلى التعلم.

    2- مشاركة الأطفال في القراءة:
    تُعد العلاقة الحسنة بين الآباء وأطفالهم مصدرًا لكثيرٍ من الخير، ومعبرا لكثير من الخبرات والمهارات؛ لذلك فإن من المهم أن يدرك الآباء أهمية مشاركتهم لأطفالهم في نشاط القراءة. وهذه المشاركة تتطلب أن تكون القراءة جهرية؛ فقد أشارت دراسة أسترالية حديثة إلى أن القراءة بصوت عالٍ تعد من الأنشطة الذهنية التي تغذي عقل الطفل.

    3- ترسيخ عادة القراءة هو الأهم:
    من المهم أن نغض الطرف في البداية عن نوعية ما يرغب الطفل في قراءته، ونشتري له الكتب والقصص التي يحبها، ما لم يكن فيها انحراف عقدي أو شيء يخدش الحياء؛ فالأهم هو ترسيخ عادة القراءة عند الصغار، ومع الأيام ومع شيء من التوجيه سوف يصبح اختياره للكتب أكثر رشدًا.

    4- الكتاب أجمل هدية:
    نحن نريد أن يتحرك المجتمع كله في هذه السبيل، نريد أن تكون الكتب هي الهدايا التي تقدم في حفلات القرآن والأعراس وسكنى البيوت الجديدة والتوظف في عمل، وفي كل مناسبة يجتمع فيها الناس، وعلى المثقفين أن يتزعموا هذه الحركة؛ لأن الناس يقتدون بهم.

    5- القراءة للطفل كل يوم:
    الأطفال الصغار يميلون بفطرتهم إلى الرتابة ويرتاحون إلى تكرار الأشياء، ومن هنا فإن من المهم أن تحرص الأم (وكذلك الأب) على أن تقرأ لطفلها شيئًا، ولو قليلًا؛ فالقراءة على نحو يومي تلقي في العقل الباطن لدى الطفل الإحساسَ بأهمية القراءة. كما أن المداومة على القراءة توثق الصلة بين الطفل وبين من يقرأ له.

    6- تشجيع بلا ملل:
    لدينا طريقتان لجعل الكبار والصغار يقومون بعمل ما: الضغط والإكراه، أو التشجيع والتحفيز، وتدل الشواهد على أن الناس يميلون إلى الطريقة الأولى؛ لأنهم يجدونها أسهل، لكن لدينا أيضًا ما لا يحصى من الشواهد على أن تلك الطريقة عقيمة وغير مجدية، وما ذلك إلا لأن فعل القراءة، حتى يكون مثمرًا، فإنه ينبغي أن يكون فرعًا من حب الإنسان للمعرفة وانجذابه للكتاب، ونحن نعرف أن القيم لا تفرض، لكنها تجذب. فالتشجيع الذكي والحكيم يفعل الأعاجيب في نفوس الصغار والكبار.

    ومن هنا فإن جعل الأطفال ينجذبون للقراءة هو الطريق الوحيد لجعلها جزءًا من سلوكهم وعاداتهم.

    7- اصطحاب الطفل إلى المكتبة:
    هذا الزمان هو زمان المعرفة؛ ولهذا فإن تغذية الأدمغة تحتاج منا إلى اهتمام يقترب من اهتمامنا بتغذية أبداننا بل أكثر؛ من أجل أن نحيا الحياة كما ينبغي أن نحياها استقامة وفاعلية وعطاء. ولهذا لا بد أن يكون من ضمن برامجنا في الحياة الذهاب إلى المكتبات مرتين في الشهر على الأقل، ولو كان ما نشتريه قليلًا، أو كان الهدف مجرد الاطلاع على الكتب الجديدة.

    8- اختيار الكتاب الجيد:
    نحن في عصر الألوان والأذواق المترفة، وفي عالم السعة والبدائل والمقارنات الكثيرة، وهذه المعطيات تجعل الأطفال لا يرتاحون أو ينجذبون إلى قراءة الكتب التي لا تتوفر فيها عناصر ومقومات معينة.

    فالكتاب الجيد إذن هو كتاب جميل في شكله ومقاسه ورسومه وألوانه، والكتاب الجيد هو كتاب ملائم لسن الطفل، ثم إن الكتاب الجيد هو الكتاب الذي يوحي على نحو خفي بالقيم العظيمة التي ينبغي أن يتربى عليها الطفل المسلم.

    5- كيف نحكي للطفل.
    على مدار التاريخ كانت الشكوى في مجال التربية لا تتركز في عدم معرفة الناس لما ينبغي عليهم قولُهُ لأطفالهم، أو نقله إليهم من مفاهيم ومبادئ، وإنما كانت تتركز في الأسلوب الناجح الذي يمكن استخدامه في ذلك.

    وقد كان (الحَكْي للأطفال) من الوسائل الجيدة التي اخترعها الوعيُ البشري للتواصل مع الطفل وتوجيهه وتعريفه على نفسه والعالم من حوله.

    لماذا نحكي للأطفال:
    الحكي للأطفال من الوسائل المهمة التي تقلل من سيطرة التلفاز والألعاب الإلكترونية والجوال على وعي الطفل ووقته. وقد كانت قديمًا الوسيلة شبه الوحيدة للتثقيف ببعض أحداث التاريخ ولنشر المبادئ والأخلاق الكريمة، فنحن نريد من وراء الحكي والسرد للأطفال الوصولَ إلى أربعة أمور أساسية، هي:
    • إمتاع الطفل وتسليته وملء وقت فراغه.
    • تقوية الرابطة بين جميع أفراد الأسرة، وتوفير وقت للقاءات مشتركة.
    • تنمية الجانب العقلي والانفعالي لدى الطفل وإثراء خبراته.
    • توجيه الطفل وغرس القيم والمبادئ والمفاهيم الإسلامية في نفسه.

    حكايات لمعرفة البيئة:
    من مهمة الحكايات أن تجعله يتفهم ما حوله، بالإضافة إلى توليد درجة من الطمأنينة إلى مفردات البيئة المحيطة، فالطفل يأتي إلى عالمنا، وهو يجهل كل شيء، ولذلك فإنه يتوجس خيفة من كل شيء.

    ونحن على سبيل المثال: نعرف أن الطفل يخاف من الحشرات والظلام، ويمكن من خلال الحكايات أن ننزع منه الخوف من كل ذلك.

    حكايات لبناء القيم والمبادئ:
    لا يعرف الأطفال شيئًا عن القيم، ولا يعرفون أي شيء عن معايير الصواب والخطأ، كما لا يعرفون شيئًا عن الأمور اللائقة اجتماعيًا والأمور غير اللائقة. وتشكل الحكايات وسيلة مثالية لغرس جميع القيم والأخلاق السامية، وهي أفضل بديل عن الوعظ المباشر وعن اللوم والتوبيخ.

    حكايات لتنمية الوعي والمنطق السليم:
    للبشرية جمعاء خبرة واسعة وتجارب عريضة في فهم منطق الأشياء وفي فهم ملامح التصرف والحُكم الصحيح، وقد أودعت الأممُ كلَّ تلك الخبرات فيما لديها من أساطير وقصص وحكايات، وهذا أتاح لها أن تنتقل من جيل إلى جيل، وإن علينا اليوم أن نجعل من كل ذلك أدوات في تنشئة الأجيال الجديدة.

    حكايات لتنمية الحس الاجتماعي:
    السلوك الاجتماعي يدل دلالة واضحة على شخصية الإنسان، بل إن معظم أخلاق الواحد منا لا يظهر إلا من خلال احتكاكه بغيره، وهذا يولِّد الكثير من التصادم والتوتر بينهم، لذلك كان لزامًا علينا - معشر الآباء والأمهات - أن ننمِّي في شخصيات أطفالنا المعانيَ التي تساعدهم على تفهم الآخرين والتعاطف معهم.

    والحكايات التي يمكن أن تستخدم في ذلك كثيرة. وحين يحكي الأب أو الأم مثل هذه الحكايات للأطفال فليقصها بأسلوب تمثيلي مشوق، كما أن من المفضل أن يُترك للصغار استخلاصُ العبرة والمغزى بأنفسهم، فإن لم يستطيعوا، فلنحدثهم عما تستوعب عقولهم منه.

    نحكي للطفل أم نقرأ له؟
    القراءة للطفل والحكي له أسلوبان ممتازان في تعليم الطفل وفي التواصل معه. ومشكلتنا الأساسية مع الآباء الذين لا يقومون بهذا ولا ذاك.

    ولكل من القراءة من شيء مكتوب، وللكلام الشفوي؛ خصائصُه ومميزاته وعيوبه. ومن هنا فإن علينا إذا قرأنا القصة قراءة أن نحذر من ملل الصغار وسأمهم، وإذا حكينا فعلينا أن نحذر من الوقوع في التناقض أو اختلاف مضامين ما نكرر روايته.

    6- حكاية ما قبل النوم.
    الحقيقة أن حكاية ما قبل النوم جزء من الإرث العربي العتيد، وكان في البيوت الكثير من الجدات والأمهات البارعات في ذلك، وكان الصغار ينتظرون قدوم الليل بلهفة حتى يستمتعوا بسماعها. ولحكايات ما قبل النوم أهمية كبيرة، منها:
    • إن حكاية ما قبل النوم فرصة لتهدئة الخواطر وتندية المشاعر وفرصة للاندماج والتفاعل بين أفراد الأسرة جميعًا، وقد ذكر بعض الباحثين أن الأمهات الألمانيات ينظرن إلى حكاية ما قبل النوم نظرة تقدير بالغ، حتى إن الواحدة مستعدة لترك كل ما بين يديها من عمل في سبيل المكوث في سرير الصغير تروي له وتحكي.

    • حين ينام الإنسان فإن عقله يظل مشغولًا بالماضي، وشيء جيد أن نجعل آخر ما يسمعه الطفل قبل أن ينام شيئًا لطيفًا وممتعًا.

    • إن حكاية ما قبل النوم تجعل الطفل يشعر بالحنان والأمان والمساندة، وهذا يدعم جهاز المناعة لديه، وينظِّم الهرمونات داخل جسمه، فينمو بصورة طبيعية وجيدة.

    حكاية ما قبل النوم كيف ينبغي أن تكون؟
    هدفنا الأساسي هو تسلية الطفل وإسعاده وتوجيهه والارتقاء به، وفي إمكان الأم أن تعرف ما إذا كانت قاصة جيدة؛ وذلك من خلال حرص أطفالها على حكاياتها. وينبغي أن نستخدم الحكاية في إيصال بعض الرسائل وترسيخ بعض المفاهيم في أذهان الصغار. وهذه بعض الملاحظات المفيدة في هندسة (حكاية ما قبل النوم) أوردها في الحروف الصغيرة التالية:
    حكاية بسيطة:
    نحن نقوم بسرد حكاية ما قبل النوم في وقت يمكن وصفه بالحرِج، في هذا الوقت لا تكون استعداداتُ الدماغ في أفضل أحوالها، ولهذا فإن حكايات المساء الجيدة هي الحكايات التي تقوم على فلسفة سهلة لا تعقيد فيها ولا عمق ولا توسع في الاستطراد أو زيادة في الحشو وسوق الجمل المعترضة والأحداث العارضة، وهذا يتحقق حين نحكي للصغار حكايات تشتمل على رسائل محدودة واضحة.

    حكاية مؤثرة:
    لدى الأطفال قابلية للتأثر تشبه قابلية الكبار، ومن هنا فإن من المستحسن أن تحكي الأم لصغارها عن بعض الأحداث التي مرت بها، أو بعض الحكايات الشائقة التي حكتها لها والدتها حين كانت صغيرة.

    حكاية نهايتها سعيدة:
    يتفاعل الصغير تفاعلًا كبيرًا مع الحكايات، ولا يفرِّق بين ما هو واقعي وما هو خيالي، ولهذا فإنه يحمل كل ما يسمعه على محمل الجد، ومطلوب من الذي يقدم حكاية ما قبل النوم أن يجعل خاتمتها جميلة وسعيدة، ينتصر فيها الحق على الباطل.

    حكاية تحرك الخيال:
    نريد لحكاية ما قبل النوم - وكل الحكايات - أن تحرك ذهن الطفل، وتبعثه على التخيل والتفكر والتساؤل والتأمل.

    أمور سلبية:
    الحكايات الموروثة عن الآباء والأجداد تعكس رؤيتهم للحياة، وبما أن الأمة قد مرت بمرحلة انقطاع حضاري دامت قرونًا، فإن من المتوقع أن تكون أساليبهم في الحكي مشوبة بالنقص والخلل، وهذه إشارات سريعة إلى شيء من ذلك:
    • إن الطفل – كما أشرنا من قبل - ملول، لذلك ينبغي أن تكون حكاية ما قبل النوم قصيرة، ومن قِصَرها اختصار المقدمة، والأولى أن يقال بصوت واضح وجماعي: بسم الله الرحمن الرحيم، يحكى أنه كان هناك رجلٌ بخيل.. ونختم بالحمد لله رب العالمين، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    • يجب أن تظل عملية الحكي جذابة إلى آخر كلمة، لكن بعض الآباء والأمهات يعكرون ذلك بكثرة أسئلة الأطفال عما فهموه، وإذا تبين لهم أن الطفل شرد في أثناء سرد الحكاية؛ فإنهم يوبخونه، وهذا خطأ.

    • علينا اختيار الحكايات بدقة، وأن نلمِّح ونصرِّح بأن لدى بني الإنسان جميعًا ألوانًا من الخير والشر والصواب والخطأ، لكن يغلب على بعضهم جانب الخير، كما يغلب على بعضهم الآخر جانبُ الشر.

    • بعض الحكايات الموروثة تنشر الفكر التصالحي وتروِّج للحلول التي تُرضي كل الأطراف، وهذا لا يخلو من شيء من الإيجابية، لكن جعل الأطفال يعتقدون أننا حين نختلف فإن مع كل طرف شيئًا من الحق، فهذا ليس صحيحًا دائما، فهناك في أحيان كثيرة معتدٍ ومعتدى عليه.

    7- تشجيع المراهق على القراءة.
    مرحلة المراهقة: هي مرحلة متوسطة بين الطفولة والرشد، أو الطفولة والشباب، وهي مرحلة تأسيس للهُوية الشخصية ومرحلة نزوع إلى الاستقلالية، ولهذا فإن المراهق ينفر نفورًا شديدًا من الوعظ المباشر. من هنا فإن التحفيز والتشجيع هما الطريق السريع إلى جعله يقرأ، وهذه بعض الإضاءات حول تشجيع المراهق على القراءة:
    البيئة أولًا:
    إن مساهمتنا الأساسية في جذب أولادنا إلى القراءة ينبغي أن تتركز فيما نفعل، وليس فيما نقول؛ ولهذا نقول للآباء: مهما كان عملُ الإنسان بعيدًا عن العلم، فإن عليه أن يقرأ على نحو يومي من أجل الارتقاء بعقله ومواكبة التطور الثقافي لأولاده، ومن أجل توفير جو يعبق بالعلم والفكر والإبداع.

    لماذا لا يقرأ المراهقون:
    يفضِّل كثير من المراهقين معرفة الحياة من خلال السماع والتجربة المباشرة على معرفتها عن طريق القراءة، بل إن المراهق قد يعتقد أن ما يعرفه كافٍ، ولن تضيف إليه القراءة الكثير.

    وزاد عليه الدخول إلى الإنترنت ومشاهدة الفضائيات، التي تقدم أحيانًا معرفة أغزر وأوسع مما يقدمه الكتاب.

    وسائل لتحفيز المراهق على القراءة:
    1- على الآباء أن يبحثوا بأنفسهم عن الكتب والقصص والروايات الجيدة والمناسبة الموجَّهة للمراهقين بشرط أن تكون جذابة وملائمة لهم.

    2- علينا أن نساعد أبناءنا على توفير وقت للقراءة، وهذا يكون بتقليل طلباتنا منهم؛ إذ إن هناك من يثقلون كاهل أبنائهم المراهقين بقضاء حاجات لا تنتهي.

    3- ضبط استخدام الجوال و(النت) ومشاهدة التلفاز بشيء من الرقابة والمتابعة والتحديد لساعات المشاهدة والاستخدام.

    4- البحث عن المدرسة الجيدة خاصة في المرحلة الإعدادية والثانوية، فالمدرسة الجادة التي تقدم تعليمًا متفوقًا تزرع الأمل في الطلاب وتدفعهم للقراءة خلال متطلباتها التعليمية.

    5- ينجذب المراهقون إلى قراءة أدب البطولات والمغامرات، ويمكن أن يساعد الأهل في اختيار بعض الكتب التي تترجم للعظماء من أبناء هذه الأمة، كما أن كتب (تنمية الشخصية) و(تطوير الذات) من الكتب التي تشد المراهقين.

    6- مما يشيع الرغبة في التشوق إلى التفوق والعظمة والاستقلالية الاجتماع بالعلماء والمفكرين والمبدعين الكبار وأصحاب التجارب الناجحة، ويمكن أن تنظم المدارس وبعض الجمعيات الخيرية لقاءات مع هؤلاء المبدعين كي يستفيد منهم المراهقون.

    7- أهمية وجود برنامج للقراءة يشترك فيه الأبوان والشباب والمراهقون داخل الأسرة الواحدة.

    8- علينا أن نحرص الحرص كله على أن يكون رفاق أبنائنا مستقيمين وجادين ومجتهدين؛ فالصاحب ساحب والمرء على دين خليله


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/73318/#ixzz3fcQUs8F8
    سلام للقلوب الصادقة

  3. #13
    بوركت الانامل على الطرح القيم

    دمت وسلمت

  4. #14
    كاتب وأديب بالسبلة العمانية

    تاريخ التسجيل
    Jan 2015
    الدولة
    سلطنة عمان
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    21,460
    Mentioned
    38 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بقايا طيف مشاهدة المشاركة
    بوركت الانامل على الطرح القيم

    دمت وسلمت
    ربي يبارك فيك عزيزتي بقايا طيف ويسلمك ..
    شرفتينا .. نتمنى تشاركينا بتلخيص كتاب ..
    تقديري
    سلام للقلوب الصادقة

  5. #15
    كاتب وأديب بالسبلة العمانية

    تاريخ التسجيل
    Jan 2015
    الدولة
    سلطنة عمان
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    21,460
    Mentioned
    38 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)
    تلخيص كتاب
    (القراءة المثمرة مفاهيم وآليات)
    للدكتور: عبدالكريم بكار

    كان لأمةِ الإسلام تاريخٌ حافل بالإنجازات الكبرى في شتى المجالات، والمتابعُ لتاريخ النمو الحضاري في الإسلام يَلحَظ أنه كان في توتُّره مقترنًا بـ(القراءة)، وحب العلم والشغف بالمعرفة؛ مما لا يدع مجالًا لأي شك في أن الولعَ بالاطلاع واصطحاب الكتاب هو أحدُ الحلول المهمة للأزمة الحضارية التي تعانيها أمةُ الإسلام.

    سيكون من المؤسف أن تحتاج أمةٌ أولُ كلمة نزلت في كتابها (اقرأ) إلى من يحثها على القراءة، ومع هذا فإن علينا أن نواجه مشكلاتنا بواقعية وشجاعة، ونكف عن التغني بأمجاد الآباء والأجداد، والإشادة بانتصارات لم نخض معاركها.

    ولعل الله يقدر لهذه الرسالة الصغيرة أن تمثل إسهامًا في تحسين موقفنا من الكتاب، وتعاملنا معه.

    التعلم مدى الحياة:
    إن فَطْر الله جلا وعلا لبني الإنسان على التساؤل وحُب الاستكشاف أتاح لهم أن يندفعوا دائمًا نحوَ معرفة المزيد، دون أن يجدوا أي حدود للتشبُّع أو الارتواء.

    وهناك الكثير من الدواعي التي تفرض على الواحد منا أن يتعلم، ويقرأ، ويكتسب الخبرات مدي الحياة؛ منها:
    1- أنَّ الذي يدعو الإنسان إلى مزيد من التعلم هو العلمُ نفسه، فكلما زادت المعرفة، اتسعت منطقة الجهل.

    فالمثقفُ الذي يرغب في الحفاظ على قيمة ثقافته وكرامتها، مُطالَب بأن يعيد تكوينَ ثقافته على نحو مستمر ومتجدد، فجهلُنا ينبسط مع تقدم المعرفة، وهذا يمثل تحدِّيًا متزايدًا لكل قارئ.

    2- لم يكن لدى الناس قديمًا إحساسٌ قوي بارتباط كسب الرزق بمدى ما يحصلونه من علم، لكن الوضع تغير اليوم، إذ تضاءلت المهنُ والوظائف التي يمكن للأميين ومحدودي الثقافة الاضطلاعُ بها.

    3- إن ما نمتلكه اليوم من معارف وخبرات، لا يتمتع بقيمة مطلقة، وشيوع الأمية الأبجدية والحضارية، قد يجلب على أمة الإسلام مشكلات، فالإسلام بما أنه بنية حضارية راقية، لا يتجلى على نحو كامل إلا عبر تجربة معرفية وحضارية رائدة.

    4- إن العقل البشري، يميل دائمًا إلى تكوين عادات، ورسم أطر لعمله، وهي مع مرور الوقت تشكل نوعًا من البرمجة له. وكلما كانت ثقافة الإنسان ضحلة، ضاقت مساحة تصوراته، وأصبح شديد المحلية في نماذجه ورؤاه.

    5- التدفق الهائل للمعلومات، وتراكم منتجات البحث العلمي في اتساع مستمر، والنتيجة المباشرة لذلك: هي تقادم ما بحوزتنا من معارف ومعلومات، والعلاج لذلك: دوام الاطلاع والمتابعة، حتى لا يتدهور ما لدينا من معرفة.

    القراءة ومصادر المعلومات الأخرى:
    عصرنا عصر انفجار المعرفة؛ فالأعداد الهائلة من العلماء الذين يشتغلون بالبحث العلمي، والوسائل المتطورة في حفظ المعلومات ونقلها وبثها؛ جعلت الناس مغمورين بالأخبار والمعلومات التي ترد إليهم.

    هذه الوضعية حملت الناس على طرح سؤال حول وظيفة القراءة والكتاب؛ والحقيقة أن لتلك الشكوى ما يُسوِّغها؛ ويكفي أن نعلم أن متوسط ما يُطبع من معظم الكتب في البلاد العربية، لا يتجاوز ثلاثة آلاف للكتاب الواحد.

    إن وسائل الإعلام تقدم برامج على درجة عالية من الإتقان، مع معلومات قليلة قلما تتصل بالحاجة المعرفية الحقيقية للمتابع لها، بالإضافة إلى ما سببته من أضرار بالغة للشعور بالحاجة إلى التفكير، فمعدو برامجها قاموا بذلك نيابة عن المتلقِّين.

    فمُشاهِد تلك الوسائل يتلقى مركبًا كاملا من البيانات والإحصاءات بأسلوب بارع، مما يدفع إلى الاستسلام لها، والانقياد إلى توجهاتها، وهذا كله مغاير لمتطلبات التطور العلمي والاجتماعي الحديث.

    وهذا كله لا يجعلنا ننكر أن الدفق الإعلامي قد أوجد نوعًا من الاستنارة العامة، ورفع درجة الوعي لدى الناس.

    وأعتقد أن الكتاب ما زال هو الوسيلة الأساسية للتثقيف الجيد، حيث نستطيع أن نمارس حريتنا كاملة في اختيار ما نحتاج إليه، ومع هذا فلست أميل إلى التقليل من شأن مصادر المعلومات الأخرى، فالمهم دائمًا أن تكون أهدافنا في التثقيف والارتقاء المعرفي واضحة.

    من أجل القراءة:
    إذا كانت القراءة أهم وسيلة لاكتساب المعرفة، وإذا كان اكتساب المعرفة أحد أهم شروط التقدم الحضاري، فإن علينا ألا نبخل بأي جهد يتطلبه توطينُ القراءة في حياتنا الشخصية، وفي حياة الأمة عامة.

    وإليك أهمَّ ما أظن أن علينا أن نقوم به من أجل إشاعة ثقافة (اقرأ)، وذلك على النحو التالي:
    1- الدافع:
    زود البارئ جل وعلا الإنسان بعدد من القوى الفطرية (الغرائز) التي تدفعه إلى سلوك معين، وترسم له أهدافَه وغاياتِه، من أجل تحقيق توازنه الداخلي، وإعداده للتكيف مع البيئة الخارجية.

    وهناك إلى جانب هذه حاجات ودوافع، يتوقف عليها تحسين نوعية الحياة والارتقاء بالإنسان وتوفير الهناء له، ولم يصادف الإنسان مشكلة في التعامل مع دوافعه الأساسية، لكن مشكلته في الاستجابة لدوافعه الثانوية، وهذا هو السبب الجوهري في انعدام الدافع نحو القراءة لدى كثير من المسلمين.

    وحين يقطع المجتمع شوطًا في طريق الحضارة، فإنه يمارس على أفراده ضغوطًا من أجل الرفعة، وهذا ما نجده واضحًا في المجتمعات الإسلامية الأولى، حيث نظرت إلى العلم على أنه من أفضل القربات إلى الله تعالى، وهذا ما نجده اليوم في المجتمعات المتقدمة.

    فالخطوة الأولى تكمن في إيجاد الدافع نحو القراءة، وسوف ننجح إذا أَولَيْناه ما يستحقه من الجدية والاهتمام.

    2- تكوين عادة القراءة:
    البدايات دائمًا شاقة، وأشق مراحل الطريق هي المرحلة الأولى، وكثير منا يجد صعوبة بالغة عند البدء في أي عمل، وذلك لأن نتائج جهده في البداية تكون ضعيفة.

    البدايات التربوية الجيدة تبدأ دائمًا في المنزل، والآباء هم المربون الطبيعيون، ولذا كان اهتمامهم بالعلم عاملًا حاسمًا في تطور الموقف النفسي لأطفالهم تجاه قضية التعليم، فسردُ حكاية أو قراءة قصة مما يتمتعُ به الطفل، وينمي خيالَه المبدع، وسيكون لشراء الكتب المصورة، أو وجود مكتبة في المنزل أثرٌ كبيرٌ في توجيه الطفل نحو القراءة.

    وتأتي بعد ذلك وظيفة المؤسسات التعليمية في رعاية ما بدأه الأهل في البيت، ولن يكون هذا إلا بتكليف الطلاب بالرجوع إلى المراجع والموسوعات وتلخيص الكتب، والمناقشات حول الكتب الجديدة.

    إن قابليتنا للتعلم، تتحول بفضل ممارسة القراءة إلى براعة، كما أن التكرار والتمرين يجعل عادة القراءة نوعا من الاكتشاف وتنمية العقل، وفيه الكثير من المتعة واللذة.

    3- توفير الكتاب:
    لأن القراءة لا تتمتع بأي أهمية لدى السواد الأعظم من أبناء الأمة، فإننا نسمع شكوى مستمرة من غلاء الكتب، وعدم توفير المال المطلوب لشرائها.

    وقضية كبرى كقضية القراءة، يحتاج تعميمُها إلى عدد من (الحلول المركبة) وليس إلى حل واحد، ومن تلك الحلول:
    • إيجاد تنظيمات تُلزم الهيئاتِ والجهات المختلفة بإيجاد مكتبات مناسبة لتثقيف منسوبيها؛ مثل النوادي، والنقابات، ومجالس الأحياء، والبلديات.

    • من المهم أن يكون هناك رابطةٌ لأصدقاء الكتاب، يكون همها العمل على توفير الكتاب، وتسهيل الوصول إليه، وذلك من خلال المعارض، وتنشيطِ سوق الكتاب المستعمل، وتأسيسِ صندوق لدعم بعض الكتب القيمة، لتوفيرها للناس.

    • إيجاد نظام وطني لإعارة الكتاب وتبادله بين الهيئات والمؤسسات العلمية، على غرار ما هو معمول به في عدد من الدول المتقدمة، ومن أجل ذلك لا بد من تعزيز أداء الخدمات البريدية.

    • قيام الجامعات والهيئات العلمية بتبسيط العلوم، عن طريق إصدار عدد من سلاسل (كتب الجيب) في التخصصات المختلفة، من أجل مساعدة الناس على التثقيف والاطلاع.

    • إن تخصيص 2% من مصروف الأسرة، كافٍ لتأمين عدد من الكتب متوسطة الحجم شهريًّا.

    4- توفير الوقت للقراءة:
    إن أكثر من 80% ممن لا يقرؤون كتابًا في الشهر، يعتذرون بأنه ليس لديهم وقت للقراءة... أعذار كثيرة يبديها كثير من الناس، والإحساس بالزمن منتج حضاري، فالوقت هو المادة التي صُنعت منها الحياة، وسيكون لكل الذين يبذرون في إنفاقه أن يوجدوا الكثير والكثير من البراهين على حسن تعاملهم معه.

    ولو أن واحدًا منا وضع سجلًا كاملًا، يوضح فيه كيفية قضائه لأوقاته لوجد أن نحوًا من 20% من نشاطاته لا يخدم أي هدف، ولا يعود عليه بالنفع، وإني واثق أن تنظيم هذا الجانب وحده من حياتنا، كفيل بأن يوفِّر لنا يوميًّا نصفَ ساعة على الأقل، يمكن أن نستفيد منها في القراءة.

    إن المشكلة الأساسية للذين لا يقرؤون أنهم لا يملكون أية أهداف أو أولويات، وسيكون مفيدًا أن نحاول تغيير سلوكنا في التعامل مع الوقت، وهذا يحتاج إلى وقت، وعلينا أن نثابر ولا نيأس.

    5- تهيئة جو القراءة:
    إن هناك ارتباطًا وثيقًا بين إمكانية الفهم والاستيعاب وبين الأجواء والأوضاع التي تجري فيها القراءة، وهناك شروط عدة ينبغي توفيرها من أجل تهيئة الجو المناسب للقراءة؛ منها:
    • يجب أن يكون مكان الدراسة منظمًا وجميلًا، يبعث على الارتياح والانشراح، وهذا يتوفر بوجود حجرة خاصة بالدارسة، ومن الملائم أن يستغرق القارئ الدقائق الأخيرة من الدراسة في ترتيب المكان والاستعداد للجلسة التالية.

    • ينبغي أن تكون حجرة الدراسة صحيحة حسنة التهوية، جيدة الإضاءة، وينبغي أن تكون درجة الحرارة فيها بين 15 و21م، حتى يحتفظ القارئ بنشاطه.

    • بعض الناس لا يهتم بهدوء المكان وانعزاله عن الناس، مما يفقدهم صفاء الذهن والقدرة على التركيز، لذا فإن مكان الدراسة ينبغي أن يكون بعيدًا عن الضوضاء داخل المنزل وخارجه.

    • ينبغي أن يكون الكرسي مريحًا، وأن يكون مناسبًا لمكتب الدراسة، ويضع بجواره ما يحتاجه من مراجع وكتب، حتى لا يضيع الوقت في القيام والقعود.

    • إن العبرة ليست بكثرة الكتب التي تُقرأ، وإنما بالإنتاجية والثمرة التي نقطفها، وهذا يوجب علينا أن نحرص على الاحتفاظ بدرجة من الحيوية والارتياح في أثناء القراءة، فالقراءة المثمرة تستحق منا التخطيط والتفكير والمثابرة والعناء.

    لماذا نقرأ:
    الإنسان متسائل بالفطرة، توَّاق إلى اكتشاف المجهول بالطبيعة، وحين يرتقي في معارج الحضارة؛ يتحول لديه كثيرٌ من المعارف العلمية من معطيات ممتعة إلى ضرورات حياة، يتوقف عليها نموُّه الرُّوحي والعقلي والمَهاري.

    من هنا فإن أهداف الناس من وراء القراءة متنوعة، بحسب وضعية القارئ وما يريده من وراء ذلك، فظروف الحياة تجعل أهداف القراءة تتفاوت تفاوتا بعيدًا، وكثير من الناس لا يعرف لماذا يقرأ.

    ويمكن أن نقول: إن الأهداف العامة لقراءة معظم الناس ثلاثة، هي:
    1- القراءة من أجل التسلية، وهذه القراءة الأكثر شيوعًا بين الناس، وتثبت الإحصاءات أن نحوًا من 70% من القراء يتجهون إلى القراءة من أجل التسلية.

    2- ومع ذلك فإن القراءة من أجل التسلية لا تخلو من فائدة، وقد يُشغل بها عن ملء فراغه بأشياء ضارة.

    3- القراءةُ من أجل الاطلاع على معلومات أسلوبٌ يمارسه كثير من الناس، والجهد الذي يتطلبه هذا النوع من القراءة محدود أيضًا، وهذه الطريقة شائعة جدًّا؛ لأن في عالمنا الإسلامي (حمى) تجتاح كثيرًا من الناس، وهي البحث عن الأسهل.

    4- القراءة من أجل توسيع قاعدة الفهم، وهي أشق أنواع القراءة وأكثرها فائدة، والذين يقرؤون من أجل هذا الغرض قلة من الناس؛ وذلك لأن أكثر الناس يعتقدون أن ما يملكون من قدرات ذهنية كاف وجيد.

    5- إن القراءة من أجل الفهم، هي تلك القراءة التي تستهدف امتلاك منهج قويم في التعامل مع المعرفة، وتكسبنا عادات فكرية جديدة، وتلك التي تزيد في مرونتنا الذهنية.

    أنواع القراءة:
    أولًا- القراءة الاكتشافية:
    لا بد للمرء من أن يغتبط لكثرة ما يرى من الكتب الجديدة في المكتبات، لكن هذا لا يدعو مطلقًا إلى أن نندفع إلى الشراء دون تأمل في مدى مناسبة ما نشتريه لنا، فقد يكون الكتاب في حد ذاته جيدًا، لكنك لست من الشريحة الموجه إليها.

    ونستطيع خلال نصف ساعة أن نصل إلى حكم جيد على الكتاب إذا قمنا بالتالي:
    1- قراءة مقدمة الكتاب، حيث يكشف كثيرٌ من الكتاب في مقدماتِ كتبِهم عن دوافع التأليف، وأهدافه، والفئة التي يخدمها الكتاب.

    2- قراءة فهرس الموضوعات من أجل الاطلاع على موضوعات الكتاب، وأهم من ذلك اكتشافُ المنظور المنطقي للكتاب.

    3- الاطلاع على فهرس المصادر والمراجع التي اعتمد عليها المؤلف في بناء كتابه، حيث إنها تمثل المورد الأساسي لمعلوماته وصياغته.

    4- بعض المؤلفين يضع ملخصًا مكثفًا في آخر كل فصل لما أورده فيه، ومن المفيد قراءة بعض الملخصات لتحسُّس جوهر المادة المعروضة.

    5- قراءة بعض صفحات أو فقرات من الكتاب لمعرفة مستوى المعالجة في الكتاب وهذا مهم جدًّا.

    ثانيًا: القراءة السريعة:
    إن المعرفة تتضاعف كل خمس عشرة سنة على أبعد تقدير، وهذا يعني أن الكتب المنشورة تتحدى القراء، وتتطلب منهم المزيد من الاستعداد.

    بعد تصفح الكتاب واكتشاف مستواه، يقرر القارئ أي نوع من القراءة يستحق، فهناك كتب تُقرأ قراءة سريعة، وهناك كتب يجب أن تقرأ بدقة متناهية. وتقوم فكرة القراءة السريعة على ما هو معلوم من أن النظر يقفز من مساحة إلى أخرى، وعندما يستقر على مساحة معينة فإنه يلتقط عددًا من الرموز والإشارات، ثم يقفز ليستقر ثانية وهكذا.

    وقد عرفت بعضُ الدول المتقدمة قيمة السرعة في القراءة، فأقامت الدورات للقراءة السريعة منذ أكثر من نصف قرن، وتهدف في المقام الأول إلى تدريب القارئ على أن يلتقط أكبر عدد ممكن من الكلمات في أثناء اللحظة التي تقف فيها العين.

    مشكلة الفهم:
    هناك من يقول: إن بطء القارئ في نقل عينيه من كلمة إلى أخرى، وقلة ما يلتقط في الوقفة الواحدة... ما هو إلا انعكاس لعجز العقل عن استيعاب معاني الصور التي نقلتها إليه العين، وارتباكه في تفسيرها وتحليلها؛ فسرعة القارئ منوطةٌ إلى حد بعيد بسهولة المادة التي يقرؤها.

    وعل كل حال فإن القارئ الذي يقرأ مادةً سبَقَ له الاطلاعُ عليها، يستطيع أن يقرأ تلك المادة بسرعة أعلى بكثير من قارئ لم يَخبُرها قبل ذلك، مما يعني أن استمرار القراءة في محور من محاور المعرفة، سيكون مساعدًا أساسيًّا على قراءةٍ أسرعَ وإنجازٍ أعظمَ.

    ثالثًا: القراءة الانتقائية:
    حين يتجه المرء إلى التعمق في موضوع بعينه، فإنه يكون بحاجة إلى تتبع الكثير من المراجع والكتب المتنوعة للعثور على مادة متجانسة، والكتبُ التي يمكن أن يعود إليها أيُّ باحثٍ نوعان:
    النوع الأول: كتب تنتمي إلى الحقل المعرفي الذي ينتمي إليه الموضوعُ الذي يَبحث فيه، ويمثل هذا النوعُ المصدرَ الأساسي للباحث، فعن طريقه يمكن تكوينُ رؤية جيدة للبنية الأساسية للموضوع.

    ومع التسليم بالأهمية القصوى لهذا النوع من المراجع، إلا أن الاقتصار عليه يجعل معرفةَ القارئ بموضوعه شبهَ معزولةٍ عن فروع المعرفة الأخرى. ومعظم القراء يؤثر الاعتمادَ على هذا النوع؛ لسهولة معرفته وحصره.

    النوع الثاني: كتب لا تنتمي إلى الحقل المعرفي الذي ينتمي إليه الموضوعُ الذي نود سبرَ أغواره، وفائدة هذا النوع من المطالعة أنه يعطينا لونًا من ألوان توحيد المعرفة، وإعادة الربط بين فروعها وأجزائها.

    رابعًا: القراءة التحليلية:
    إن القراءة التحليلية هي أفضل أسلوب يمكن للمرء أن يتبعه في استِكْناهِ مضمونِ كتابٍ ما في وقت غير محدد، فهي محاولة للارتقاء بالقارئ إلى أفق الكاتب الذي يَقرأ له، ومحاولة النفاذ إلى معرفة شيء من مصادره وخلفيته الثقافية.

    سمات القارئ الجيد:
    1- المثابرة على القراءة، والحماسة في متابعتها، والصبر عليها.

    2- القارئ الجيد يتمتع بقابلية جيدة لاستيعاب الجديد، وبنية عقلية متفتحة، تقبل التحوير، وتستفيد من المراجعة.

    3- القدرة على الاستجابة لنبض العصر الثقافي ضرورةٌ لمن يريد أن يقرأ قراءة مثمرة ينتفع بها.

    4- من المهم للقارئ الجيد أن يعرف كيف يتعامل مع الكتب التي عزم على قراءتها، بالإضافة إلى الاهتداء إلى الطريقة التي ستتعامل بها مع كل كتاب، من حيث السرعة، والتلخيص والتعليق.

    أنواع الكتب:
    هناك نوع من الكتب لا يُقرأ دفعة واحدة، مثل: المراجع والمعاجم، وإنما يعود إليها طالبُ العلم عند الحاجة، فهي تحتفظ بقيمتها قرونًا عدة. ونوع ثان لا يتطلب فهمُه مهاراتٍ قِرائيةً عالية؛ فهو يقرأ للتسلية، وهذا التنوع من الكتب لا يقرأ في العادة سوى مرة واحدة.

    وثمة نوع ثالث من الكتب يَشعُر المرء بأنه بحاجة إلى قراءة بطيئة وتركيز جيد، لكن بعد قراءته يشعر أنه أخذ كل ما فيه. وهذا النوع لا يمثلل أكثر من 5% مما هو مطروح في الأسواق من كتب.

    وهناك نوع من الكتب يشعر قارئه أنه لم يستفد كل ما فيه مهما استخدم من مهارات القراءة، وأنه يستحق عودة ثانية، لكن إذا عاد إليه المرءُ مرةً ثانية لم يخرج كل ما كان يؤمله منه، وهذا النوع يحتاج إلى مهارات عالية في قراءته والرجوع إلى بعض الشروح والمراجع.

    النوع الأخير من الكتب نادر جدًّا، وهو نوع لا ينضُب محتواه، وكلما عدت إليه شعرت أنه ينميك، وكأنه ينمو معك، يجد الفاقهون من المسلمين مثل هذا في القرآن الكريم.

    مبادئ وقواعد:
    1- مهمة الكاتب أن يوصل إلينا بعض المعاني والأفكار مما ابتدعه، أو اقتبسه من غيره، ومهمة القارئ تَلقِّي ذلك والاستفادة منه.

    2- إن بين الفكرة التي يعبر عنها الكاتب وبين الكلمة التي يستخدمها مسافةً ما، وعلى القارئ أن يقطع تلك المسافة من خلال الملاحظة الحادة والخيال الخصب، والذهن المتمرس.

    3- اللغة هي أداة التواصل الأساسية بين بني البشر، فاللغة كائن مبدع، والإبداع هو سر عظمتها؛ لذا فإن على القارئ أن يكون على وعي تام بالمعنى اللغوي للمفردات التي يقرؤها.

    4- مما يسهل قراءةَ أي كتاب في أي علم معرفةُ المصادر والمراجع التي رجع إليها المؤلف؛ مما يساعد القارئ على فهم الكتاب الذي بين يديه.

    5- إن القراءة التحليلية الجيدة تعني نوعًا من (التفلية) للكتاب، ومحاولة إضفاء نوع من التنظيم على محتواه الداخلي من أجل تسهيل استيعابه.

    تساؤلات مهمة:
    من واجب كل قارئ حريصٍ أن يعمِد إلى توجيه عدد من الأسئلة قبل قيامه بشراء الكتاب، وفي أثناء قراءته، وبعد الفراغ منه، ولعل أهم تلك التساؤلات ما يلي:
    1- هل أنا من الشريحة التي يستهدفها المؤلفُ، ويوجه إليها خطابَه، وهذا مهم؛ لأن قراءة كتاب ليس موجهًا إليك قد لا تنفعك بأي شيء.

    2- من المهم أن يعرف القارئُ هُويةَ الكتاب والجنس المعرفي الذي ينتمي إليه، وكلما استطاع القارئ أن يعبِّر عن ذلك على نحو دقيق وموجز كانت فائدته مما يقرأ أعظم.

    3- من الأسئلة الحيوية أن يوجه القارئ لنفسه أسئلة تتعلق بمدى استيعابه لما قرأه، وأدوات اختبار الفهم كثيرة لعل من أهمها أداتين:
    4- الأولى: أن يحاول القارئ أن يأتي بأمثلة وملاحظات على القواعد والأفكار والملاحظات التي يثيرها الكاتب.

    5- الثانية: محاولة القارئ تلخيصَ ما قرأه في عبارات وفِقَر محددة، بأسلوبه الخاص.

    6- من المهم أن يسأل القارئ نفسه: ما المسائل التي حاول الكاتبُ حلَّها، وتقديم رؤى فيها، وما الأسئلة التي طرحها الكاتب في القضايا التي يعالجها، ومدى جدية تلك الأسئلة وموضوعيتها.

    الحوار مع الكاتب:
    لا ريب في أن الهدف الأساسي من قراءة أي كتاب، ينبغي أن يكون هو الاستفادة والارتقاء في معارج العلم والفهم، وتحسين المحاكمة العقلية لدى القارئ، ونقد الكتاب، ومحاولة العثور على وجهة نظر أخرى غير وجهة نظر المؤلف.

    إن القارئ الجيد لا ينجح في فهم الكتاب فحسب، وإنما يتجاوز ذلك إلى فهم التيار المعرفي أو المذهب الذي ينتمي إليه الكاتب، وهذا يساعده على ترشيد حكمه النقدي، ومن ناحية أخرى لا ينبغي للقارئ أن يصدر حكما نهائيًا على الكاتب من خلال الكتاب الذي يقرؤه، إلا إذا تبين له أنه آخر كتاب له.

    لتلافي ذلك يمكننا أن نقترح بعض النقاط التي تمثل مساقات لنقد القارئ لما يقرأ، وذلك في الآتي:
    1- إن كثيرًا من الكتاب، لا يكتفون بعرض وجهات نظرهم، بل يسعون إلى إقناع القارئ بذلك، لكن الإشكال أن بعض الكتاب يلجأ إلى البيان والخطابة، دون المعلومات، وهذه الظاهرة من أكثر النواقص الكتابية.

    2- بإمكان القارئ أن يقول في نقده: إن بعضَ المعلومات التي نقلها الكاتب غيرُ صحيحة، والقاعدة تقول: (إن كنت ناقلا فالصحة، وإن كنت مدعيًا فالدليل)، فتوثيق المعلومات هو ما على الكاتب أن يفعله.

    3- مما يمكن أن يكون نقدًا محددًا القولُ: إن الكاتب أهمَلَ عواملَ أساسية في أثناء بعض معالجاته، مما جعلها ناقصة، وهذا شائع في عالمنا الإسلامي.

    خامسًا: القراءة المحورية:
    القراءة المحورية هي تلك القراءة التي تستهدف الوقوف على معلومات وأفكار ومفاهيم، تتعلق بموضوع معين، فهي تستهدفُ استخراجَ كل ما يمكن استخراجه من الكتاب المقروء، فتَملُّك ما في الكتاب وفقهُه هو الغاية منها.

    البداية:
    كثيرًا ما تبرق عناوين لقضايا أو مشكلات، يرى المرء أنها تستحق البحثَ والمعالجة، وكثيرًا ما يجد المرءُ بعد ذلك أن الموضوع الذي ظَن أنه يمكن أن يكون محورًا لقراءات مكيفة قد قُتل بحثًا.
    الخطوة الأولى: أن يطلع القارئ على الكتب والمراجع التي تعرض الأدبيات العامة للعلم الذي ينتمي إليه الموضوعُ الذي يقرأ من أجله، ويخدمه في ذلك الاطلاعُ على فهارس بعض المكتبات.

    الخطوة الثانية: وتتمثل في قراءة الفصول والمقاطع والنصوص التي يرى أنها لَصِيقةٌ بموضوعه، ويجب أن تكون القراءةُ هذه المرة تحليليةً.

    الخطوة الثالثة: وتتمثل في توزيع النصوص التي اخترناها على الأسئلة التي استطعنا بلورتها، والقارئ بحاجة إلى درجة عالية من الشفافية حتى يلتقط أجوبةَ أسئلته من نصوص ربما كانت في الأساس بعيدةً عن حقل الموضوع الذي يعالجه.

    إن أصعب نقطة هي البداية، لكن لنكن على ثقة أننا سندهش من أنفسنا عندما ننطلق... والأمر لن يحتاج سوى الالتزام التزامًا جادًّا ودقيقًا بقراءة ساعتين يوميًّا مدةَ خمس سنوات على نحو متواصل، وستكون هناك نتائج باهرة، فوق ما نظن.

    قراءة كتاب في التاريخ (نموذجًا):
    إن معظم الكتب تتناول بعض المسائل والموضوعات في بعض العلوم، لكنها لا تمنحنا رؤية واضحة حول نوعية الأحكام والمعالجات التي تتم في ذلك العلم، ولا تبين مدى مصداقية التعميمات والقوانين التي يستخدمها الباحثون فيه؛ مما يولد بعض الانطباعات الخاطئة لدى القراء.

    ومعرفة القارئ بتاريخ العلم الذي يقرأ فيه، وبطبيعته ومشكلاته الحقيقية، ستعودُ عليه ببصيرة معرفية لا تُقدر بثمن، وقد اخترتُ أن أقدم للقارئ هذه الخلفيةَ عن (علم التاريخ)، ولعلي أوجز ما أظنه يساعدُنا على تشكيل رؤيةٍ حول هذا العلم، في المفردات الآتية:
    1- تعرَّض (التاريخ) إلى مواقفٍ متباينة كثيرة، فقد تعرض للإفراط والتفريط، فقوم جعلوه كلَّ شيء، وقال قوم آخرون: إنه لا شيء.

    يرى الأستاذ (هرنشو) أن أقرب العلوم الطبيعية شبهًا بالتاريخ هو (الجيولوجيا)، فالمؤرخ يعتمد في معرفة الوقائع على آثار أو سجلات سَلِمت من عَوادي الزمن، وقيمتها في دلالتها على الماضي لا في ذاتها، وعلي المؤرخ أن يقوم بـ(الجراحة النفسية والعقلية)؛ ليستشرف العواملَ الخفية، لكن بين التاريخ والجيولوجيا مفارقة كبيرة، فالصخور شواهد محايدة، لكن وثائق التاريخ كُتبت بيد إنسانٍ، ويدرسها إنسانٌ له عواطفُه ومعاييره ومسلماته ومصالحه.

    2- مهما امتلك المؤرخ من عناصرَ مساعدةٍ على قراءة التاريخ، فإنه لا يستطيع أن يجد كل المواد التي يحتاجها في بناء الصورة التي يوضحها للناس.

    إن إشكالية المسألة التاريخية لا تنتهي عند جمع معلومات مجردة، حيث إنها أيضًا أسلوب رواية، وطريقة تحليل، ومنهج تركيب، وهذه مجتمعة تمثلُ أدواتِ تقديم المعرفة التاريخية.

    3- من أخطر ما يتعرض له العمل التاريخي (الانتقائية)؛ فالروايات المتعددة حول حادثة ما، تُلزم المؤرخ أن يختار منها ما يتناسب مع رؤيته العامة لتلك الحادثة، فالانتقاءُ الذي يقوم به المؤرخ يجعل البنيانَ التاريخي كله انتقائيًا، أي أن ثقافة المؤرخ وحدسه ومدى اطلاعه على الواقعة ومركبه العقلي العام، ومزاجه وخياله.. كل ذلك وسائط وأدوات معرفية تشترك في تشكيل الصورة التي اجتهد المؤرخ في تقديمها.

    4- طبيعة العمل التأريخي تُملي نوعًا من الالتزام الأدبي على المؤرخ نحو قرائه، فهو إلى جانب شعوره بضرورة توخي الدقة والأمانة، يشعر بضرورة تقديم صورة كاملة عن الحدث الذي يؤرخ له.

    ولذا فإن المؤرخ يعُدُّ الحقائق القليلة المتوفرة، تمثلُ كلَّ الحقائق المحيطة بالحدث، وعليه من جهته أن يسد الثغرات، ويكمل النواقص التي فيها، ولن يكون ذلك إلا من خلال إصدار سلسلة من الأحكام التي ترسم صورة ما للواقعة التي يتحدث عنها.

    5- اختلاف المؤرخين في سَوق الأحداث وتحليلها؛ يعود إلى أسباب كثيرة، ولعلنا هنا نشير إلى أهمها في المفردات الآتية:
    1- للمزاج تأثيره في صياغة الحدث التاريخي، وهناك إلى جانب هذا أهواء التحيز أو الافتراضات المرتبطة باتباعِ المؤرخِ جماعةً معينة، أو مذهبًا معينًا.

    2- مهما بلغ المؤرخ من العالمية، فإنه في النهاية يظل ابن بيئته ومحيطه، ووليد لحظات زمانه المتغير، فالبيئات الجغرافية والاجتماعية والثقافية، بكل ما تحمله من ثوابت وملامح ومعطيات وتقاليد ومفاهيم وأفكار وأمزجة؛ تبرمج آليةَ التفكير والتحليل والتفسير لدي المؤرخ.

    3- حاول الباحثون في فلسفة التاريخ أن يقفوا على العوامل الرئيسة التي تتحكم في سير التاريخ، وقد تشعبت بهم السبلُ وأخذ منهم الاختلافُ كلَّ مأخذ في العامل الحاسم، وكل مؤرخ لا يجد بدَّا من التركيز على كل ما يدعم نظريته.

    6- النتيجة التي يمكن أن ننتهي إليها من وراء كل ما سبق هي أنه ليس في أعمال المؤرخين موضوعية مطلقة؛ لأن المؤرخ مهما أكثر من محاولات إلزام نفسه بالبعد عن التحيز، فإنه لن يتوقى ذلك على نحو تام.

    7- حين يقع حدث تاريخي ما، فإنه لا يقع في فراغ فكري أو اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي أو جغرافي، بل تظل هناك عواملُ مؤثرة في صياغة حجم الحدث ومضمونه، ودلالته ونتائجه، ولا بد أن يراعي المؤرخ وقارئُ التاريخ ذلك؛ حتى لا يسيء الفهم.

    8- لم نُرد من وراء ما ذكرنا الحطَّ من قدر التاريخ، وإنما أردنا أن نوضح بعضَ المعالم التي تساعد على تكوين خلفية ثقافية لدى من يطالع في كتب التاريخ، على أمل أن يكمل القارئ عملَ المؤرخ، فالكتاب التاريخي لا يؤدي رسالته المعرفية من غير تَلَقٍّ حَسَن من قُرائه.

    ومما يساعد القارئَ في كتاب تاريخي على فهم عميق: أن يقوم بطرح سلسلة من الأسئلة، وذلك نحو:
    1- هل المؤرخ ذو صبغة مذهبية معينة، أو اتجاه فكري معين؟
    2- هل البيئة التي ينتمي إليها بيئة مغلقة، أو بيئة مفتوحة تختلط فيها الأعراق والأجناس والثقافات؟
    3- هل المؤرخ ممن يحاول أن يترك مسافة واعية بين رأيه الشخصي وبين الأحداث التي يؤرخ لها؟
    4- هل المؤرخ على دراسة حسنة بما يكتب عنه، وهل مصادره التي اعتمد عليها موثوقة؟
    5- هل المؤلف يكثر من التفاصيل الدقيقة في رواياته، أو أنه يكتفي بالوقوف عند أصول الأخبار والوقائع؟

    الخاتمة:
    كان القصد الأساسي من وراء هذه الرسالة تعزيز الاهتمام بممارسة القراءة واصطحاب الكتاب، بالإضافة إلى تحسين فعل القراءة، واستثماره على أفضل وجه ممكن.

    ولا يخفي أن ما ذكرناه هو النموذج الأرقى في تنظيم الجهود القرائية، وسيكون بإمكان كل قارئ أن يقترب من ذلك النموذج على مقدار ما تسمح به إمكاناته وظروفه.

    إنني أعتقد أننا سننال من القراءة أكثر؛ كلما كان وعيُنا بما نريده من ورائها أكثرَ نضجًا وتنظيمًا


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/73426/#ixzz3fm98jXCC
    سلام للقلوب الصادقة

  6. #16
    vip السبلة الصورة الرمزية الشيخه الفلانيه
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    الدولة
    ٰ بَـ / رحابة صّدر أبُوي ❤.
    المشاركات
    72,159
    Mentioned
    1 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    ،








    كُل آلششكرْ عَ آلطرح
    يعطيكِ آلله آلععآفيهً !

    -



    ( وٰ إني قويه بـَ ؛ رب السمآء ).


  7. #17
    كاتب وأديب بالسبلة العمانية

    تاريخ التسجيل
    Jan 2015
    الدولة
    سلطنة عمان
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    21,460
    Mentioned
    38 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشيخه الفلانيه مشاهدة المشاركة

    ،








    كُل آلششكرْ عَ آلطرح
    يعطيكِ آلله آلععآفيهً !

    العفو اختي الشيخه .. مرورك يسعدنا
    سلام للقلوب الصادقة

  8. #18
    كاتب وأديب بالسبلة العمانية

    تاريخ التسجيل
    Jan 2015
    الدولة
    سلطنة عمان
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    21,460
    Mentioned
    38 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)
    ارجو مشاركتكم لنا في طرح كتب ملخصه هنا كنوع من تنويع الافكار والمصادر .
    سلام للقلوب الصادقة

  9. #19
    كاتب وأديب بالسبلة العمانية

    تاريخ التسجيل
    Jan 2015
    الدولة
    سلطنة عمان
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    21,460
    Mentioned
    38 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)
    تلخيص كتاب المفاتيح العشرة للنجاح للدكتور ابراهيم الفقي

    المفتاح الأول: الدوافع والتي تعمل كمحرك للسلوك الإنساني ذهب شاب يتلمس الحكمة عند حكيم صيني فسأله عن سر النجاح، فأرشده أنها الدوافع، فطلب صاحبنا المزيد من التفسير، فأمسك الحكيم برأس الشاب وغمسها في الماء، الذي لم يتحرك لبضعة ثوان، ثم بدأ هذا يحاول رفع رأسه من الماء، ثم بدأ يقاوم يد الحكيم ليخرج رأسه، ثم بدأ يجاهد بكل قوته لينجو بحياته من الغرق في بحر الحكمة، وفي النهاية أفلح. في البداية كانت دوافعه موجودة لكنها غير كافية، بعدها زادت الدوافع لكنها لم تبلغ أوجها، ثم في النهاية بلغت مرحلة متأججة الاشتعال، فما كانت من يد الحكيم إلا أن تنحت عن طريق هذه الدوافع القوية. من لديه الرغبة المشتعلة في النجاح سينجح، وهذه بداية طريق النجاح.

    المفتاح الثاني: الطاقة التي هي وقود الحياة العقل السليم يلزمه الجسم السليم، ولا بد من رفع مستوى كليهما حتى نعيش حياة صحية سليمة. خير بداية هي أن نحدد لصوص الطاقة اللازمة لحياتنا نحن البشر، وأولها عملية الهضم ذاتها، والتي تتطلب من الدم –وسيلة نقل الطاقةجميع الجسم- أن يتجه 80% منه للمعدة عند حشو الأخيرة بالطعام،. القلق النفسي هو اللص الثاني للطاقة، ما يسبب الشعور بالضعف، والثالث هو الإجهاد الزائد دون راحة. الآن كيف نرفع مستويات الطاقة لدى كل منا- على المستوى الجسماني والعقلي والنفسي؟ الرياضة والتمارين، ثم كتابة كل منا لأهدافه في الحياة، ومراجعتها كل يوم للوقوف على مدى ما حققناه منها، ثم أخيرًا الخلو بالنفس في مكان مريح يبعث على الراحة النفسية والهدوء والتوازن.

    المفتاح الثالث: المهارة والتي هي بستان الحكمة جاء في فاتورة إصلاح عطل بماكينة أن سعر المسمار التالف كان دولار واحد، وأن معرفة مكان هذا المسمار كلف 999 دولار. يظن البعض أن النجاح وليد الحظ والصدف فقط، وهؤلاء لن يعرفوا النجاح ولو نزل بساحتهم. المعرفة هي القوة، وبمقدار ما لديك من المعرفة تكون قوياً ومبدعًا ومن ثم ناجحًا. كم من الكتب قرأت وكم من الشرائط التعليمية سمعت مؤخرًا؟ وكم من الوقت تقضي أمام المفسديون؟ شكت شاكية حضرت محاضرة أنها فٌصلت من عملها كنادلة في مطعم، فسألها هل تعلمت أو قرأت أي شيء لتكوني مؤهلة للعمل في المطاعم، فجاء ردها بأن العمل في المطاعم لا يحتاج إلى تعلم أي شيء، وهذا الجهل كلفها وظيفتها. لتصل إلى غد أفضل ومستقبل زاهر بادر بتعلم المزيد دون توقف، وتذكر الحكمة الصينية القائلة بأن القراءة للعقل كالرياضة للجسم . “Luck”" أود هنا ذكر معلومة لغوية، ألا وهي معنى كلمة حظ في اللغة العربية، والتي هي ترجمة كلمة في الإنجليزية –وهذه ترجمة قاصرة، إذ أن تعريف الحظ في اللغة العربية هو النصيب، ففي القرآن نجد الآية: (وما يُلقاها إلا الذين صبروا، وما يُلقاها إلا ذو حظ عظيم) وفي اللغة يُقال فلانًا على حظ من القوة، وفلانة ذات حظ من الجمال، وكلها تعني النصيب والقدر، فهل كان أجدادنا العرب لا يعرفون -أو قل لا يعترفون- بما اتفق على تسميته الحظ اليوم؟ “”"

    المفتاح الرابع: التصور (التخيل) هو طريقك إلى النجاح إنجازات ونجاحات اليوم هي أحلام وتخيلات الأمس، فالتخيل بداية الابتكار، وهو أهم من المعرفة ذاتها، وهو الذي يشكل عالمنا الذي نعيش فيه. الكثير من الأحلام كانت محط سخرية العالم قبل تحققها، مثل حلم فريد سميث مؤسس فيدرال اكسبريس، وحلم والت ديزني الذي أفلسه ست مرات حتى تحقق. يحدث كل شيء داخل العقل أولاً، لذا عندما ترى نفسك ناجحاً قادرًا على تحقيق أهدافك مؤمنًا بذلك في قلبك، كل هذا سيخلق قوة ذاتية داخلية تحقق هذا الحلم. تموت بعض الأفكار العظيمة قبل أن تولد لسببين: عدم الإيمان الداخلي، وتثبيط المحيطين بنا. المكان الوحيد الذي تصبح أحلامك فيه مستحيلة هو داخلك أنت شخصيًا.

    المفتاح الخامس: الفعل (تطبيق ما تعلمته) هو الطريق إلى القوة المعرفة وحدها لا تكفي، فلا بد وأن يصاحبها التطبيق العملي، والاستعداد وحده لا يكفي، فلا بد من العمل. بل إن المعرفة بدون التنفيذ يمكنها أن تؤدي إلى الفشل والإحباط. الحكمة هي أن تعرف ما الذي تفعله، والمهارة أن تعرف كيف تفعله، والنجاح هو أن تفعله! يتذكر الإنسان العادي 10% أو أقل مما يسمعه، و25% مما يراه، و90% من الذي يفعله. ينصحنا أصحاب النجاح دوماً أنه ما دمنا مقتنعين بالفكرة التي في أذهاننا، فيجب أن ننفذها على الفور. موانع الناس من التحرك لا يخرجون عن اثنين: الخوف (من الفشل أو من عدم تقبل التغيير أو من المجهول أو الخوف من النجاح ذاته!) والمماطلة والتلكؤ والتسويف. حل هذه المعضلة هو وضع تخيل لأسوأ شيء يمكن أن يحدث وأفضل ما يمكن حدوثه نتيجة هذا التغيير، ثم المقارنة بين الاثنين. ليس هناك فشل في الحياة، بل خبرات مكتسبة فالقرار السليم يأتي بعد الخبرة التي تأتي من القرار غير السليم. لا تقلق أبداً من الفشل، بل الأولى بك أن تقلق على الفرص التي تضيع منك حين لا تحاول حتى أن تجربها. الحكمة اليابانية تقول أنك لو وقعت سبع مرات، فقف في المرة الثامنة. الحياة هي مغامرة ذات مخاطر أو هي لا شيء على الإطلاق. التصرف بدون خطة هو سبب كل فشل.

    المفتاح السادس: التوقع هو الطريق إلى الواقع نحن اليوم حيث أحضرتنا أفكارنا، وسنكون غدًا حيث تأخذنا. ما أنت عليه اليوم هو نتيجة كل أفكارك. كل ما تتوقعه بثقة تامة سيحدث في حياتك فعلاً. سافر الدكتور خارج البلاد ومعه عائلته، وفي خلفية عقله راودته فكرة سلبية أن بيته سيتم سرقته. وفعلاً حدث ما توقعه الدكتور. لقد أرسل عقله –دون إدراك منه - إشارة إيجابية للصوص بأن تفضلوا، وهكذا يفعل الكثيرون منا بقلقهم الزائد، فنحن غالبًا ما نحصل على ما نتوقعه. نحن نتسبب في تكوين وتراكم حاجز من التراب ثم بعدها نشكو من عدم قدرتنا على الرؤية بوضوح. عندما تبرمج عقلك على التوقعات الإيجابية فستبدأ ساعتها في استخدام قدراتك لتحقيق أحلامك. عندما تضبط نفسك وهي تفكر بشكل سلبي — قم على الفور بلسع نفسك بشكل يسبب لك الألم البسيط بشكل يجعلك تنفر من التفكير السلبي،.

    المفتاح السابع: الالتزام يفشل الناس في بعض الأحيان، ليس ذلك بسبب نقص في القدرات لديهم، بل لنقص في الالتزام. من يظن نفسه فاشلاً بسبب بضعة صعاب داعبته عليه أن ينظر إلى توماس إديسون الذي حاول عشرة آلاف مرة قبل أن يخترع المصباح الكهربي، وهناك قصة الشاب الذي أرسل أكثر من ألفي رسالة طلب توظيف فلم تقبله شركة واحدة، ولم ييأس فأعاد الكرة في ألفي رسالة أخرىـ ولم يصله أي رد، حتى جاءه في يوم عرض توظيف من مصلحة البريد ذاتها، التي أعجبها التزامه وعدم يأسه. الالتزام هو القوة الداخلية التي تدفعنا للاستمرار حتى بالرغم من أصعب الظروف وأشقها، والتي تجعلك تخرج جميع قدراتك الكامنة.

    المفتاح الثامن: المرونة وقوة الليونة كل ما سبق ذكره جميل، لكن لابد من تفكر وتدبر، فتكرار ذات المحاولات غير المجدية التي لا تؤدي إلى النجاح لن يغير من النتيجة مهما تعددت هذه المحاولات. لم تستطع الديناصورات التأقلم مع تغيرات البيئة التي طرأت من حولها فانقرضت، على عكس وحيد القرن (الخرتيت) الذي تأقلم فعاش لليوم. إذا أصبحت فوجدت طريقك المعتاد للذهاب للعمل مسدودًا، فماذا ستفعل؟ هل ستلعن الزحام أم ستبحث عن طريق بديل؟ إن اليوم الذي تعثر فيه على فرصة عمل هو اليوم الذي تبدأ فيه البحث عن عمل آخر، فعليك أن تجعل الفرص دائماً متاحة أمامك. نعم التفاؤل والأفكار الإيجابية مطلوبان بشدة، لكن هذا لا ينفي إمكانية حدوث معوقات وتداعيات يجب الاستعداد لها مسبقاً، فالطريق ليس مفروشاً بالورود. اجعل لنفسك دائمًا خطة بديلة، بل أكثر من خطة واحدة.

    المفتاح التاسع: الصبر كثير من حالات الفشل في الحياة كانت لأشخاص لم يدركوا كم كانوا قريبين من النجاح عندما استسلموا. الإنسان الذي يمكنه إتقان الصبر يمكنه إتقان كل شيء. ويكفينا النظر في القرآن وتدبر مغزى عدد مرات ذكر الصبر والصابرين والصابرات لنعلم أن عدم الصبر هو أحد أسباب الفشل، لأنك قبل النجاح ستقابل عقبات وموانع وتحديات مؤقتة، لن يمكنك تخطيها ما لم تتسلح بالصبر. للصبر قواعد هي العمل الشاق والالتزام، حتى يعمل الصبر لمصلحتك. لا تيأس، فعادة ما يكون آخر مفتاح في سلسلة المفاتيح هو الذي سيفتح الباب.

    المفتاح العاشر: الانضباط وهو أساس التحكم في النفس جميعنا منضبطون، فنحن نشاهد التليفزيون يومياً بانتظام، لكننا نستخدم هذا الانضباط في تكوين عادات سلبية مثل التدخين والأكل بشراهة… بينما الناجحون يستعملون هذا الانضباط في تحسين حياتهم والارتقا بمستوى صحتهم ودخلهم ولياقتهم. العادات السيئة تعطيك اللذة والمتعة على المدى القصير، وهي هي التي تسبب لك الألم والمرض والمعاناة على المدى البعيد. إذا لم تكن منضبطاً فتداوم على الرغبة في النجاح وتتسلح بالإيجابية بشكل يومي وبحماس قوي فحتماً ستفشل. الانضباط الذاتي هو التحكم في الذات، وهو الصفة الوحيدة التي تجعل الإنسان يقوم بعمل أشياء فوق العادة، وهو القوة التي تصل بك إلى حياة أفضل، فالمثابرة تقضي على أي مقاومة.

    ختم الدكتور إبراهيم كل مفتاح من هذه المفاتيح بهذه المقولة: عش كل لحظة كأنها الأخيرة، عش بالإيمان، عش بالأمل، عش بالحب، عش بالكفاح، وقدر قيمة الحياة. أتمنى لو تطبعون هذه المقالة مرات ، وتوزعوها على الأصدقاء والأصحاب، فنحن اليوم في أشد الحاجة للتفكير الإيجابي ولشحن بطاريات الأمل لدينا، وأختم بما ختم به الدكتور: لن أتمنى لك حظًا سعيدًا، فأنت من سيصنع نصيبه. ------------ -------- لاشيء عظيم يمكن أن يتحقق بدون أشخاص عظماء ؛ وهؤلاء لايكونون عظماء إلا إذا كانوا عازمين عزماً أكيداً على أن يكونوا كذلك
    سلام للقلوب الصادقة

  10. #20
    مميز السبلة الصورة الرمزية شهد~
    تاريخ التسجيل
    Jul 2013
    الدولة
    In My Place
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    10,348
    Mentioned
    69 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)
    طرح جميل و مميز
    ألف شكر لك

    '
    و يَبقى أبي حُبّ قَلبي و إنْ رَحَل❤.

    .

صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة للسبلة العمانية 2020
  • أستضافة وتصميم الشروق للأستضافة ش.م.م