أليْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رشيد ؟؟!! )



جُبِلَ المرْءُ على التداخلِ والتعايُشِ معَ الآخرينَ من بني جنْسِه ليُحقّقَ دوافعَ الفطْرةِ التي تدعوه إلى ذلك ...فيكوّن صداقاتٍ من هُنا وهناك تتداخلُ معها مصالحَ شخصية ومصالحَ أخوية .... بيْدَأنّ هذه الصداقات حين تتعرّى من آصرةِ الأخوّةِ الحقّةِ التي أساسُ بنائها ( تقوى الله تعالى ) تتخبّطُ في دروبِ الحياةِ ومسالِكها ، وردهات الدنيا وعتماتها فلا تؤتي ثمارَها البتّة بل قد تكونُ سبباً من أسباب ضياعِ الهُويّة الإسلامية واضمحلال الشخصية المسلمة لأنها تذوبُ في مادّياتٍ سُرعانَ ما يتلاشى نفْعُها ويمّحي أثرُها ..



من خلالِ تلكَ التوطئةِ القصيرةِ ومااكتنفتها من إشاراتٍ إلى معنى الصداقةِ أحببتُ أن أتكلّم في موضوعٍ يَمَسُّ فئةَ الشبابِ الذين كوّنوا صداقاتٍ فيما بيْنهم وما أشاهدُه من سلوكياتٍ ومواقفَ تنجمُ عنهم .........



عندما يجتمِعُ الأصدقاء من فئةِ الشبابِ في سيّارةٍ واحدَةٍ ماذا يكون حالُ البعضِ منهم ؟؟ سُرْعةٌ جنونيّة معَ ارتفاعٍ لصوتِ الموسيقى والأغاني تهيّجهم لتعلوا أصواتهم معها ويزدادُ صفيقهم وصفيرهم متمايلينَ وجْداً لإيقاعها منتشينَ صلَفاً بترانيمها .



( أليْسَ منكم رجُلٌ رشيد ؟؟!! ) يقِفُ غاضِباً لله تعالى ممتعضاً متمّعر الوجه وهو ينصحُ أصدقاءه .. رويْداً بأنفسنا وكفانا لهواً ولعِبا فلم نُخلقْ لهذا فالله لا يرضى بصنيعنا والناس تستهجنُ سلوكَنا .



عندما يجتمِعُ الشبابُ في مجْلِسٍ يتبادلونَ أطرافَ الحديثِ هواتفهم في أيديهم وألسنتهم أشرعوها غِيبةً لفلانٍ وعِلان ، واستهزاءً بعمْرٍ وزيْدٍ ، وتواصوْا لتناقُلِ مقاطعِ المجون والانحلال ،وصورٍ للماجنات العاهرات ، وأغانٍ للخليعين والخليعات تعلو ضحكاتهم ويستمرّ غيّهم.



( أليْسَ منْكم رجُلٌ رشيد ؟؟!! )ينتفِضُ غِيرةً لمحارمِ الله أن تُنْتهك .. ويذبُّ عن أحكامِ الله تعالى ويذودُعنها .. وينصحُ أصدقاءه قائلاً لهم بنبرةِ المشفق العطوف عليهم : إلامَ التمادي؟؟!! ألا تخشوْنَ فجأةَ الأجلِ وأنتم على سوءِ حال ؟؟ ألم تسمعوا بمصارعَ من سبقوكم وهم يأتونَ مثلَ ما تأتون ؟؟ هل تريدون خاتمَةَ السوءِ أم الخاتمة الحسنة؟؟ فستذكرون ما أقول وأفوّضُ أمري إلى الله .



عندما يعزمُ الشبابُ على الارتحالِ إلى بلدٍ أجنبيٍّ بُغيَةَ قضاءِ الأوطار فيها والالتقاء بالمومسات ، فيعدّونَ العُدّةَ بإنفاق الأموال الطائلة للتذاكر ويهيّئونَ الزادَ والعتاد لذلك



( أليْسَ منكم رجُلُ رشيد ؟؟!! ) يعلنها مُدوّيةً في أسماعهم لن أسافرَ معكم ولن أقتفي خُطاكم فديني ينهاني عن ذلك ،وخشيتي لله تحول بيني وبين ما تشتهون .... أتنفقونَ أموالكم في سبيلِ الحرام ؟؟!!وطالما قبضتموها عن الإنفاق في سبيل الله تعالى .. ما الذي يضمنُ لكم وصولكم أوبقاؤكم على قيْدِ الحياةِ وقد بيّتم نيّةً فاسدةً ؟؟!! هل هانَ قدْرُ الله في نفوسكم فلم تحدّثكم بالتوبةِ والاستغفار ؟؟!! لذّةُ ساعةٍ ستورثكم الندمَ الطويل والخسرانَ المبين فاستفيقوا من سكرتكم .



الأمثلةُ التي تقدّمت غيْضٌ من فيْض وقليلٌ من كثير ونزْرٌ من بحر وهي على سبيلِ المثالِ لا الحصْرِ لنعلمَ كيف هي حياةُ بعض الأصدقاء الذين اجتمعوا على حُطامِ الدُنيا الفاني ، وكيف هم غافلونَ لايوجدُ منهم رجلٌ رشيدٌ ينصحهم أو يأخذ بأيديهم إلى جادّةِ السواءِ .... وأمثالُ هؤلاء الشباب كثيرونَ جدّاً نراهم بأعيننا ونسمعُ عنهم من الآخرينَ .... انتهى بعضهم إلى السجونِ والبعض إلى إدمان المخدرات والبعض إلى الغرق في مستنقعات وأوحالا لرذيلة حتى كان لسانُ حاله ( أصدقائي هم السبب )



فلنكن معَ أصدقائنا لُحْمةً واحدةً للإصلاحِ والبناء ، ينصحُ بعضنا الآخر إن أخطأ وضلّ ويذكّر أحدنا الآخر إن غفلَ ونسِيَ وزل لنُحقّقَ قولَ الله تعالى ( الإخلّاءُ يومئذ بعضهم لبعضٍ عدوٌّ إلاالمتّقين ) .

منقول