قـالَ الشـاعـر :
دقـاتُ قلـبِ المـرءِ قائلـةً لـهُ ,,, إنَ الحيـاةَ دقـائـقٌ وثواني
وقالَ شاعرٌ آخر :
إن الشبابَ والفراغَ والجدةَ ,,, مفسدةٌ للمرءِ أي مفسدة؟!
منْ هذا المنطلقِ يبدأُ حديثُنا عنِ الشبابِ ومصيرِ أوقاتِ الفراغِ عندهُم ،
إنَّ الوقتَ والفراغ أمرانِ مترابطانِ بكلِّ نواحيهِما ، كلٌّ منهُما يتجاذَبُ
معَ الآخرِ بقوةٍ هيَ أقوى حتَّى منَ الجاذبيةِ الأرضية ، فالشبابُ هي
المرحلةٌ التي تكمنُ فيها نقاط القوًّةِ للإنسان ، والوقتُ هوَ الذي
يحكمٌ فترةَ الشبابِ هذه ، فهلْ وُفِّقَ شبابُنا في التوفيقِ والجمعِ بين
الأمرَيْن ؟؟!!
***
إنَّ مرحلةَ الشبابِ بكلِّ ما تحملهُ من تغيراتٍ وتطوراتٍ حياتيةٍ للفرد،
فهي تنقلهُ من عالمِ الإتكاليةِ إلى عالمِ الإعتمادية ؛ فنحنُ الشباب أداةُ التطويرِ
والتنميةِ والازدهارِ ، ولنْ تقومَ لأيِّ مجتمعٍ قائمةً أبداً مالمْ يحسن استغلالَ قوةِ
الشباب ؛ لأننا بالفعلْ في مرحلةٍ نسمو فيها بابداعاتنا وابتكاراتِنا ، بأنشطتِنا و
الأهم بصحتِنا المتكاملةِ ، فالشبابُ هو أساسُ القيامِ والنهوضِ للمجتمعاتِ جميعَها
سواءاً المتقدمةُ منها أم النامية ، فالدولُ المتقدمة لا يكمُنُ تقدمها من فراغٍ ، وإنما
هو حسنُ استغلالِها لأساسِ قيامِها وتقدمِها ؛ ألا وهمُ الشباب بما يملكونَه منْ
مستوياتٍ تعليميةٍ وابداعاتٍ وابتكاراتٍ وخبراتٍ متطورة ، أما إذا اتجَهنا في الإتجاهِ
المعاكسِ إلى الدولِ النامية ؛ فإننا سنجِدُ أنها لا تُبدي أيَّ اهتمامٍ أو تقديرٍ لشبابِها ...
***
دعونا الآن منْ ذلكَ كله ، ولِنديرَ دفةَ السفينةِ إلى الإتجاهِ المعاكسْ ،
ولنتجهَ إلى ذلك الذي يشغلُ شبابنا ، ويضعهم في حيرةٍ من أمرهم ، ( الوقتُ كالسيفِ
إن لم تقطعهُ قطعك ) ، عبارةٌ دائماً ما يترددُ صداها في كل مكانٍ وزمان ، فيا تُرى هل
كل من يَنطقُ بهذه العبارة أو الحكمة يَعِي ما يقولهُ عملاً وليس قولاً وحسب ؟! للأسف
الشديد فالإجابةُ محايدة بين الأمريْن ، وقد تطغى كلمة ( لا ) على ( نعم أو بَلا ) حاضراً !
فهذا ما يُؤَرِّقُ مجتمعاتنا العربيةِ و الإسلامية ، فقد تراجعت أعدادهمْ أولئك الذين كنا ندَّعي
أنهم سلاحَنا ضدّ من عادانا ، فالواقع أن هذا السلاح الذي كنا نتسلَّحُ به قد تحوّل ضدّنا ،
فأوقات الشباب التي تذهبُ هباءاً منثوراً إما على الوسائلِ الإعلامية أو السلوكيّاتِ البهلوانية
؛ قد حطّمت كلّ آمالنا في أن يَقضي شبابنا أوقاتهم الذهبية قضاءاً نافعاً ، ولقد انقلبتِ الموازينُ
رأساً على عقب ، حين تحولت الحكمة القائلة : ( الوقتُ من ذهب لا يعودُ منهُ ما ذهب ) إلى
مفهوم اللامبالاةِ عند شبابِ عصر السرعة ؛ الذين لا يعبؤونَ حتى بنتائجِ فراغهم المهدور ...
***
أليسَ من المفترض أن يكون شبابنا على مستوياتٍ عاليةٍ من الوعيِ والإدراك
بقيمةِ الوقتِ الضائعِ من عمرِ حياتهم ؟! إنها فعلاً لكارثةٌ أن يكون أولئك الذين يتباهوْن
بشبابهم قد وصلوا إلى درجةِ الانحطاطِ الفكريّ والثقافيّ ! و إنه لدمارٌ شاملٌ خلفهُ ذلك
الوقت الفارغُ حينما حلّ بمجتمعاتنا عامةً !...
***
قد تكون فترةً زمنية طويلة هي فترةُ الشباب ، ولكن هل يستطيعُ الفارغون أن
يقولون بأنهم قد عاشوها حياةُ كريمةً ومليئة بالنجاحاتِ والمساهمات ؟ هل يستطيع أولئك
أن يًبرهِنوا ولو لأنفسهم حقيقةَ ما يقولون ؟ وماذا سيقولونَ حينما تُسلبُ منهم قواهم و
صحتهم التي كانوا يتباهون بها حينما كانوا شباباً وعندما يصبحونَ في ظلّ رحمةِ
الشيخوخة المدقعة ؟...
***
الشباب .. كنزٌ لا ندركُ قيمتهُ إلا عندما نصبح في واقع ما بعد الشباب والصحة
المسلوبة ، فجديرٌ بنا أن نستغلّ طاقات شبابنا وطاقاتنا ونفجّرها لنعلنَ للجميع تمكننا من
كل ما من شأنه أن يرفعنا إلى مستوياتِ الأمم المتقدمة ...
***
كثيرةٌ هي القوانين التي تحكم سلوكياتنا ، وكثيرةٌ هي الوسائلُ التي تُضيّع أوقاتنا
، وكذلك كثيرةٌ هي النداءات باستغلال أوقاتِ فراغنا ، ولكن الواقع الذي يحكمنا هو أنه لا
قوانين تفرض علينا أن نستغل أوقاتنا استغلالاً نموذجياً ، عجباً من ذلك كله !! هل نحنُ نعيشُ
عصر اللامبالاةِ فعلاً ؟!
***
أخيراً .. فلنُعلي رايةَ الوقتِ الثمين عالياً ، ولنُطبق مبادئنا كمسلمينَ عربيينَ
؛ حتى نتمكنَ من التباهي فعلاً بمرحلةِ شبابنا ...

مما راق لي

***