حكى الحسن بن محمد السطوي، غلام كان يخدم أبي رحمه الله،قال: كان عندنا بسوق الأربعاء، من بناتاذر، غلام حدث من أولاد التناء، لحقه وجع في معدته شديد، بلا سبب يعرفه، وكانت تضرب عليه في أكثر الأوقات ضرباناً عظيماً، حتى كاد يتلف، وقل أكله، ونحل جسمه.
فحمل إلى الأهواز، فعولج بكل شيء، فما نجع فيه دواء، فرد إلى بيته وقد يئس منه.
فاستدعى والده طبيباً حاذقاً، وأراه ولده، فقال له الطبيب: أقعد وأشرح لي حالك، منذ حال الصحة، فشرحها.
وطاوله في الحديث، إلى أن قال له العليل: إني دخلت بستاناً لنا، وكان في بيت البقر منه، رمان كثير، قد جمع للبيع، فأكلت منه رمانات عدة.
فقال له الطبيب: كيف كنت تأكل ؟ قال: كنت أعض رأس الرمانة بفمي، وأرمي به، وأكسرها، وآكلها، قطعاً قطعاً.
فقال له الطبيب: في غد أعالجك، وتبرأ بإذن الله تعالى، وخرج.
فلما كان من الغد، جاءه بقدر إسفيذباج، قد طبخها بلحم جرو سمين، وقال للعليل: كل هذا.
فقال: ما هو ؟ قال: إذا أكلت عرفتك.
قال: فأكل العليل.
فقال له الطبيب: أمتل من الطعام، ففعل، ثم أطعمه بطيخاً كثيراً، ثم تركه ساعة، وسقاه فقاعاً قد خلط بماء حار وشبث.
ثم قال: أتدري أي شيء أكلت ؟ قال: لا أدري.
قال: أكلت لحم كلب، فحين سمع الغلام ذلك، اندفع فقذف جميع ما في بطنه.
فأمر الطبيب بعينيه ورأسه فأُمسكا، وأقبل يتأمل القذف، إلى أن طرح الغلام شيئاً أسود، كالنواة الكبيرة، يتحرك.
فأخذه الطبيب، وقال له: ارفع رأسك، فقد برئت، وفرج الله تعالى عنك.
فرفع الغلام رأسه، وانقطع القذف، وسقاه الطبيب شيئاً يقطع الغثيان، وصب على رأسه ماء ورد، وسكن نفسه، ثم أخذ ذلك الشيء الذي يشبه النواة، فأراه إياه، فإذا هو قراد.
وقال له: إني قد زكنت أن الموضع الذي كان فيه الرمان، كان فيه قردان من البقر، وأنه قد دخلت واحدة منهن في رأس إحدى الرمانات التي اقتلعت رؤوسها بفيك، فنزل القراد إلى حلقك، وعلق بمعدتك يمتصها.
وعلمت أن القراد يهش إلى لحم الكلب، فأطعمتك إياه، وقلت: إن صح ظني، فسيتعلق القراد بلحم الكلب، تعلقاً يخرج معه إن قذفت، فتبرأ، وإن لم يكن ما ظننت صحيحاً، فما يضرك من أكل لحم الكلب.
فلما أحب الله تعالى من عافيتك صح حدسي، فلا تعاود بعد هذا إدخال شيء في فيك لا ترى ما فيه.
وبريء الغلام، وصح جسمه
.