*الوجه المظلم للقمر*
محمد بن سعيد المسقري
*حقيقة*
المعاصي السرية .. يبتلي بها بعض الناس .. وربما كثير منهم
قد تؤلمهم .. تؤرقهم وتقض مضجعهم ..
تشعرهم بالخزي والذل.. يحسون بأنهم بلا قيمة..
*بل يشعر بعضهم بأنهم منافقون*.. مراؤون.. مخادعون.. يضحكون على ربهم وعلى الناس
*وقفة*
هل تظن أنك الوحيد الذي ارتكبت معصية؟ وأن باقي الناس ملائكة لا يخطئون؟🤔
هل تظن أن رحمة الله بعيدة المنال؟🤔
*تحليل*
ثمة اتجاهان خاطئان يسلكها أصحاب المعاصي السرية، حذر منها الشرع الحنيف، وهي خطيرة:
*أولها : اليأس والقنوط من رحمة الله*
👈🏼 عندما ينغمس في المعصية وتحيط به الخطايا مسرفا فيها يقذف الشيطان في نفسه أن غرقه لا نجاة منه، وأن بحره لا ساحل له، فهو هالك لا محالة، فينسى رحمة الله ويستسلم لليأس والعياذ بالله ..
*ثانيها: المجاهرة بتلك المعاصي*
👈🏼 حين تكثر ذنوبه السرية، وهو ظاهرا يحاول الالتزام بفرائضه وشعائر دينه، يأتيه الشيطان ليهمس إليه : أيها الفاسق الفاجر لم يكفك أنك فاسق، *تريد أن تكون منافقا*؟ تظهر الخير وتبطن الشر
فيقول له: وما الحل يا صاح، فيدنو منه فرحا ويهمس له: أعلن ذنوبك وجاهر بها، لتكون فاسقا واضحا خيرا من فاسق منافق !!!
وفي الحالتين يستمر العاصي في الانغماس في المعصية، والبحث عن مسالك وحيل جديدة للوصول لها، حتى تصبح شغله الشاغل، وتحيط به من كل صوب، *فتنسيه نفسه وربه*، وتسحبه تدريجيا من واجباته وفرائضه وتبعده عن أهل الخير والصلاح، وتضعف فيه إرادة الخير، حتى تموت تماما – والعياذ بالله -، فيصبح هائما بلا هدف ولا هوية ولا أمل ولا سعي للخير والصلاح، *وهذا مراد الشيطان بالضبط!*
*لفتة*
الاتجاهان الخاطئان حذر منهما وعالجهما الشرع الحنيف في كتاب الله وسنة المصطفى – صلى الله عليه وسلم - :
*أما الأول* فقد خاطب الله المسرفين الذين يميلون لليأس بألطف خطاب وأجمل أسلوب وفتح الله باب الأمل على مصراعيه، ووعدهم ب(شطب) تام لكل ما اقترفوه فقال :" قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا"
👈🏼 نداء رقيق (يا عبادي) + ذكر للمشكلة بكل وضوح حتى لا يظنوها مخجلة(أسرفوا على أنفسهم) + العلاج المباشر(لا تقنطوا من رحمة الله) + ( تذكير برحمة الله وقدرته على محو ما استعظموه( إن الله يغفر الذنوب جميعا)
*كلها جرعات نفسية عظيمة تداوي هذا المريض*، ولا تترك للشيطان فرصة لاستغلال ضعفه ودفعه لوادي اليأس الخطير.
*أما الثاني* فقد عالجته السنة بالستر مهما كان، فحذرت من المجاهرة وأنها هي طريق الهلاك وليست هي الحل : " كل أمتي معافى إلا المجاهرون"، بل حتى في الأمور والفواحش التي فيها إقامة حدود كالزنا، لا يعلنها الشخص حتى للقاضي ولا الوالي ولا حتى للنبي – صلى الله عليه وسلم - : " من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله فإنه من يبدِ لنا صفحته نقم عليه كتاب الله"
👈🏼 ولذا نجد المصطفى صلى الله عليه وسلم الأب الرحيم لا يسمح بالقدوم للاعتراف بهذه الفاحشة أمامه، ولا يرضى أن يُحدَّث عما خفي عنه، بل يدعو إلى الستر والاستتار، وطلب المغفرة من الرحيم الغفار.
*الخلاصة*
إن كانت لديك معاص سرية:
لا تظن أنك لا نفع منك فتيأس
أو أنك منافق فتجاهر
*استتر بستر الله واشرع في التخلص من تلك الذنوب بكل همتك الإيمانية* وقو عزيمتك واهزم شيطانك، وارجع إلى رب رحيم لا تتعاظمه الخطايا ، ولا تعجزه المغفرة..
*فالجرح إذا غار لا يغطى ليسرطن، بل يعالج ثم يستر ليشفى بإذن الله*
👈🏼 لست منافقا ولا ميؤوسا منك، بل أنت مؤمن مذنب..
👈🏼 *أنت قمر له وجهان وجه مشرق( إيمانك) ووجه مظلم ( عصيانك)* ، فأنر الوجه المظلم بالوجه المضيء، وحتى تنيره لست ملزما بكشفه بل استره..
ولكن لا تطل بقاء الوجه المظلم .. وعجل في الرجوع إلى الله فإن العمر قصير والناقد بصير والإنسان لا يعلم متى سيرحل عن هذه الدنيا,,
*فالرجوع الرجوع .. قبل الرجوع*