* انَّ المناهج في عمان لا تواكب التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في بلدنا الحبيب ولا تعبر بقدر مناسب عن حاجات المجتمع العماني فضلاً عن أنها لا تتفق مع بعض الاتجاهات المعاصرة في التربية ، وموضوع المناهج الدراسية يُعَدُّ من المرتكزات الأساس لأي نظام تربوي اذ أنها تعكس الفلسفة التربوية وتوجيهات النظام السياسي والاجتماعي للبلد وعن طريقها يتم تنشئة الأجيال في مراحلها المختلفة ، فالمعلم الجيد والمنهج الجيد يخلقان جيلاً واعياً ومتمكناً يستطيع مواجهة الحياة في إطار الأصالة والمعاصرة ، أي انَّ عملية بناء المنهج عملية في غاية الأهمية لان محتوى المنهج يعكس وظيفة المدرسة والغرض من إنشائها وهو الوسيلة المؤثرة في تكوين الجيل الذي نريده ونتمناه ، لهذا نجد بأنَّ هناك حَاجة ملّحة لتحليل العملية التربوية وإعادة تقويم أهدافها من اجل استيعاب متطلبات هذا العصر وما يتضمنه من قضايا ومشكلات مترابطة نتيجة ثورة المعلومات والتقدم العلمي والتكنولوجي والتغير السريع ومانجم عن ذلك من تطورات متلاحقة وتراكم المعرفة وتزايدها بصفة مستمرة وبخاصة التنوع الكبير للمعرفة البشرية . أن مناهجنا لازالت بعيدة كل البعد عن الاتصال بالحياة وحقائقها ، ففي الغرب بل في العالم المتحضر تحديداً تولي الدولة اهتماماً استثنائياً بالأطفال سواء في المدرسة أم في البيت أم خارجها ؟ فما بالنا لا نتّبع الخطوات الصحيحة لتربية أطفالنا فننجح ونصل إلى ماوصل إليه الغرب المتحضر .انَّ مناهجنا الدراسية تعاني التخلف والقِدمَ والتشويه والتزييف في مختلف المواضيع الإنسانية والعلمية والمهنية مما يستدعي وضع خطة شاملة لتحديث المناهج تعكس روح التعاون والتسامح واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون وحرية التعبير عن الرأي وكذلك نؤكد ضرورة تعلم الحاسوب وأعمامه على جميع المدارس وجعله درساً منهجياً في جميع المراحل إضافة إلى تدريس اللغات الأجنبية والاطلاع على ثقافات الشعوب . . .وفي ضوء هذا المفهوم فانّ الأنشطة المصاحبة للمنهج لجميع مفاصلها تُعَدّ مكملة لمحتوى الكتب المدرسية ولايمكن إغفالها أو تجاهلها لان تعزيز المعرفة يتطلب التطبيق الفعلي أو الواقعي أو العلمي لتثبيت عملية التعلم ، كما ان بناء المنهج في أية مرحلة يتطلب إسهام من يعنيهم الأمر في قطاعات المجتمع المختلفة الاجتماعية منها والاقتصادية والسياسية فضلاً عن القطاع العلمي التخصصي ، وكذلك يتطلب هذا البناء مراجعة مستمرة في فترات معلومة للوقوف على أهم المستجدات والمستحدثات في المجالين المهني والعلمي وأساليب التدريس والحصول على المعرفة ويتطلب الأمر أيضاً مشاركة الميدانيين الذين ينفذون المنهج واخص المعلمين والمديرين والمشرفين ... انَّ البناء الديمقراطي لأية دولة من الدول يعتمد اعتماداً مباشراً على التعليم ، وخطوة خطوة نستطيع ان نحقق مانريد ، ومن اجل إعداد جيل مشبع بالقيم العربية الإسلامية والمبادئ الإنسانية النبيلة نرى ضرورة ان يطلع الطلبة على لمحات من ثقافات الأمم والشعوب المختلفة وانجازاتنا التي قدمناها إلى تلك الأمم في اللغة والأدب والعلوم والفنون ، وكذلك نحتاج إلى منهج يسهم إسهاماً مفيداً في تحقيق رفاء كل من الفرد والجماعة ويستجيب لحاجاتها المعاصرة ونرى ان تتوافر في مناهج اليوم اهتمامات بالعلوم والصناعة والعلاقات الدولية وتامين العدالة الاجتماعية ، ولكي يتمكن النظام التعليمي من تحقيق أهدافه الأساس لابد من إعادة نظر جذرية في مكوناته الثلاثة : المعلم والمناهج والإدارة ، فإذا حققنا ذلك وصلنا إلى متطلبات القرن الحادي والعشرين تربوياً.* ودمتم في حفظ الله تعالى وتوفيقه.