
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أريج الرياحين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحبا بك أخي صدى صوت
وأرحب بالاخ الفاضل بوالحمد
امنياتي لكم باستضافة طيبه
ليست لدي أسأله وإنما إضافة بسيطة بخصوص النهي عن الاشاعه في القرآن والسنة وكيفية معالجة هذه الآفه المنتشرة بالمجتمع كإنتشار النار في الهشيم
********
أولا:النهي عن الاشاعة في القران الكريم
كثيرة هي الايات التي تدخل الاشاعة ضمناً فيها الا اننا نقتصر على ما جاء فيها صريحا كقوله تعالى:
الاية الأولى:
"وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الاْمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِى الاَْمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْ لاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَنَ إِلاَّ قَلِيلا(83) من النساء.
فقد قيل في سبب نزول الاية ان قوماً من ضعفة المسلمين كانوا إذا بلغهم خبر عن سرايا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو أخبرهم الرسول بما اوحي إليه من وعد بالظفر، أو تخويف من الكفرة، أذاعوا به، لعدم جزمهم وكانت إذاعتهم مفسدة.
و هذه الآية تشير إِلى حركة منحرفة أُخرى من حركات المنافقين أو ضعاف الإِيمان، تتمثل في سعيهم إِلى تلقف أي نبأ عن إنتصار المسلمين أو هزيمتهم، وبثّه بين الناس في كل مكان، دون التحقيق والتدقيق في أصل هذا النبأ أو التأكد من مصدره، وكان الكثير من هذه الأنباء لا يتعدى إِشاعةً عمد أعداء المسلمين إِلى بثّها لتحقيق أهدافهم الدنيئة وليسيئوا إِلى معنويات المسلمين ويضروا بهم، (وإِذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به..).
بينما كان من واجب هؤلاء أن يوصلوا هذه الأخبار إِلى قادتهم كي يستفيدوا من معلومات هؤلاء القادة وفكرهم ولكي يتجنبوا دفع المسلمين إِلى حالة من الغرور حيال إنتصارات خيالية وهمية، أو إِلى إضعاف معنوياتهم بإِشاعة أنباء عن هزيمة لا حقيقة لها، (ولو ردّوه إِلى الرّسول وإِلى أُولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ...).
«يستنبطونه» من مادة «نبط» التي تعني أوّل ما يستخرج من ماء البئر أو الينبوع، والإِستنباط استخراج الحقيقة من الأدلة والشواهد والوثائق، سواء كانت العملية في الفقه أو الفلسفة أو السياسة أو سائر العلوم.
(أُولي الأمر) في الآية هم المحيطون بالأُمور القادرون على أن يوضحوا للناس ما كان حقيقياً منها وما كان إِشاعة فارغة. وهم النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وخلفاؤه من أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) بالدّرجة الأُولى.
ويأتي من بعدهم العلماء المتخصصون في هذه المسائل.
وتؤكد الآية في ختامها على أنّ الله قد صان المسلمين بفضله ولطفه وكرمه من آثار إِشاعات المنافقين والمغرضين وضعاف الإِيمان، وأنقذهم من نتائجها وعواقبها الوخيمة، ولولا الإِنقاذ الإِلهي ما نجى من الإِنزلاق في خط الشيطان إِلاّ قليلا: (ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتّبعتم الشيطان إِلاّ قليلا) أي أنّ النّبي وأصحاب الرأي والعلماء المدققين هم وحدهم القادرون على أن يكونوا مصونين من وساوس الشائعات ومشيعيها، أمّا أكثرية المجتمع فلابدّ لها من القيادة السليمة لتسلم من عواقب اختلاق الشائعات ونشرها.
الاية الثانية:
ومن الايات التي نهت نهياً شديداً عن الاشاعة وتوعدت فاعلها باشد العذاب قوله تعالى: ( لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ( 60 ) ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا ( 61 ) سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ( 62 )
فكلمة (المرجفون) من مادّة «إرجاف»، وهي إشاعة الأباطيل بقصد إيذاء الآخرين وإحزانهم، وأصل الإرجاف: الإضطراب والتزلزل، ولمّا كانت الإشاعات الباطلة تحدث إضطراباً عامّاً في صفوف المجتمع، فقد اُطلقت هذه الكلمة عليها.
ويستفاد من سياق الآية أنّ ثلاث فئات في المدينة كانت مشتغلة بأعمال التخريب والهدم، وكلّ منها كان يحقّق أهدافه باُسلوب خاصّ، فظهر ذلك كتيار ومخطّط جماعي، ولم تكن له صبغة فردية:
فالفئة الاُولى: هم «المنافقون» الذين كانوا يسعون لإقتلاع جذور الإسلام عبر مؤامرتهم ضدّه.
والثّانية: هم «الأراذل» الذين يعبّر عنه القرآن: (الذين في قلوبهم مرض) كما أنّ هذا التعبير قد ورد في الآية (32) من سورة الأحزاب في شأن من يتّبع أهواءه وشهواته (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض).
والفئة الثالثة: هم الذين كانوا يبثّون الإشاعات في المدينة، وخاصّةً عندما كان النّبي (صلى الله عليه وآله) وجيش المسلمين يتّجهون إلى الغزوات، لإضعاف معنوياتهم، وكانوا ينشرون الأخبار الكاذبة عن هزيمة النّبي والمؤمنين، وهؤلاء هم «اليهود» برأي بعض المفسّرين.
وبهذا فإنّ القرآن الكريم هدّد هذه الفئات الثلاثة جميعاً.
ويحتمل في تفسير الآية أيضاً، أنّ كلّ أعمال التخريب للفئات الثلاثة كانت من عمل المنافقين، وفصلها عن بعضها هو فصل الصفات لا الأشخاص.
ومهما كان، فإنّ القرآن يقول: إنّ هؤلاء إن استمروا في أعمالهم القبيحة المشينة فسنصدر أمراً بالهجوم العام عليهم، لنقتلع جذورهم من المدينة بحركة المؤمنين الشعبية، ولا يقدرون على البقاء في المدينة بعد ذلك.
وعندما يطردون من هذه المدينة، ويخرجون عن حماية الحكومة الإسلامية، فإنّهم سيكونون (ملعونين أينما ثقفوا اُخذوا وقتلوا تقتيلا).
وهذا التعبير إشارة إلى أنّهم سوف لا يجدون مكاناً آمناً بعد هذا الهجوم، بل سيبحث عنهم المؤمنون بدقّة حتّى يجدوهم ويرسلوهم إلى ديار الفناء.
ثمّ تضيف الآية الأخيرة من هذه الآيات أنّ هذا الأمر ليس جديداً، بل (سنّة الله في الذين خلوا من قبل) فكلّما زادت صلافة المفسدين وتجاوزت مؤامراتهم الحدود، يصدر الأمر بالهجوم عليهم.
ولمّا كان هذا الحكم سنّة إلهيّة، فإنّه سوف لا يتغيّر ولا يتبدّل أبداً، حيث أنّ سنّة الله ثابتة (ولن تجد لسنّة الله تبديلا).
إنّ هذا التعبير يجسّد كون هذا التهديد حقيقياً وجدياً، ليعلموا أنّ هذا المطلب والمصير حتمي، وله جذوره ونظائره في التأريخ، ولا سبيل إلى تغييره وتبديله، فإمّا أن ينتهوا عن أعمالهم المخزية، أو أن ينتظروا هذا المصير المؤلم.
**************
ثانيا : النهي عن الاشاعة في السنة النبوية
وقد احتذا اهل البيت (عليهم السلام) حذو القران وحذروا من الاشاعة اشد التحذير لما فيها من المضار الخطرة على المجتمع الإسلامي نذكر لكم منها:
ففي اصول الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان ابن عيسى، عن محمد بن عجلان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الله (عز وجل) عير أقواما بالاذاعة في قوله (عز وجل): " وإذا جاءهم أمر من الامن أو الخوف أذاعوا به " فإياكم والاذاعة. الكافي: ج 2 ص 369، كتاب الايمان والكفر، باب الاذاعة، ح 1.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: جمع خير الدنيا والآخرة في كتمان السر ومصادقة الاخيار وجمع الشر في الاذاعة ومؤاخاة الاشرار. نقله المجلسى - رحمه الله - في البحار ج 16 باب فضل كتمان السر وذم الاذاعة ص 137.
7417- كن بأسرارك بخيلا و لا تذع سرا أودعته فإن الإذاعة خيانة. غرر الحكم ودرر الكلم.
الاذاعة شيمة الاغمار. في الغرر 1082
عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال: من أذاع علينا شيئاً من أمرنا، فهو كمن قتلنا عمداً، ولم يقتلنا خطأ.
المحاسن: عن أبي عبدالله(عليه السلام) في قول الله: (ويقتلون الأنبياء بغير حقّ)قال: أما والله ما قتلوهم بالسيف، ولكن أذاعوا سرّهم وافشوا عليهم، فقتلوا. البحار ط كمباني ج 15 كتاب العشرة ص 231 و 232، وج 11/128، و ج 1/88 ، وجديد ج 2/73 و 74، و ج 75/421، و ج 47/87 .
في وصيّة أميرالمؤمنين(عليه السلام) لكميل: يا كميل، إذاعة سرّ آل محمّد(عليهم السلام) لا يقبل منها ولا يحتمل أحد عليها; وما قالوه لك مطلقاً فلا تعلمه إلاّ مؤمناً موفّقاً ـ الخبر.
وروي أنّ الإذاعة كفر. وروي المذيع والقاتل شريكان(3).
معاني الأخبار: عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: قلت له: عورة المؤمن على المؤمن حرام؟ فقال: نعم. قلت: يعني سفليه؟ فقال: ليس هو حيث تذهب، إنّما هو إذاعة سرّه.
***********
ثالثا : طريق معالجة افة الاشاعة في المجتمع
أن الله سبحانه و تعالى جعل العلاج لقضية الإشاعة من خلال الناقلين لها من المؤمنين أنفسهم دون التركيز على مصدر الإشاعة و ذلك لان مصدر الإشاعة قد يكون من أهل النفاق أو من الكفار أو من الأعداء، و هؤلاء لا حيلة معهم، فان من دأبهم نشر الإشاعة لإضعاف المسلمين.
لكن هذه الإشاعات ما كان لها أن تنتشر لو قابلها المؤمنون بالمنهج الرباني لتلقي الأخبار و تلقي الإشاعات.
و إليك تفصيل ذلك من خلال النقاط التالية:
1 - النقطة الأولى: التثبت:
يقول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ...) و في قراءة أخرى ( فتثبتوا ).
فأمر الله بالتبين و التثبت، لأنه لا يحل للمسلم أن يبث خبرا دون أن يكون متأكدا من صحته.
و التثبت له طرق كثيرة؛ فمنها :
أ- إرجاع الأمر لأهل الاختصاص:
يقول الله تعالى: ( و إذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به و لو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ).
فقد بين الحق تبارك وتعالى في هذه الاية الكريمة أنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة و المصالح العامة ؛ مما يتعلق بسرور المؤمنين أو الخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا و لا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر ، بل يردونه إلى الرسول و إلى أولي الأمر منهم ؛ وهم أهل الرأي و العلم و العقل الذين يعرفون المصالح و ضدها.
فإن رأوا في إذاعته مصلحة و نشاطا للمؤمنين و سرورا لهم و تحرزا من أعدائهم : فعلوا ذلك.
وان رأوا ان ذلك ليس من المصلحة أو فيه مصلحة و لكن مضرته تزيد على مصلحته لم يذيعوه فكم من إشاعة كان بالمكان تلافي شرها بسؤال أهل الاختصاص.
ب- التفكر في محتوى الإشاعة:
إن كثير من المسلمين لا يفكر في مضمون الإشاعة الذي قد يحمل في طياته كذب تلك الإشاعة، بل تراه يستسلم لها و ينقاد لها و كأنها من المسلمات.
و لو أعطينا أنفسنا و لو للحظات في التفكر في تلك الإشاعات لما انتشرت إشاعة أبدا.
لقد بين الله حال المؤمنين الذين تكلموا في حادثة الإفك فقال سبحانه: ( إذ تلقونه بألسنتكم و تقولون بأفواهكم ما ليس به علم ).
فقوله تعالى ( إذ تلقونه بألسنتكم ) إشارة الى ان أولئك النفر من الصحابة لم يستعملوا التفكير، ولم يمروا ذلك الخبر على عقولهم ليتدبرا فيه، لان من البديهي أن الإنسان يتلقى الأخبار بسمعه لا بلسانه بل قال الله عنهم أنهم يتلقون حادثة الإفك بألسنتهم ثم يتكلمون بها بأفواههم من شدة سرعتهم في نقل الخبر و عدم التفكر فيه.
و لكن و لو تفكر الصحابة قليلا لوجدوا أنه من أمحل المحال أن يكون في فراش أطهر الخلق شيء يعيبه، كيف يمكن أن تتهم زوجة أفضل البشرية الذي اصطفاه الله بتهمة الفاحشة؟ إن هذا لا يعقل أبدأ.
2- النقطة الثانية: الناقل للإشاعة من الفاسقين.
في الآية السابقة يقول الله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ...) فجعل الله من نقل الخبر دون تثبت من الفاسقين.
فمجرد نقل الأخبار دون التأكد من صحتها موجب للفسق؛ و ذلك لان هذه الأخبار ليس كلها صحيح، بل فيها الصحيح و الكاذب، فكان من نقل كل خبر و أشاعه؛ داخل في نقل الكذب، لذا جعله الله من الفاسقين.
و قد ورد عن النبي الاكرم صلى الله عليه واله: ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ).
فالمؤمن لابد له من الحذر في أن يكون عند الله من الفاسقين( الكاذبين ).
و كفى بذلك كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب.
فالعاقل يعلم أنه ليس كل ما يسمع يقال.
و لا كل ما يعلم يصلح للإشاعة و النشر.
لكم خالص الود والتقدير
أريج الرياحين