بعد ثلاث سنوات من الزواج حملت بفضل الله، وفي رابع زيارة لطبيبتي أنبأتني بأنني أحمل في أحشائي جنين مصاب بمتلازمة داون، مرت التسعة أشهر كتسعة قرون وأنا في كل صباح أخوض مع زوجي حرباً تحت عنوان أجهضيه ذات الحرب أخوضها مع نفسي آخر الليل لكني صبرت ووضعت طفلي في نهاية أيلول، أذكر تماماً عندما ناولتني إياه الممرضة حملته بين ذراعي وبدأت أتفحص أصابعه القصيرة المتساوية الطول وعيناه المدورتان السوداوتان وأجهشت في البُكاء قاطعني زوجي وسألني ماذا ستسميه؟ أجبت “سأسميه وسيم والله في عيني هو الأوسم"💙… مرت السنين بسرعة وكأنني وضعته البارحة أنجبت بعده أخاً واحداً. أسماه زوجي سليم لأنه كما يراه سليم البدن والعقل كان حصة والده ومدلله لذا قام بترك كل أملاكه له توفي زوجي وتدهورت حالتي الصحية وأصر سليم على وضعي بأفضل المشافي وكان يتكفل بمصاريف العلاج ويزورني كل نهاية أسبوع أما وسيم كان يبقى معي طوال النهار والليل أصابعه التي تمنيت لو أن أطوالها مختلفة كانت تطعمني وتداعب وجنتي وتضفر ما تبقى من شعري الأشيب عيناه المدورتان التي تمنيت لو أنهما لوزيتان باحتا بالكثير دون أن ينطق هو بحرف وفي كل مرة تأتي الممرضة لتعطيني دوائي يسرع لأخذه منها قائلاً "أنا… أمي.. اعتني” كلمات ثلاث يقولها بتلعثم أفضل من ألف حديث منمق أسمعه من أخيه ويبقى السؤال لرب العباد والعباد بعده ما هذا الذي يصيب ابني وسيم “متلازمة داون أم متلازمة إنسان"