عنوان الحلقة: ترك قول إن شاء الله
يتكلم كثير من الناس حول بعض الأمور المستقبلية التي تمس حياتهم ويودون تحقيقها، ولكنهم لا يقرنون كلامهم بمشيئة الله تعالى، فيقول أحدهم للآخر سأزورك، أو سأذهب معك غدا في رحلة، أو سأتصل بك، دون أن يعقب قوله بلفظة إن شاء الله ) .
وفي المقابل أصبحت عبارة (إن شاء الله ) في أيامنا هذه عند البعض عبارة سلبية ليست ذات دلالة ولا معنى، وشاع استعمالهم لها عند رغبتهم في تأجيل أمر ما، أو للتهرب من المواقف الحرجه،فأصبحت لفظة مرفوضة من قبل كثير من الناس وحتى من قبل الأطفال، فعلى سبيل المثال :إذا طلب الطفل من أمه أن تشتري له لعبة فإنها قد ترد عليه قائلة إن شاء الله ) ثم تخلف وعدها متعمدة.
وترسخ في وجدان الكثير من الكبار والصغار أن عبارة (إن شاء الله )، تدل على عدم جدية قائلها ،وأنه ما قالها إلا تهربا من الموقف، وقد تطلب إحداهن من صديقتها أن تزورها، فترد قائلة :إن شاء الله سأزورك، فترد عليها مستنكرة، إن شاء الله ! يعنى متى ستقومين بزيارتي السنة القادمة أو التي تليها؟ ! وكأنها متشككة بعد أن سمعتها تعلق وعدها بالمشيئة .
فانظروا إلى ما آل إليه استعمالنا للفظة قرآنية جليلة في ظل عدم الوعي بها، ومن الواجب أن يصحح المسلم نظرته لهذه اللفظة ،وأن يعي تماما دلالتها الحقيقة، فلا يستعملها إلا إذا كان على ثقة بأنه قادر على القيام بالعمل، مع إدراكه أن تحقق الفعل معلق بمشيئة الله، وأنه قد يحول بينه وبين حصول الفعل أمر غيبي لا يمكن دفعه، قال تعالى "{ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا، إلا أن يشاء الله } الكهف ٢٣-٢٤ ،وسبب نزول هذه الآية أن النبي ﷺ قال لما سئل عن قصة أهل الكهف غدا أجيبكم) ،ولم يقل إن شاء الله )، فتأخر الوحي خمسة عشر يوما ،ومعنى الآية :لا تقولن أيها الرسول لأجل شيء عزمت على فعله في المستقبل :إني سأفعل ذلك، إلا بأن تقرنه بمشيئة الله عزوجل، فتقول إن شاء الله )، والأدب يقتضي تعليق جميع الأمور المستقبلية على مشيئة الله.
ويقع كثير من الناس في خطأ فادح عندما يكتبون عبارة (إن شاء الله ) بصورة (إنشاء الله )،وهي عبارة باطلة حيث شتان بين العبارتين في المعنى، إذ أن عبارة (إنشاء الله ) تعني الإيجاد، ومنه قوله تعالى {إنا أنشاناهن إنشاء } الواقعه ٣٥ ،أي : أوجدناهن إيجادا،فكأن القائل يقول :إننا أوجدنا الله عزوجل (استغفر الله ) ،فالواجب أن تكتب (إن شاء الله ) ،ومعنى الفعل شاء :أراد، فالمشيئة هي الإرادة، ومنه قوله تعالى {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله } الإنسان ٣٠ .
اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما،،
بتصرف من كتاب أخـطاء شـائعة،،