شهدت معركة عين العرب أمس تسوية غير معلنة لحفظ ماء وجه تركيا، حيث دخل 50 مقاتلاً من الجيش السوري الحر إلى المدينة بأسلحة خفيفة، على أن يكونوا تحت إمرة القوات الكردية، فيما من المنتظر دخول أكثر من مئة من مقاتلي البيشمركة مدججين بأسلحة متوسطة وثقيلة، في وقت واصل التحالف الدولي شن الغارات على مواقع التنظيم الإرهابي، ودمر في إحداها مركزاً للقيادة.
ودخل مقاتلون من الجيش السوري الحر إلى عين العرب السورية الحدودية من تركيا لمساندة مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية في مواجهة تنظيم داعش الذي يحاول منذ ستة أسابيع الاستيلاء على المدينة، بحسب ما ذكرت مصادر متطابقة.
وجاء ذلك في وقت تتواصل الاشتباكات داخل المدينة المقسومة مناصفة تقريباً بين الطرفين المتقاتلين. وقال مسؤول تركي محلي في منطقة تركية حدودية طالباً عدم كشف هويته إن نحو 150 مقاتلاً من الجيش السوري الحر عبروا الحدود ليلاً إلى مركز مرشد بينار الحدودي. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان من جهته إن عدد المقاتلين هو 50. ويعتبر دخول الجيش الحر مطلباً رئيساً لتركيا على الرغم من غرابة الدخول، إذ إن معظم المناطق التي كانت تحت سيطرة الجيش الحر في ريف حلب تقع الآن تحت سيطرة داعش، فيما يتوجه الجيش الحر للقتال في منطقة أخرى بناء على طلب تركي.
دخول بالتنسيق
وقال الناطق باسم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي نواف خليل أبرز إن «مقاتلين مسلحين من الجيش الحر دخلوا مدينة كوباني عبر الحدود التركية»، مشيراً إلى أن دخولهم «تم بالتنسيق مع وحدات حماية الشعب التي تتولى حماية الإدارة الذاتية الكردية». وأوضح أن «وحدات حماية الشعب» هي التي تملك القرار في الشؤون العسكرية على الأرض.
ورفض خليل إعطاء تفاصيل عن الأسلحة وعدد مقاتلي الجيش الحر الذين دخلوا كوباني، إلا أن ناشطاً كردياً داخل المدينة رفض الكشف عن اسمه، أكد بدوره أن عددهم نحو 50، وأنهم مزودون بأسلحة رشاشة خفيفة ومتوسطة.
وأوضحت وكالة أنباء «فرات» الموالية للأكراد أن مقاتلي الجيش الحر عبروا الحدود في ثماني آليات.
ويعتبر دخول مقاتلي الجيش الحر مطلباً أصرت عليه تركيا، كما لم تمانع في دخول البيشمركة. وينظر مراقبون أكراد إلى هذا التطور على أنه بمنزلة «تسوية» تحفظ ماء وجه تركيا التي فشلت في فرض أجندتها على معركة عين العرب بسبب صمود المقاتلين الأكراد، إذ كانت تأمل أنقرة أن يكون دخول الجيش الحر لتحرير المدينة بعد أن يقضي داعش على المقاتلين الأكراد.
دخول البيشمركة
في الأثناء، وصل مقاتلون من قوات البيشمركة إلى جنوب شرقي تركيا قبل انتقالهم المزمع إلى مدينة كوباني.
وهبطت طائرة تابعة للخطوط الجوية التركية في مدينة أورفا في جنوب شرقي تركيا وسط إجراءات أمنية مشددة. وغادرت قافلة حافلات بيضاء ترافقها سيارات جيب مدرعة وسيارات شرطة المطار بعد ذلك بوقت قصير.
وقال أدهم باشو، عضو المجلس الوطني الكردي السوري في كوباني، مشيراً إلى البشمركة: «سيصلون مدينتنا»، ومؤكداً وصول مجموعة تضم ما يراوح بين 90 و100 مقاتل إلى أورفا خلال الليل. وأوضح مسؤول تركي أن الكتيبة الأولى التي وصلت جواً تنتظر الكتيبة التي ستصل براً، وستعبران الحدود معاً نظراً إلى الوضع القائم.
أسلحة ثقيلة
وقال الرئيس المناوب لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري صالح مسلم إن من المقرر أن يصل نحو 150 مقاتلاً من البيشمركة إلى كوباني. وأضاف: «من المفترض أن يُحضروا في الأساس أسلحة مضادة للعربات المدرعة والدبابات.. بالطبع علاوة على ذلك لديهم بعض الأسلحة الأخرى للدفاع عن أنفسهم أيضاً. لكن معظمها ستكون مدفعية وأسلحة مضادة للدروع والدبابات».
وقال إن الأسلحة ستساعد المقاتلين الأكراد على صد داعش الذي استخدم العربات المدرعة والدبابات في هجومه على المدينة.
وقالت الناطقة باسم الخارجية الأميركية جين ساكي في واشنطن: «هذا مكون واحد. إنه بالقطع مكون شعرنا بأنه سيكون ذا تأثير، ومهم أن يكون لنا شريك على الأرض نعمل معه».
غارات جوية
من جهة أخرى، قالت القيادة المركزية الأميركية إن الجيش الأميركي شن ثماني ضربات جوية في كوباني.
وقالت إن الغارات دمرت وحدة لمقاتلي داعش و«نقطة للقيادة والتحكم» ومباني أخرى وعربات ومواقع قتال للجماعة المتشددة. في الأثناء، أفاد المرصد السوري بأن تنظيم داعش فقد الاتصال مع نحو 30 من عناصره في شمال غرب المربع الحكومي الأمني بمدينة عين العرب، فيما أفرج التنظيم عن
25 طالبا كرديا كان يحتجزهم، بحسب المرصد.
المقاومة الصلبة
قال المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأميركية هنري باركي معلّقاً على الحملة على داعش: «ماذا تظهر كوباني؟ تلك المقاومة الصلبة على أرض الواقع مع القوة الجوية الأميركية يمكن أن تدفع داعش إلى الوراء».
وأضاف: «يريدون نقل هذا إلى العراق، بحيث تنسق البيشمركة والجيش العراقي تحركهم معاً. إنهم حقاً بحاجة إلى النصر. أدركوا أن هذه فرصتهم، لأن لديك قوة مقاتلة حقيقية على أرض الواقع.. هذا نموذج».
رد مع اقتباس
