رسالة من فاطمة..
اليك ابي ..استحضر خيالك ..ارسل اليك حبي وشوقي ..حنيني وابتسامتي ..
مشتاقة لاحضانك كثيرا ..لاناملك تمسح دموع الليل ..ليمينك تلف معصمي ..
تمسك عصاتي البيضاء ..لم اعد ضريرة بقربك .. لهمسك .. لدفء حديثك ..
لسماع تلاواتك آخر السحر ..تنبش ذاكرتي ..تقلب اوراق دفاتري ..وحقيبتي ..
تقرا لي آية قرآنية ..تنصت لي ..تبعث في نفسي ..طمأنينة .. تملأ كل زوايا قلبي ..
كل كياني ..لا اجيد فن البوح بمكنونات صدري ..ولكني على يقين ..
انك خير من يشعربخواطري واحاسيسي ..خير من يقرا حروفي الحبلى بالشوق ..
خير من يترجم لغتي ولساني ..خير من يقرا لي ما تحت السطور ..لم ارحل ابي عنكم...
حتى لو سافر جسدي ورحل بعيدا ..فانا لا ازال اعيش في قلوبكم ..في انفاسكم ..
اطير في زوايا غرفتي بكارديف ..امشي بقربك على ضفاف النهر ..بالقرب من اشجار الزيزفون ..
امتزج بروائح زهر الاقحوان كل صباح ..نشرب معا قهوة المساء..
بطعم الريف الانجليزي ..تخبرني عن اصدقاءك .. اكاد تذكرهم .. كانوا يحملونني صغيرة في احضانهم ..
لم يتوقعوا تلك الابتسامة ..افلت قبل اوانها ..قبل غروب الشمس..
تقاطعني احيانا بابتسامتها الحانية..تناديني كثيرا ..تسال عني كثيرا ..رغم اني لم اعد صغيرة ..
انها امي ..قدوتي..صديقتي ..وميناء اسراري .. تخبرني باني اشبه جدتي كثيرا..
تزورني في الجامعة احيانا ..تبحث عني كلما تاخرت ..قلقة ..لسبب لا يدعو للقلق ..
لاني ضريرة..ربما .. انه احساس الام ..خوف الام ..اعذرها كثيرا..اعلم انها حزينة الآن..
وحيدة ..فقدت اقرب صديقاتها .. رحلت مبكرا ..سافرت دون وداع ..دون قبلة اخيرة..
ربما تركت غرفتي.. لم تعد الا مملة ..كئيبة ..شارع حزين.. يسال عني كثيرا ..
انهكه دموع الرحيل ..الم الفقد والغياب .. اعذر اخوتي عبدالله و و و ..
لا يزالون صغارا في عيني الضريرة..لا اتذكر تقاسيم وجوههم ..
قد يكون السبب..ذاكرتي صاخبة باصواتهم .. بكفوفهم ..واجسادهم الصغيرة ..
والعابهم الغريبة .. هدايا عيد الميلاد ..واصدقاء المدرسة ..المشاكسون ..المنصتون ..
كلما تحدثت معهم عن بعض المواقف ..يضحكون كثيرا ..اضحك معهم كثيرا ..
لدرجة الملل احيانا..استمع الى مغامراتهم العجيبة .. انزق لسماع تفاصيلها ..
تبقى في مخيلتي لوقت متاخر من الليل ..لم تحضرني اجابة لسؤالهم ..
حول بلدتي في عمان ..تسمى السيب .. اعشق بلدي وبلدتي كثيرا ..اشتاق لاحضان جدتي ..
وجدي رحمه الله ..رحل قبل عودتي ....يتكررذكرهما في احاديثي كثيرا ..
اسهب في الحديث عنهما ..اشتاق للعودة ..كشوقي لمصحفي .. تركت لكم فيه تذكارا ..
بصمات اناملي ..بقايا انفاسي ..قبلاتي ..انه قدري ان ابقى بعيدة ...
يبدو اني لن اعود الي بلدتي ..لم تعد حلما .. حان موعد الرحيل..
قبل أوانه..مؤمنون بالقضاء والقدر ..راضون..لحظة اخيرة ..لم تكن اخيرة ..
احمل ذلك الجسد بين يدي ..قد تكون لحظة وداع اخيرة ..لقاء اخير ..
انها رحمة الله بخلقه ..مشيئته في عباده ..فانا الان في ملكوته ..في عالم البرزخ والغيب ..
لنا موعد بلقاء في جنان الخلد برحمة الله.. ساطير بين طيور الجنة ..شفيعة لابي وامي ولكم جميعا ...
امسح دموعكم الثكلى .. والم اخير.. سابقى سعيدة...بهذا الحب العارم .
.بتلك القلوب التي حملت ذكرى فاطمة الضريرة ..لا ريب سابقى سعيدة.. بدعواتكم ..في صلوات آخر الليل ..
رحمك الله يافاطمة الزهراء.
بقلمي / ناصر الضامري
رحلت فاطمة الفتاة العمانية الضريرة في عمر الزهور في غمرة فرحتها وفرحة اسرتها بكفاحها واصرارها بحفظ اجزاء من المصحف الكريم وبدخول الجامعة في كارديف ببريطانيا، وهي ابنة الصديق د.خالد بن عبدالله المحرمي . ان لله وانا اليه راجعون. لا املك في ذاكرتي من فاطمة سوى طفلة صغيرة مبصرة حملتها يوما وكانت تداعبني بابتسامتها النظرة ..الجميلة ..رحمها الله واسكنها فسيح جناته..آمين.