ترافقت بداية العام 2015 في لبنان مع بدء تنفيذ قرار غير مسبوق في تاريخ العلاقات اللبنانية ــ السورية، في 5 يناير، وقضى بمنع دخول السوريين إلى لبنان إلا بموجب سمة دخول، وذلك في خطوة هدفت إلى الحدّ من تضخّم حجم الكتلة السورية النازحة إلى لبنان (مليون ومئة ألف مسجّلون في لوائح المفوضية العليا للاجئين، وحوالي 250 ألفاً غير مسجّلين، حينها). فيما كانت تداعيات الشغور الرئاسي تتزايد على والقت بظلالها على عمل حكومة تمام سلام التي اصيبت بمايشبه الشلل وتعثرت الكثير من الملفات بينما اصيب العمل النيابي بالضمور هو الآخر بعد تعدد تعطيل جلساته وخاصة تلك المخصصة لانتخاب رئيس جمهورية.
وعلى عكس التوتّر الذي أصاب الحكومة، حافظت أجواء الحوارات الثنائية على إيجابياتها، سواء بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» أو بين «التيار العوني» و«القوات اللبنانية»، في حين أعادت حزمة من الإنجازات النوعية تلميع صورة الأجهزة الأمنيّة التي أثبتت قدرة فائقة في رصد الإرهاب وتفكيك شبكاته. ومن هذه الحزمة 3 أحداث أمنية بارزة: وضع نهاية لملفّ سجن رومية (شرق بيروت)، الكشف عن عمليات إرهابيّة، كان عنوانها الأساسي «مخيم عين الحلوة» (شرق مدينة صيدا- جنوب لبنان)، نتيجة وجود المطلوبين شادي المولوي وأسامة منصور وتشكيلهما غرفة عمليات للإرهابيين، وكشف كل التفاصيل المتعلّقة بالتفجيرين الانتحاريّين المزدوجين اللذين حصلا في 12 نوفمبر في محلّة برج البراجنة (الضاحية الجنوبية لبيروت)، واللذين أعادا التساؤلات عن مآل النمط الإرهابي الذي عاد يضرب في العمق اللبناني، وما إذا كان يؤذّن بمواجهة قاسية جديدة مع الإرهاب واستهدافاته وخلاياه.
ضربات متبادلة
وفي ظلّ الجهد المتواصل للجيش والقوى الأمنية في منع أيّ اختراق إرهابي وتوفير الأمن والأمان للبنانيين، لا سيما في السلسلة الشرقيّة، حيث تهاوى عدد من قادة جماعات الإرهاب والتكفير في القبضة الأمنيّة، دخل الاتفاق الثلاثي السعودي- الفرنسي- اللبناني، لتسليح الجيش من ضمن هبة المليارات الثلاثة السعودية، حيّز التنفيذ، منتصف شهر يناير، في ضوء توقيع الجانب السعودي بروتوكول الاتفاق، ليبدأ تصدير المعدّات العسكرية إلى لبنان بدءاً من 19 أبريل.
وفي السياق الأمني أيضاً، استحوذ الاستهداف الإسرائيلي الأول من نوعه لكوكبة من قياديّين في «حزب الله»، كان من ضمنهم جهاد عماد مغنيّة ومحمد عيسى المسؤول الميداني عن ملفَّي سوريا والعراق، في منطقة القنيطرة السورية في الجولان المحتل، في 18 يناير، على معظم الاهتمام السياسي والإعلامي، وذلك من بوّابة كون هذه العملية بحدّ ذاتها طرحت جملة احتمالات عما يمكن أن يتبعها من تطوّرات، وعن موقف الحزب وردّ فعله، وعن ساحات الصراع. وغداة «الضربة الموجعة» للحزب ولإيران في آن واحد، ضجّت التحليلات العسكرية والسياسية في لبنان بالتوقعات، في حين انتقل ثقل المسؤولية إلى مجلس الوزراء، الذي جمع بين معارضي التدخلات العسكرية لـ«حزب الله» في الإقليم ومؤيّدي هذه التدخلات. وذلك، قبل أن ينفّذ «حزب الله»، في 27 يناير، عملية ضدّ موكب عسكري لإسرائيل في مزارع شبعا المحتلّة.
15
على امتداد 15 جلسة تقرّر انعقادها خلال العام 2015، فشل مجلس النواب في اختبار الاستحقاق الرئاسي، حيث أدّى تطيير نصاب الثلثين، لغياب التوافق على اسم الرئيس، دون عقد الجلسات الانتخابية التي كانت مقرّرة. مع الإشارة إلى أن جلسات انتخاب الرئيس كانت بدأت في 23 أبريل 2014، قبل بدء الشغور في 25 مايو 2014. وذلك، وسط الانقسام الحادّ بين قوى 8 و14 آذار، وتناقض مشروعيهما وخياراتهما، ناهيك بتنافسهما على إيصال كلّ منهما رئيساً من صفوفه.
تشريع الضرورة
في 17 مارس، بدأ العقد التشريعي العادي في مجلس النواب، واصدمت كل المساعي التي جرت للاتفاق على تسوية بأن أي تشريع في ظلّ الشغور الرئاسي يعني تطبيعاً لوضع غير قانوني. وفي 20 أكتوبر، وبعد غياب قسري طويل، فتح مجلس النواب أبوابه، مع بدء العقد العادي الثاني للمجلس، حيث عقدت جلسة نيابية لانتخاب أعضاء ورؤساء ومقرّري اللجان النيابيّة، إضافة إلى هيئة مكتب المجلس. وذلك، بعد أن تمّ انتخاب رئيسه نبيه برّي رئيساً للبرلمان العربي، للمرة الثانية. وبين الضرورات المالية والاعتراضات الميثاقية، كان المجلس على موعد في 12 و13 نوفمبر، مع جلسات «تشريع الضرورة» لمنع خسارة قروض بقيمة مليارَي دولار بعد تسوية سبقتها ومهّدت لتمرير معظم بنود جدول أعمالها.
رد مع اقتباس
