عادت حركتا فتح وحماس إلى الاتفاق على ما كانتا قد اتفقتا عليه مرات عدة كان آخرها اتفاق الشاطئ في غزة، ولا زالت مصر تحتضن مباحثات المصالحة في ظل العودة إلى الخلاف في كل مرة. ويأتي هذه التفاهم الأخير في القاهرة في أوقات حرجة يرتهن النجاح في ملفات فلسطينية مصيرية عدة بصمود الاتفاق بين الحركتين والتقدم في تنفيذه بنوده.
وجاء هذا الاتفاق بعد معركة إعلامية ضروس أعقبت انتهاء العدوان، في زحمة وقت يقطع الحركتين بسيفي المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل ومؤتمر إعادة الإعمار والتوجه لمجلس الأمن للمطالبة بإنهاء الاحتلال، وهو ما يتطلب الوحدة كشرط أساسي للنجاح في أي منهما.
وبحسب ما أعلنه رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض في القاهرة عزام الأحمد، في مؤتمر صحافي شاركه فيه نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبومرزوق، إذ تم الاتفاق خلال جلسة الحوار الوطني على إنجاز خطوات عملية تصب في تمكين حكومة الوفاق الوطني من القيام بمهامها على الأرض في قطاع غزة وإزالة كل العقبات أمامها وتشكيل لجنة متابعة من الحركتين وبقية الفصائل لمتابعة الحكومة ومساندتها في تنفيذ مهامها في الإعمار وحل الإشكالات .
وتوحيد المؤسسات المدنية والأمنية وحل قضايا الموظفين قبل وبعد الانقسام، فضلاً عن الاتفاق على سلسلة من الخطوات لتنفيذ كل بنود اتفاقية المصالحة سواء ما يتعلق منها في المجلس التشريعي أو الحريات العامة، أو تطبيق سيادة القانون في ظل سلطة وقانون واحد.
ألغام
في هذه الأجواء، يرى الكاتب د. جميل مجدي أن ألغاماً لاتزال تقف أمام من يتحرك باتجاه المصالحة الشاملة، مشيراً إلى أن الحركتين تقفان على عتبة تحدّ كبير، يمس المستقبل الفلسطيني كله، لذلك يتوجب عليهما أن تؤسسا لفكر سياسي فلسطيني جديد، يقوم على أساس الشراكة التامة، وأن يُقر كل طرف للطرف الآخر بأنه لا يقل وطنية عنه، وأن اختلاف أساليبهم لا يعني أن مسارهم الوطني مغلوط أو فيه شبهة مساومة على الحقوق والثوابت.
ويرى الكاتب راسم عبيات أن النجاح أو الفشل هذه المرة «يتوقف عليه الكثير من الأمور المرتبطة بالشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة وقضيته الوطنية، وكذلك مستقبل الأوضاع في قطاع غزة، وخصوصاً بعد استئناف المفاوضات غير المباشرة الفلسطينية الإسرائيلية في القاهرة، واقتراب موعد المؤتمر الدولي لإعادة الإعمار في غزة في القاهرة الشهر المقبل».
تفعيل
يرى مراقبون أن الأهم من «الاتفاق ومن ثم الاتفاق مرة أخرى على ما تم الاتفاق عليه» هو إقلاع حكومة الوفاق الوطني والتهدئة وإعادة الإعمار وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية ومباشرة العمل في الإطار القيادي الفلسطيني المؤقت والذي يضم كل ألوان الطيف السياسي وتقاسم السلطة وانتظام اجتماعات المجلس التشريعي وتفعيله والتحضير للانتخابات وتحديد موعد محدّد لها.
وهو ما ستحدده «سلسلة الخطوات التي تم الاتفاق عليها وبغير ذلك يبقى الاتفاق والتفاهمات والخطوات والآليات حبراً على ورق وتبقى المصالحة فريسة رمال متحركة تبتلع في كل مرحلة جزءاً من العملية حتى يأتي اليوم الذي تدفن فيه المصالحة تحت الأرض دون رجعة ويبقى الانقسام واقعاً حاكماً فوقها إلى الأبد».
رد مع اقتباس
