إننا نستقبل ضيفاً عزيزاً غائباً لا يفدُ إلينا إلا مرة في العام، يزورنا غبَّاً فنكون له أشدُّ حبّاً، ضيفٌ تَخفق بحبه القلوب، وتشرئب إليه الأعناق، وتتطلّع الأعين لرؤية هلاله، وتتعبَّد النفوس المؤمنة ربَّها بذلك.
وهذا الضيف الكريم المبارك يعرفه المؤمنون حقاً لأنهم هم أنفسهم الذين يؤدَّونه حقَّه، ويقدرونه قدره فيكرمون وفادته صدقاً وعدلاً.
إنَّ الله رفع قدر هذا الضيف في القرآن، وعلى لسان النبي العَدنان –صلى الله عليه وسلم-، فجعل الخير كله فيه؛ في أوَّله ووسطه وآخره؛
قال تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبيِّنات من الهدى والفرقان}.
هذا الشهر أنزل الله القرآن فيه، ولو لم يكن فيه إلا هذا الفضل لكفى، فكيف وفيه ما فيه والله أعلم به من مغفرة الذنوب، ورفع درجات المؤمنين، ومضاعفة الحسنات، وإقالة العثرات، يُعتق الله في كل ليلة من لياليه عتقاء من النَّار.
إلى السماء تجلت نظرتي ورنـت *** وهللـت دمعتـي شوقـا وإيمانـا
يسبح الله قلبـي خاشعـا جذلا *** ويملأ الكـون تكبيـرا وسبحانـا
جزيت بالخير من بشرت محتسبـا*** بالشهر إذ هلـت الأفـراح ألوانـا
عام تولى فعـاد الشهـر يطلبنـا *** كأننا لـم نكـن يومـا ولا كانـا
حفت بنا نفحة الإيمـان فارتفعـت *** حرارة الشوق في الوجدان رضوانا
ياباغي الخير هذا شهـر مكرمـة *** أقبل بصـدق جـزاك الله إحسانـا
أقبـل بجـود ولا تبخـل بنافلـة *** واجعل جبينك بالسجـدات عنوانـا
أعط الفرائض قدرا لا تضـر بهـا *** واصدع بخير ورتـل فيـه قرآنـا
واحفظ لسانا إذا ما قلت عن لغـط *** لا تجرح الصوم بالألفـاظ نسيانـا
وصدق المال وابذل بعض أعطيـة *** لن ينقص المال لو أنفقت إحسانـا
تميرة فـي سبيـل اللـه تنفقهـا *** أروت فؤادا من الرمضـاء ظمآنـا
:
مع تحياتنا
إدارة كتاب الشعر