أجيبك من قلب الرماد الذي احتضن الكلمات،
وأكتب في ظلّ الشظايا الناطقة:
يا من رأيتُ في احتضار الحروفِ حياةً
وأنصتّ لصمتِ القلبِ وهو ينادي
أتعلم؟ لم تمتِ الكلماتُ حين سقطتْ
ولكنّها ألبستْ ثوبَ الرمادِ
لتنبتَ من أعماقِ كلِّ انكسارةٍ
بذورٌ تُغنيها دماءُ الجراحِ
يا حاملَ الشتاءِ في صدرك الملتاعِ
أرى في ثلوجِ الألمِ زهرَ ربيعِ
فما انكسارُ الحرفِ إلا ارتعاشةٌ
تُعلنُ أنَّ الحياةَ فوقَ الجروحِ
وصوتُك الغافي تحتَ الركامِ
يرنُّ كنداءِ الفجرِ في الليلِ البهيمِ
لا ترهبْ سقوطَ الحروفِ فإنّها
سُطورُك تُخلَدُ من بعدِ المحوِ
والفجرُ يرقبُ خطاكَ التي
تُنقشُ دربًا من نورٍ في العتمةِ
فاحمل جراحَكَ كالقصيدةِ
واروِ الوجودَ بنبضِ الكفِّ الصابرةِ
فالكتابةُ بحرٌ
يغسلُ أوجاعَ السنينِ بمدِّهِ
ويصهرُ كلَّ الشظايا في بوتقةٍ
تصوغُ من الألمِ مجدًا للكلماتِ
وتُخرجُ من صمتِ الخرابِ
أناشيدَ تملأُ فراغَ الكونِ بالمعنى
فانطلقْ
فما سقوطُ الحروفِ إلا ارتقاءٌ
وما احتضارُ الكلماتِ إلا ميلادٌ
لروحٍ تكسرُ قيدَ اليأسِ والوجعِ
وتسكنُ في كلِّ شظيّةٍ
كفراشةٍ تُحيلُ ظلامَ الرمادِ إلى ضياءٍ