
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الليدي بسمه
قلت لرفيقة روحي: أتمنى لو كنتُ بالون هواء*أحمر, مشبع بغاز الهيليوم, أنطلق إلى السماء, فأتهادى فوق البيوت, وأبصر ضحكات البشر وأصابعهم تشير نحوي بغبطة وفرح ..
أرغب لو ينتشر الفرح الذي في قلبي إلى أصقاع العالم أجمع ..
هذه اﻷيام أقرأ من كتاب طوق الحمامة, وهو كتاب يتكلم عن الحب ..
ومما ذكر من أعراض الحب انتفاض القلب, والتعرق, واﻹرتعاش, وشرود الذهن ..
وتلك اﻷعراض لم تمر علي مجتمعة في حب أحد .. كحب الله .
عندما أفكر في الله, يخشع فكري, وتسكن جوارحي هيبة وإجﻼﻻً ..
كيف يمكن لي أن أتحدث عن الله ! أن أحكي عن عظمته !
وهو جلّ ثناؤه وعزّ شانه فوق كل ثناء, وأجلّ من أعظم كﻼم ..
أحياناً .. أشعر بصغار نفسي, وضآلتي فقط عندما أطوف ببصري في السماء ..
وحينما أعتلي صهوة الطائرة؛ أتضاءل أكثر, ﻷن اﻷرض ﻻ تتمكن كالسماء من إبراز ضآلتنا ..
اﻷرض بكرويتها, ﻻ ترينا إﻻ ما تنتهي إليه أبصارنا ..
لكن السماء تجعل رؤيتنا أكثر شمولية .
فكيف بالله ؟
كيف بمن هو أعلى من هذه السماء وأخرى فوقها وأخرى حتى سبع سماوات !
كيف بمن يرى كل شئ ؟ ويبصر كل شئ ؟ وﻻ يخفى عليه شئ ؟
وهذا تعميم واجب ﻻ تدخل فيه عبارة : التعميم دائماً خاطئ بما فيه عبارتي هذه .
أخبرتني صاحبتي أنها تتمنى لو تستطيع أن ترى*الدم*وهو يجري في عروق أجساد البشر ..
وحينما تأملت مليّاً في قولها, جاءتني اﻹجابة بأن الله يرى الدم في العروق, بل يرى حتى مناط عروق أصغر بعوضة ..
الله ..
هو من تهمني بكل جوارحي مرضاته,
ولو أنني أعرف خطايا نفسي, وأعرف أنني أعصي الله كل يوم ..
لكن حبّه العامر في قلبي يمنعني من اقتراف كبائر الذنوب, وحينما أخطئ, يغدو الكون كل الكون مظلماً كئيباً بارداً وموحشاً ..
وأتمنى حينها لو أموت, ﻻ ليس الموت ..
بل أن تنشق اﻷرض وتبتلعني, أتمنى لو لم أكن في هذا الوجود ..
فالخوف العظيم والهيبة من عصيان الله على مرأى منه ومسمع يحيلني إلى جسد يتهادى على اﻷرض ذاهﻼً مرتعباً ..
في قلبي رجاء يسع لكل جنباته, لكن الرجاء يغادرني أحياناً, فيدّني الخوف إلى قبضته !
ويضمنّي ضمّة تكاد تهلكني ..
وأعجز عن التنفس, وأقبض على قلبي بوجل, يهددني اﻹعياء عبر ارتعاش أطرافي ..
والليل .. يا لليل كم يصبح حالكاً ولو اعتلى البدر كبد السماء .
العالم .. ﻻ يكون جميﻼً أبداً بحسب رأي عينك, فالعين آلة ..
والذي يحرّكها القلب, والذي يجعلها تحس وتشعر البصيرة ..
كم في بصائرنا من حياة !
حياة نودّ لو نفنيها جميعها ﻷجل الله ..!
حين عرفت حقيقة الحياة،
بدأت فكرة التراخي ..
لم أعد أستعجل شيئاً،
فهمت الحياة على مبدأ أن ما كان لك فهو لك مهما تأخر مجيئه،
وما لم يكن لك فمهما تقدم العمر وعمّر الزمان فلن تناله ..
هذا هو القدر،
الذي لم أجد لتساؤﻻتي بشأنه إجابات في المدرسة،
ثم عرفت تفاصيل معانيه في الجامعة وبعد الجامعة ..
وبعدما تعلمت, مالت نفسي إلى أن أنكفئ بقناعاتي وعقيدتي لنفسي,
لكثرة ما وجدت اﻹضطراب في المجتمع, والتخبط بين الفتاوى والمذاهب ..
كان جدي مثاﻻً نيّراً لهذا،
كان لديه قناعات تركها لنفسه ولم يجبر عليها أحداً،
وتعلمتها أنا من صمته،
كنت أرغب أن أكون هكذا، ” لكم دينكم ولي دين ” ..
لكن حينما تمسّ حدود الله،
أنا ﻻ أجد نفسي،
أعايش الذهول، وأنتفض خوفاً من انتقام الله،
حتى الدموع تتجمد على رمش عيني،
تتمسك ذاهلة ترتج هلعاً ..
وتكاد ﻻ تفارق محجريها..
*أخاف كثيراً من غضب الله,
حتى وإن لم يكن غضبه مني،
أريد أن يرضى الله عن جميع البشر،*وينزل عليهم رحماته متتالية،
وأريد أن يعرف الناس عن الله ما عرفته ..
عندما أرى ممن أحب خطيئة، يخفق قلبي بصمت،
وأعجز عن الكﻼم،
وأقول في داخلي: لو تعلمون ما أعلم ..
أقول هذا ﻷنني أثق أنهم ﻻ يعصون الله تحدياً،
بل جهﻼً لمقدار الغضب الذي يقدر الله عليه،
ﻷنهم يجهلون عظمة من يعصون ..
يؤلمني, ويحطمني أن أرى من يعصي الله علنا..
ﻷنني أرى هذا تحدياً لذات الله .. وإن كنت في قرارة نفسي أدرك أن هؤﻻء يعصون الله لجهلهم بعظمته ..
والله من يعرف عظمة الله, ومن يعرف الله لن يجرؤ أبداً على عصيانه علناً, وإن عصاه في السر فسيبكي دماً ﻷنه تجرأ على تحطيم بوتقة اطمئنانه ..
أنا عرفت الفرح يوم عرفت الله ..
عرفت الله حينما بحثت عنه ..
بحثت عنه في كل مكان؛
في كتب الدراسة, وفي الكتب التي اقرؤها في خلواتي, في عباداتي وتأمﻼتي, وفي كل صوت أسمعه وكل مشهد أراه ..
في خفقة القلب ونبضاته التي تطرق صدري بﻼ توقف ..
وفي هذا الوجود الضخم المشبع بالنعيم .
إذا رأيت من يبكي لقراءة سورة الفاتحة ورغبت بتذوق تلك الروحانية التي يعايشها، فلتعرف الله أوﻻً ..