المطالعة
مهما بحثت عن اللذائذ وحرصت على المتع
فلن تجد بعد العبادة ألذ ولا أمتع من المطالعة في الكتب النافعة،
حتى إن بعض العلماء قالوا:
إن كان أهل الجنة يقرؤون فإنهم في عيش طيب،
وقال أحدهم:
ليس بعد ذكر الله تعالى أجل من مصاحبة الكتب،
وبعضهم اعتزل الناس والحياة وعاشر الكتب ونظم في
ذلك أشعاراً،
وله قصص عجيبة في أنسه وفرحه بالكتب.
فيا من عمل صالحاً مع إيمان،
وعنده كتب يقرؤها من كفاف:
هنيئاً لك!. لقد استعجلت دخول الجنة، وقاربت الفردوس،
وأشرفت على الخلد،
فاهنأ واسعد وافرح وانعم،
فيا قرة عينك، ويا سعادة روحك،
ويا لذة عيشك، وطوبى لك.
القراءة المبعثرة
القراءة المبعثرة تخرج مثقفاً ولا تُخرج عالماً
وهي قراءة التهويس في كل كتاب بلا ضابط فيحفظ القارئ
جملاً من كل مكان لا يربطها رابط وهذه القراءة ليست
هي المطلوبة المنتجة.
قراءة العقول
مما يشرح الخاطر ويسر النفس،
القراءة والتأمل في عقول الأذكياء وأهل الفطنة،
فإنها متعة يسلو بها المطالع لتلك الإشراقات البديعة
من أولئك الفطناء.
وسيد العارفين وخيرة العالمين،
رسولنا صلى الله عليه وسلم، ولا يقاس عليه بقية الناس،
لأنه مؤيد بالوحي، مصدق بالمعجزات، مبعوث بالآيات البينات،
وهذا فوق ذكاء الأذكياء ولموع الأدباء.
ليس كل قارئ مستفيد
قد يوجد من يقرأ بفهم لكن في علوم لا تنفع،
أو في مواد غيرها أنفع، منها:
كالذي يقرأ ليله ونهاره في المجلات والصحف فحسب،
أو في كتب فكرية ويجعلها عمدته ومصره،
وسيعلم هذا أنه ليس بيده شيء؛
فالعلم شيء والكلام شيء آخر.
نحن امة لا تقراء
فيا أمة (اقرأ)
هيا إلى قراءة راشدة، واطلاع نافع، وثقافة حيّة،
ومعرفة ربانية،
وسوف تنتهي بكم التجارب إلى أن الكتاب خير جليس
وخير جليس في الانام كتاب
إن من أسباب السعادة:
الانقطاع إلى مطالعة الكتاب، والاهتمام بالقراءة،
وتنمية العقل بالفوائد.
والكتاب هو الذي
إن نظرت فيه أطال إمتاعك، وشحذ طباعك، وبسط لسانك، وجود بنانك، وفخم ألفاظك،
وبحبح نفسك، وعمّر صدرك، ومنحك تعظيم العوام،
وصداقة الملوك،
وعرفت به في شهرٍ ما لا تعرفه من أفواه الرجال في دهر
مع السلامة من الغرم،
ومن كد الطلب، ومن الوقوف بباب المكتسب بالتعليم،
ومن الجلوس بين يدي من أنت أفضل منه خلقاً،
وأكرم منه عرقاً، ومع السلامة من مجالسة البغضاء،
ومقارنة الأغنياء.
والكتاب هو
الذي يطيعك بالليل كطاعته بالنهار،
ويطيعك في السفر كطاعته في الحضر،
ولا يعتل بنوم، ولا يعتريه كلل السهر،
وهو المعلم الذي إن افتقرت إليه لم يخفرك،
وإن قطعت عنه المادة لم يقطع عنك الفائدة،
وإن عزلته لم يدع طاعتك،
وإن هبت ريح أعاديك لم ينقلب عليك،
ومتى كنت معه متعلقاً بسبب أو معتصماً بأدنى حبل
كان لك فيه غنى من غيره،
ولم تضرك معه وحشة الوحدة إلى جليس السوء،
ولو لم يكن من فضله عليك وإحسانه إليك إلا منعه لك
من الجلوس على بابك، والنظر إلى المارة بك .
الكتاب، وهو الشيء
الذي لا يرى لهم فيه مع النيل أثر في ازدياد تجربة
ولا عقل ولا مروءة،
ولا في صون عرض، ولا في إصلاح دين ولا في تثمير مال،
ولا في رب صنيعة، ولا في ابتداء إنعام.