لماذا نحن غرباء في هذا الكون؟
لأننا شعراء
لماذا يبحث الشعر عن وطن آخر غير الأرض؟
لأنه لا ورود ولا أشجار ولا عشاق
أبقت الحروب في الأرض
ولماذا قناديل القرى مطفأة هذه الأيام؟
لأن الأمهات والأطفال والشعراء
تاهوا هائمين في الصحراء.

لكننا مقيدون بك أيها الشعر
غير قادرين على هجر فيضك الروحي الخالد
غير قادرين على هجر طفولة الإنسان الأولى
ابتهالاته الشعرية للكواكب السيارة وأفلاكها
صلواته المقدسة للآلهة في الجبال والصحراء والبحار

لا رحيل لك عن كوكبنا
لأنك المنير
عندما يسود الظلام
نافذة البحر
عندما يغلق الأعداء
أبواب الأرض.

العالم الذي أضحى يتيم الروح دونك
أيها الراحل الغريب
أيها الشعر

سأرحل وحيدا
إلى حيث لا أدري
ولا ألاقي حتى نفسي
وقد أضناني البحث عنها
عن حقول عذراء
اختفت بها أحلامي الصغيرة.

من ينتظرني
في الضفة الأخرى من النهر؟
كل امرأة كان قلبي
ينتظرها عند المنحنى.
عندما يحل الظلام رويدا رويدا
تبدأ الرياح
في استقبال الطيور المهاجرة
وتبدأ الأشجار في البكاء
كل من عبر وحيدا
دون أن يسأل إلا عن الحب
بعد أن لفظته الغابات
في مستنقعات الرغبة.

أيتها الطيور
الطيور الجوارح
فجر أرض بعيدة
ينتظر غنائك العذب.
لست بحاجة لبكائي
الشمس جففت الدمع والدم
وليس من عشيقات في هذه الخرائب
هنا رحيل دائم
لا نهاية لهجرة الإنسان
الى الكواكب المهجورة.

ستكون الأرض خرابا يوما ما
ولن نجد من يستمع لأحزاننا
ولبكائنا المر
عند الينابيع التي أدمنت جفاف الصحراء
وتركتنا في العطش الأبدي
إلى الطفولة وإلى عمر يمر سريعا
كفراشة تموت في الفجر
قبل أن ينفض الطير جناحيه
ويرحل إلى كواكب أخرى.