من ألف شهر!
تخيل معي: تغرب الشمس ذات يوم، وأنت في وظيفتك، يخبرك مديرك بأن الموظف يجزى في هذه الليلة بعمل الساعة أضعافا مضاعفة، فبعد أن كان يعمل في الليلة الواحدة بمقابل عشرة ريالات سيعطى هذه المرة أضعاف هذا المبلغ، بما يساوي عمل ألف شهر، ألف شهر ليس بلياليها فقط وإنما بلياليها وأيامها، هل تظن أنّك ستفوّت فرصَةَ العمر هذه?
تخيّل معي: لو أنّ المدير يحاسبك على الحضور للعمل بالدقيقة، وكلما تأخرّت دقيقة أنقص من هذا المال ما يساوي هذه الدقيقة.. هل كنت ستتأخر حينها?
تخيّل! أن الكثير منّا يغفل عن مثل هذه الهدية العظيمة في رمضان، فتفوته! ثم لا يدري هل سيرزقه الله فرصة أخرى مشابهة أم ستكون الأخيرة!
انظر مِن حولّك، تأمّل أعداد الرّاحلين جيدا! لقد انتهت فرصهم من هذه الحياة، ولا مجال للعودة إلى العمل، وأنت ما زلت قادرا على الاستعداد الجيّد لها.
يقول الله -تعالى- (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ)
[سورة القدر 1 - 5]
لو تأمّلت في هذه الحياة ستجد قليلا من البشر من يمدّ الله في أعمارهم ليعيشوا حتّى عمر الثمانين، هل تضمن أن تعيش ثمانين سنة? الله تعالى يرزقك بهذه الليلة أجر 83.3 من سنوات العمل خالصة وهي ما تساوي ألف شهر، بل قال في آياته بأنّها خير، فهي لا تساوى في أجورها هذا الرقم فحسب، بل خير منه!
لعل هذه التأمّلات الرقمية كافية اليوم لشحذ الهمم والتخطيط الجيّد لهذه الليلة، التخطيط لاستغلال ثوانيها وليس دقائقها فحسب، ومحاولة تحريها في هذا الشهر الفضيل، وعسى الله أن يبلغنا رمضان، ويبلغنا إياها إنه سميع مجيب الدعاء.
══🌹══
صفية العيسرية
6. من شعبان.١٤٣٨هـ





رد مع اقتباس