هيئ قلبك
إنّ أوّل ما يقوم به المُضَيِّفُ إكراما لضيفه تنظيف مجلسه، وتنسيقه وترتيبه وتعطيره بأجمل العطور والبخور، ويحضر له ما يلذ ويطيب مما يملك، وحينها يشعر المُضيِّف بالسعادة البالغة حين يرى رضى ضيفه مرتسما على عينيه.
إنّ هذا الضيف الذي سيحل علينا يحتاج أن يسكن في قلب نظيف طاهر بالغ صاحبه في تنظيفه، حتّى إذا ما استقرّ في القلب تمَكّن منه واستطاع أن يضفي فيه جوا إيمانيا حقيقيا بعيدا عن الرّبكة والخوف والاضطراب.
إن رمضان جاء ليمنحنا فُرَص التطهير، تلك الفرص التي لا يمكن أن نسير للجنة دون التمسُّكِ بها، والقلب السليم أهمها، ولنتأمل قول الله تعالى لأجل تخطيط حقيقي لجني أفضل الثمار التي تسوقنا نحو الجنة : (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)
[سورة الشعراء 88 - 89] ، فيوم القيامة يفوز من أتى الله بقلب سليم.
إن كنت تريد أن تقبل على الله بقلب سليم فتفقّده، هل داخله شيء من الرّياء? هل اقتحمه شيء من الحقد أو الحسد أو البغضاء? تفقّده جيّدا، وأصلحه ما استطعت، فلا رابح من هذا الإصلاح كربحك أنت، جرّب معاندة الهوى،ومعاندة أمراضه، تلك المحاولات التي تقوّي بها نفسك قبل الشهر الفضيل وأثناءه ستجعل من قلبك نظيفا سجيةً، وحينها ستستطيع أن تستمر على هذا النقاء حتّى تلقى الله بقلب سليم 💕
تأكّد بأنّ المحاولات التي تبذلها لتصحيح مسارٍ في القلب ستثمر ولو بعد حين، الأهم أن تكتشف أولا أماكن الإصابة وتسجلها مع نفسك، ثم تمسكها مرضا مرضا وتعالجها إلى أن تقضي عليها جميعا، واستعن باكتشافها بإخوانك ومن حولك، فرب مريض لا يشعر بمرض قلبه حتى ينظر في مرآته .
صفية العيسرية
٣. من شعبان.١٤٣٨هـ