وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته /

أخي الكريم :
نحن اليوم في حاجة لإعلاء هذه اللغة التي بها نمد جسور التواصل ،
ونهدم تلك الخنادق التي منها تنطلق الهجمات لتقطع أصول التواصل
.

هي :
العقلانية التي خرجت من روح الإسلام الذي يؤمن بذاك الاختلاف ،
بل أكد عليه في كتاب الله عندما قال رب العزة والجلال
:

" وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِين َ" .

وما :
كان لذاك الاختلاف أن يصل لإراقة الدماء وقطع الاعناق
إلا بعدما تجاوز تلك السنّة الربانية من هذا الخلق
.

وما :
نشاهده ونسمعه اليوم أكبر شاهد عن تلك الوحشية التي يرتكبها أعداء الاختلاف
_ وأعني بالاختلاف ذاك الذي لا يشق صف الجماعة ، ولا ينتهك حرمة الدين ،
والعرض ، والدم
_ .

سألتم :
هل تعرضت للعنصرية من قبل- إذا نعم - كيف تحررت
من ذاك الشعور
؟

وجوابه :
قضيت من عمري 12 سنة وأنا أبحر في كتب الفلسفة والأدب ، دخلت في نقاشات
وحوارات فكرية عديدة ، وكم نالتني الألسن من أقرب الناس ، ومع هذا سرت
في طريقي أتلمس الهدى ، وتجاوزت تلك المناكفات التي لم أعر لها أي اهتمام ، بل
مددت يد العفو عمن اساء ، وفي النهاية وصلت لمبتغاي ، ونلت ما كنت عنه أبحث ،
وفي نهاية المطاف اجتمعت بمن خاصمني بالأمس ، وعادت سفينة الاخاء لبر الأمان
.

هنا قصة :
اخبرني أحد الأخوة _ وهو ممن تربى مع العلماء الكبار _ وهو ممن اعتز بأخوتهم لما حملته جيناته
من محبة ، ومسالمة ، ولين الجانب ، ونبذ العنصرية ، وتصنيف الناس لفئات ودرجات على حسب
فكره ، ومعتقده وميولاتخ
.

أخبرني :
عن واحد من الأشخاص الملتزمين وكان شعلة من النشاط الدعوي
يلقي المحاضرات وينصح الناس ، ويقوم على صنوف أعمال البر
.

استمر :
على ذلك النهج أعوام .

حتى :
بدت منه الشطحات ، وتبدل الفكر الذي
جرّه للالحاد
_ والعياذ بالله _

فتركه :
أصحابه ، وتناوبوا على اللمز به ،
وجعلوه فاكهة المجلس ينالون من لحمه
.

يقول صاحبي :
أما أنا فلم اقطع تواصلي معه ، أذهب إليه في الأسبوع مرة ،
أطرق عليه الباب فأحتضنه
وأقول له : اشتقت لك ثم أفارقه .

فكان ذاك دأبي
.

وبعد فترة :
تبدل حال صاحبنا " الملحد " _ أقول ملحد لأنه أقر بذلك
بلسانه ، وأظهر عمله أمره
_

فعاد لدين الله وتاب وأناب .

وقال لصاحبي :
كٌنت أنت السبب في هدايتي _ بعد الله _
وإن كنت تأتي لزيارتي من غير أن تناقشنا
غير أن زيارتك أحدثت في قلبي أمرا
.

فأنت :
وصلتني حين قطعني الناس .

وواسيتني :
عندما قست علي الناس .

سألتم :
هل تحمل في قلبك عنصرية أو استصغار على دين او طائفة
أو دولة أو جنسية ما وما هو مبررك
؟

وجوابه :
لست من ذلك الصنف ، بل أمقت من كان ذاك
طبعه ونهجه
.


دمتم بخير ...