كتجربة قصصية لا أزال اخوضها واتلمس دروب أسرارها بخجل أقول :
ظهر في الفن القصصي الحديث ما يعرف بالقصة المونلوجية. وهي ببساطة ذلك النوع الذي يحاول استنطاق الداخل الإنساني ومحاولة إضاءة ما يعتمل في النفس لحظة مشهد معين ما او وصف شعور عميق في داخل البطل نفسه كما في قصتي التي نشرتها منذ أيام مضت هنا بقسم القصص ( أقدام لا تمس البحر ) أو قصة ( تأوب طيف ) وأيضا تجد جوانب من هذه النزعة الأدبية الغائصة في الجانب الجواني للنفس في بعض قصص الكاتب المبدع صدى صوت وخاصة قصته ( قرن الرحى ) وقصص أخرى قصيرة وهناك أيضا الكاتب القدير ناصر الضامري في كثير من نصوصه القصصية هذه النزعة التي تكثف من تصويرها للداخل . وهو أمر أثرى اللغة الأدبية الحديثة سواء في القصة أو الرواية. ولذلك لا غرابة أن تعيش الرواية الآن أبهى عصورها على الإطلاق بعد واقعية نجيب محفوظ وارنست همنجواي وتولستوي وجورج ارويل وغيرهم من عمالقة الأدب العالمي. انا اعتقد أن أكبر سر لكون هذا العصر الذي نعيشه هو فعلا عصر الرواية بلا منازع هو تداخل الأنماط الأدبية بعضها بعضا. فتجد التكعيبية داخلة في الرواية وهذا نمط رغم جماله الأدبي الباهر إلا أن له عيوبا عدة أبسطها تقعير اللغة إلى درجة جعلك تسأل نفسك بمتاهة : ماذا بالضبط يريد أن يقول هذا الكاتب ( المتحذلق ) من كل هذا الهذيان والشد العضلي للاسلوب أو المفردات ؟! تجده لو دققت كلام فارغ لم يوصلك إلى شيء واضح ولو بعض بعض الوضوح . عندك القصة الكولاجية القائمة على التكثيف السريالي المبالغ فيه وعلى ما يشبه الخدع البصرية التي لا تخرج في نظري عن كونها مجرد استعراض فج للعضلات تحت تأثير النبيذ أو عقار lsd مع احترامي للروائي الكبير باولو كويلو وللهيبيين المتعاطين لهذا العقار . فالرواية إذا لم تكتب لتشبع جوعي كقارئ قراءتها مضيعة للوقت لا أكثر. أيضا ظهر في الرواية الحديثة النمط الشعري. هذا اللون الحديث هو غالب الكتاب الشباب في جميع أنحاء العالم يكتبونه الآن وكثير منهم في أصل أصل أصولهم الادبية كانوا شعراء قبل أن يقتحموا عالم التجربة القصصية وأنا بكل تواضع واحد منهم . يهدف هذا اللون الجديد من الكتابة إلى تحطيم كل ما هو سائد سواء أكان قوالبا أدبية أو أفكارا إجتماعية أو قيما ثقافية معينة لم تعد تناسبنا كجيل يعيش في الزمن الصعب ويبحث عن نفسه في عالم بات على مفترق طرق .
المعذرة على مداخلتي بهذا الاسهاب مع وصل الشكر والتقدير لأخي صدى على طرحه لهذا الموضوع.
محبتي العميقة