* ثمة فارق شاسع بين نص يبدو جيداً عند إلقائه واستحسان الجمهور اللحظي له والتفاعل معه والتصفيق المصحوب بالنشوة العاطفية، وبين التأمل في هذا النص، فالقراءات المتأنية الواعية، ستكشف عما في النص من «خيبة أمل إبداعية»، ولقد حدث ذلك مع الشعراء الكبار، كثنائية أحمد شوقي «المتواضع» في الإلقاء و»براعة» حافظ إبراهيم فيه، وقيل ذلك مع شعراء آخرين كثيرين، فثمة شعر حداثي لا يصلح للإلقاء مطلقاً لما فيه من غور وعمق لا يتجليان إلا بالتدبر والتأمل.
* الشعر روح الشّاعر وكيانه، وهو مشروعه الإبداعي، وليس مجرد هواية للتعبير والبوح، وهذا يتطلب زيادة منسوب الثقافة في النص، واكتنازه وتفجير اللغة ودلالاتها، والتعرف إلى مدارس الشعر وأساليبه، والخروج عن الأنساق اللغوية والمعاني المعجمية إلى مناطق بكر، لم يألفها القارئ لإحداث الدهشة المتنامية بحركاتها الديناميكية، وليس فقط احتواء النص على جملة مبهرة، وأن يكون بمقدور الشّاعر أن يتبع هذا الإصدار بإصدارات أخرى، تنقله من منطقة إلى أخرى، بعيداً عن تكرار الذات.
* يتحدث الشاعر الفرنسي»جان- بيير روك» عن ديوان الشعر، وكيف يجب أن يكون، يقول: «ديوان الشعر يجب ألّا يكون محشراً لنصوص متنافرة في الشكل والمضمون ومتفاوتة في زمن النظم، ديوان الشعر هو شهادة حيّة على تجربة بعينها في حياة الشاعر، وكذا ثمرة ما بلغه وعيه الفكريّ والجماليّ من تطور وليس أبداً تجميعاً عشوائياً لقصائد عثر عليها الشاعر بالصدفة في ملفاته القديمة أو سبق أن نشرها متفرقة في المجلّات أو استعادها من صديقات وأصدقاء كان قد أهداها لهم في مناسبات أعياد ميلادهم».




رد مع اقتباس