هكذا علمنا القرأن ورسول الله. . العدوان على اليمن
هل تتعاطف مع من يشتم الصحابة بل وأمهات المؤمنين ؟!
على خلفية أبياتي هذه ، والتي قلتها مؤخرا أسفا لما يحدث في حق أشقائنا اليمنيين ، من قصف ( أعمى لا يفرق بين عسكري ومدني ويحصد أطفالنا ونساءنا في اليمن - ولا أقول أطفالهم ونساءهم ﻷننا أسرة واحدة مهما فرقت بيننا الحدود السياسية ... ) على يد أشقاء آخرين للأسف بسبب صراع سياسي ، يحمل طابعا مذهبيا ، في بعض نواحيه وإن حاول البعض بل الكثيرون إنكاره :
(1)
اِقْصِفْ أَخَاْكَ ؛ فَقَتْلُهُ قَدْ حَاْنَا
لِتُؤَدِّبَ الحُوْثِيَّ بَلْ إِيْرَاْنَا
ﻻَ تَلْتَفِتْ لِلشَيْخِ أَوْ أَشْﻻَئِهِ
ﻻَ تَرْحَمِ اﻷَطْفَاْلَ وَالنِسْوَاْنَا
هُمْ صَفْوَةُ العُمَﻻَءِ ..عَجِّلْ قَتْلَهُمْ
وَهُمُ الوَقُوْدُ فَأَشْعِلِ النِّيْرَاْنَا
اِقْصِفْ ؛ فَإِسْرَاْئِيْلُ تَرْجُوْ نَصْرَكُمْ
كُنْتُمْ - وَمَا زِلْتُمْ - لَهَا اﻷَعْوَاْنَا
القُدْسُ تَصْرُخُ خَلْفَكُمْ مِنْ يَوْمِهَا
قَدْ أَسْمَعَتْ - لَوْ نَاْشَدَتْ إِنْسَاْنَا
لَمْ تُطْلِقُوْا نَحْوَ العَدُوِّ رَصَاْصَةً
بِلْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَهُ اﻷَحْضَاْنَا
وَرَأَيْتُمُ أَنَّ المَصَاْلِحَ تَقْتَضِي
أَنْ تَذْبَحُوْا الأَصْحَاْبَ والإِخْوَاْنَا
وَمِنَ العَجَاْئِبِ وَالعَجَاْئِبُ جَمَّةٌ
أَنْ تَدَّعُوْا مِنْ بَعْدِهَا الإِيْمَاْنَا !
(2)
يَا سَيِّدِي أَخِيْرًا
تَوَحَّدَ العَرَبْ ...
وَأَعْلَنُوْا نَفِيْرًا
وَكُلُّهُمْ ذَهَبْ
لِيَحْرِقُوْا أَخَاْهُمْ
وَهَيَّأُوْا الحَطَبْ
فَلَيْسَ فِيْ سِوَاْهُ
لِجَمْعِهِمْ أَرَبْ !
سألني البعض باستنكار : هل تتعاطف مع أصحاب المذهب ال ( ... ) رغم كونهم ممن يشتمون الصحابة بل وأمهات المؤمنين ؟!
وأجبته بما يلي : فيما يخص موقفي الشخصي من هؤلاء الذين يشتمون الصحابة بل وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم أجمعين ، فإنني - بلا شك - لا أتولى هؤلاء ﻷن من يتولى قوما فهو منهم كما يستفاد من قوله عز وجل :
لكن هل أنا مطالب بأن أقاتلهم ﻷجل مقالتهم هذه ، وأن أقاطعهم تماما ؛ بحيث لا تعقد بيني وبينهم صلة ؟ لأجيبك على هذا دعني وإياك نتأمل هاتين اﻵيتين الكريمتين :
فأنت ترى معي أن هذا الكلام يدور حول مجلس ، يضم طائفة تجهر بالكفر ، بل وتستهزئ بالله عز وجل ...
ما الحكم الذي قرره الله سبحانه هنا ؟ هل قال لنا اقتلوا هؤلاء الذين يكفرون بآياتي بل ويستهزئون بها ؟ كلا بل إنه - يا سيدي - لم يأمرنا حتى بمقاطعة مجلسهم رغم حالهم الدنيئة هذه حيث قال : ( لا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ) فيفهم أنه إن خاضوا في غيره من اﻷحاديث فلا حرج عليكم في مخالطتهم وغشيان مجالسهم رغم كونهم كفرة بل ويستهزئون بالله ( والله أعظم حرمة بلا شك من سواه ) ...
بل تعال وتأمل معي قول الله عز وجل في محكم كتابه :
من هم الذين يزعمون بأن الله ثالث ثلاثة ؟ أليس النصارى هم المعنيون هنا ؟ وهذا الكلام طعنا في من ؟ أليس في الحق سبحانه إذ قرروا له شريكين هنا المسيح وروح القدس ؟
رغم هذا الكفر هل أمرنا الله أن نقاتلهم - خارج سياق الحرب ودون اعتداء منهم علينا - لمقالتهم هذه ؟ لنجيب دعنا نقرأ سويا نمط التعامل معهم في هذه اﻵية الكريمة :
فأنت ترى معي أن الله سبحانه رغم مقالتهم هذه لم ينهنا عن أن نبرهم ( والبر أقصى درجات الإحسان ) وأن نعاملهم بالعدل ، بل وأن نزيل عنهم الظلم إن وقع عليهم ...
بل من تمام العدل ألا نغمطهم حقهم من ذكر خصالهم الحميدة إن وجدت فيهم ، أو في بعضهم كما في قوله تعالى :
فرغم كون هؤلاء ممن نص على كفرهم لقولهم أنه ثالث ثلاثة تعالى الله عن ذلك ، لم يحل ذلك من ذكر خصلة حميدة فيهم وهي التواضع ( وأنهم لا يستكبرون ) وبيان مودتهم للمؤمنين وأنهم اﻷقرب في ذلك من غيرهم ...
وأنت ترى أيضا كيف أن الحق سبحانه قرر في اﻵية نفسها أن اليهود أشد عداوة للذين آمنوا ومع ذلك لم يأمرنا بالاعتداء عليهم ، والفتك بهم ، رغم أنهم قتلة أنبياء الله ، وأشد أعدائه ، وأسفارهم تطفح بالقبيح في حقهم جميعا وقلما يسلم منهم نبي ، حيث ألصقوا بهم التهم ، ورموهم بأفحش الصفات وأقذعها ، وما من كبيرة إلا ونصوا على إتيانهم لها ...
ورغم هذا كله ... يعلم كلانا كيف كان النبي صلوات الله وسلامه عليه يعامل اليهود عندما كانوا جيرانه في المدينة ، وكلانا يذكر بلا شك قصة جاره اليهودي ، الذي كان يؤذيه ، ويلقي الشوك والقاذورات في طريقه ، بل وأمام عتبة داره ، ومع ذلك حين لم يجد ذات يوم ما اعتاده من أذى ؛ افتقده ، وسأل عنه ، وحين علم بمرضه ذهب لزيارته ... والقصة معلومة.
لم يقاتلهم صلوات الله وسلامه عليه ، ولم يخرجهم من ديارهم إلا بعد أن بادروا هم بالاعتداء عليه ؛ بل كان تطبيقا عمليا لنص اﻵية الكريمة :
أما خارج سياق الاعتداء فلم يحدث أن اعتدى عليهم وعلى غيرهم رغم سوء معتقدهم وافترائهم على أنبياء الله واستهزائهم به شخصيا ... ﻷنه كما قالت أم المؤمنين عائشة : " كان خلقه القرآن " ، والقرآن يقول :
فأنت ترى كيف هو نمط التعامل الذي قرره الله في كتابه ، وطبقه النبي صلوات الله وسلامه عليه مع اليهود والنصارى ، رغم كفرهم ، وسوء اعتقادهم في الله ، وافترائهم على أنبياء الله فمنهم من وصفوه بالسكر والعربدة ، ومنهم من وصفوه بالزنا ... وغير ذلك من الفواحش !
وهنا يمكنني أن أسألك أنا بدوري : هل من يدعون السلفية اليوم ، وينادون بالفتك بأتباع المذهب ال ( .... ) لشتم (بعضهم) بعض الصحابة ... هم أكثر غيرة على دين الله من النبي ؛ لسكوته عمن يجاهر بالكفر ، ويزعم أن الله ثالث ثلاثة ويشتم أنبياء الله ، ويلصق بهم التهم ؟!
هؤلاء - يا سيدي - مرجعهم ومرجعنا جميعا إلى الله يوم القيامة ، ولسنا مطالبين بعقد محاكم إلهية هنا في الدنيا ، ولا أن نشعل نارا ، ونلقي بالناس على مناخرهم فيها لحصائد ألسنتهم ...