لا تزال سلطنة عمان تعتبر لغزا محيرا لمن لم يقرا التاريخ ولمن لم يصل الى دلالته ..ولاتزال تلك الدولة الساكنة الهانئة المطمئنة التي تدير شؤونها وازماتها ووقوفها مع الاخرين بكل صمت وثبات ..ولكنها في ذات الوقت تشغل بال الكثيرين وتزعجهم بصمتها سيما اؤلئك الذين اعتادوا على الصخب والفوضى .

ولهذا بات جليا وواضحا في الآونة الاخيرة ان ثمة من يؤلمه هذا الصمت فحينما اكتظ العالم بالعويل والصراخ واصبح حتى الاشقاء يتهامزون ويتلامزون على كافة المنابر والاصعدة استأثرت سلطنة عمان الا ان تبقى على حياديتها لتكون نموذجا للعدل ونموذجا للتفرد الذي لا يفقه ثقافته الكثيرون ممن غلبتهم اتون السياسة واصبحوا يتلاطمون بين مد وجز ولا يجدون لاستقرارهم موطأ قدم يتصيرون منه نحو اهدافهم في ادارة شؤون بلادهم والتعامل مع اشقائهم ومع الأخرين..

فان كان المال في نظر بعض الساسة نعمة ففي نظر العقلاء ابتلاء وقلما تجد من يتعامل مع هذا الابتلاء برباطة جاش وحكمة منقطعة النظير فكل شيء اصبح ممكنا شراؤه بالمال ..الا الحكمة وحسن القيادة وتدبر المستقبل بنظرة الثاقب الحفيص الذي لا يتموضع بموضع الاسفاف ولا يقبل الا ان يكون رقما صعبا في جميع المعادلات التي ترفع من شانه وشأن موطنه ..

وبما اننا نحن العمانيون نقف على أرضية تاريخية وحضارية صلبه لا يمكن للمترهطقين ولا المتربصين تحريكها فان من المؤكد ان المتصيدين في المياه العكرة لا يمكنهم الولوج الى عمقنا وتحريك دواخلنا لنكون تابعين مسيرين لاهوائهم ..فنحن كعمانيون صغارنا وكبارنا شيبة وشبابا نساءا ورجالا نتمتع بحصانة وطنية وعمق تاريخي له دلالاته الواضحة الذي لا يمكن لمثل هذه الكائنات المعربشة ان تؤثر عليها مهما بلغت بهم الحيل وتعددت وتنوعت اساليبهم .

نعم ..عمانيون بلاوظائف ..ولكنهم عمانيون ببصر وبصيرة ..لا تقودهم الاهواء ولا تغريهم المغريات ثابتون مطمئنون خلف قيادتهم يبنون وطنهم برؤيتهم ولا يتصنعون الهوية لانهم لايشعرون بالنقص فالنقص بعيدا عنهم .فتاريخهم ضارب في القدم وتعلموا ووعوا جيدا ان الاوطان لاتبنى بالمكايد والحيل والقفز فوق المالوف لا يحتاجون لمن يدفعهم نحو التمرد على وطنهم لانهم لن يتمردوا ولن يسئيوا له ..

وعلى الذين تشغلهم سلطنة عمان بكل ما حباها الله من نعم ان يتيقنوا جيدا ان لعمان وفيها رجال صدقوا الله ماعهدوا عليه وانتهجوا نهج التغاضي والتسامح ليس الا وانما يدركون جيدا انهم ليسوا كالطاطواحين التي تحركها الرياح بل هم كالجبال الشم وسمحان شاهدا على صلابتهم والحزم عزمهم وقابوس منبع فكرهم ومنهل قوتهم .

فابتعدوا عن العمانيين حتى لا تصابوا بخيبة امل قد سبق وتجرعتم مرارتها مرات عديدة ..وانظروا لعمان انها باقية متفردة شامخة من اقصاها حتى اقصاها . وعليكم باصلاح ذات بينكم والاهتمام بشعوبكم وا.وطانكم التي تدار من غير حول ولا قوة منكم .
وللحديث بقية
سالم السيفي