جلست وحيدة .. في وضعية القرفصاء..تحملق في التلفاز ..كالعادة...سافرت في تفاصيل ما تشاهده من خيال واسع .. بحجم السماء.. براءة طفولة ..لم تفارق ابتسامتها .. وحزنها .. التفتت صوبه..كطفلة نزقت بمرور فكرة عابرة .. لم يبادر باللعب معها.. بحوارها ...تركيز في كومة كلمات حملتها صفحة جريدة ..تبدو مملة ..نادته بنبرة حزينة ..تسأله .. خلع نظارته السميكة ..مسح عينيه باصبعيه ..كسر حاجز صمته .. عاد من سفر خارج الحدود.. ومسافات الجريدة ..باختصار سألته: ما معنى قهر الرجال؟؟..حملق في سؤالها .. طافت حوله كلمات ..ذكريات .. دموع ..دوائر لا متناهيه ..تنهد قليلا.. لم يشأ كسر خاطرها .. اعتاد ان يكون مستمعا جيدا .. منصتا فطنا .. اجتر احزانا .. وذاكرة سوداء .. وليالي مظلمة ..واصلت الانصات .. توقعت ان تسمع .. اشياء جديدة ..حديثة العهد ..سؤال في اطار كومة اسئلة صعبة .. تشبه احيانا اسئلة امتحان نهاية العام ..ابتسم ..على غير عادته ..واصل الابتسام ..تذكر اشياء جميلة ..استعاد ذاكرته .. حاول ان يرسمها بكلماته .. كانه شاعر جاهلي ..تناول اطراف القصة .... مطلعها سعادة لا توصف ..اخبرها عن اشياء كثيرة ..لا زالت مختزنة في ذاكرته.. منذ قبل اكثر من عشر سنوات.. ذكرها بلحظة ميلادها ..ابتسامتها ..منقوشة في الذاكرة ..كانت جائعة لحظة الميلاد .. وحفل عيد ميلادها الاول .. واول الحروف.. كلمات صعبة .. تتقاطع في ذاكرة الزمن..اول خطوة الى المدرسة ..صباح العيد ..اول سفر .. لحظات الوداع و اللقاء في المطار ..هدايا تشبه الاحلام ..ضحكات وقهقهات تتوالى ..وعود برحلة الوادي ..سعادة لا متناهية .. فرحة غير محدودة ..احلام تتوالد ..اسرة سعيدة ..انتظار عودته من السفر ..انتظار احضانه الدافئة ..مليئة بالحب والحنان والشوق ..واشياء اخرى ..توارت عن الانظار ..تخشى نزقة رؤيته ..كاي انثى ..تتمنع وهي مشتاقة لرؤية أبيها .. تاخر .. تاخر كثيرا عن موعد وصوله ..لا تعلم السبب .. على غير عادته..ربما لسبب ما ..لم تشأ الاستعجال ..لا يزال الوقت مبكرا ..تسال امها ؟؟..لا تعرف شيئا عنه ؟؟..اوهمت نفسها باجابات غير شافية ..نبشت في ذاكرتها ..لم تجد آثارا ..لم تجد اجابة .. ذهب ولم يعد ..سافر بعيدا كما يبدو ..اوشك الليل ان يلقى سدولا من ظلامه .. الشمس في طريقها للغروب..ادركت بقلبها انه سافر بعيدا ....عكس بريق عينيها ..دمعة فراق حزينة ..انصتت ..تكلمت ....تاكد غيابه كما يبدوا....فقدته في وقت كانت بامس الحاجة اليه...لم يبق امامها الى شيئا وحيدا ..تمسكت به .. الصبر.. أفاقت من غفوتها المؤلمة ..من نوبة سرحان.. نظرت الى ابيها .. كان صامتا ..اكدت..انها ادركت اخيرا معنى الألم..والحزن ..وقهر الرجال !!!قهر الرجال ..
بقلمي/ ناصر الضامري