تعتبر هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة الى المدينة قبل ١٤٣٩ عاما وتحديدا في يوم السادس والعشرين من شهر صفر الموافق التاسع من شهر سبتمبر عام 622 ميلادية، هي الحدث الأهم والأبرز في تاريخ الدولة الاسلامية، هذا التاريخ الذي يذخر بالعديد من الأحداث العظيمة ذات الأثر الكبير في حياة الأمة، إلا ان حدث الهجرة يأتي في مقدمة هذه الأحداث تأثيرا لاعتبارات كثيرة اهمها، انه الاسبق في الحدوث الزمني، والأهم من ذلك انه كان اشارة البدء لبناء الدولة الاسلامية بكل مقوماتها، وبداية الانطلاق لقوة جديدة اصبحت بعد اعوام قليلة صاحبة الريادة والقيادة بعد ان تغلبت على دولتي الفرس والروم، لأنها جاءت لتحكم بإرادة الله تعالى، وعلى أسس الحق والعدل والمساواة، ومحاربة افكار الجاهلية والعصبية، والتمييز بين البشر.
لقد كانت الهجرة نقطة الانطلاق والتأسيس للدولة الإسلامية، وهي عملية الانتقال من مرحلة الدعوة إلى توحيد الله عز وجل، وترك عبادة الأوثان وتطهير النفوس من أدران الشرك، إلى مرحلة بناء وتأسيس الدولة والأمة الإسلامية، وإرساء قواعدها لتتمكن من الانطلاق إلى العالم أجمع لنشر الدعوة الإسلامية.
لم تكن الهجرة إلى المدينة مجرد الفرار بدين الله تعالى من ظلم قريش وقسوتها في معاملة المسلمين - كما يفهم بعض قصيري النظر - إنما كانت الاتجاه بالدين إلى بيئة صالحة لأن ينمو فيها وتكون قاعدة انطلاق لمشاعل النور والهدي إلى بقية أصقاع الأرض.
ويعد حادث الهجرة فيصلاً بين مرحلتين من مراحل الدعوة الإسلامية، هما المرحلة المكية والمرحلة المدنية، ولقد كان لهذا الحادث آثار جليلة على المسلمين، ليس فقط في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن آثاره الخيرة قد امتدت لتشمل حياة المسلمين في كل عصر ومصر، كما أن آثاره شملت الإنسانية أيضاً، لأن الحضارة الإسلامية التي قامت على أساس الحق والعدل والحرية والمساواة هي حضارة إنسانية، قدمت، ومازالت تقدم للبشرية أسمى القواعد الروحية والتشريعية الشاملة، التي تنظم حياة الفرد والأسرة والمجتمع، والتي تصلح لتنظيم حياة الإنسان كإنسان بغض النظر عن مكانه أو زمانه أو معتقداته.



فسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم لا تحد آثارها بحدود الزمان والمكان، وخاصة أنها سيرة القدوة الحسنة والقيادة الراشدة قيادة محمد صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله رحمة للعالمين، وما نتج عن هذه الهجرة من أحكام ليست منسوخة ولكنها تصلح للتطبيق في كل زمان ومكان ما دام حال المسلمين مشابهاً للحال التي كانت عليها حالهم أيام الهجرة إلى يثرب.




بهذه المناسبة الجليلة نتقدم إليكم بأسمى آيات التهاني والتبريكات والى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم حفظه الله ورعاه
والى كافة المسلمين بكل بقاع المعمورة .
وكل عام والجميع بخير ،،،