استقبال رمضان

رمضان أقبل يا أولي الألباب *** فاستقبلوه بعد طول غياب

عام مضى من عمرنا في غفلة *** فتنبهوا فالعمر ظل سحاب

وتهيؤوا لتصبر ومشقة *** فأجور من صبروا بغير حساب

الله يجزي الصائمين لأنهم *** من أجله سخروا بكل صعاب

لا يدخل الريان إلا صائم *** أكرم بباب الصوم في الأبواب

ووقاهم المولى بحر نهارهم ***ريح السموم وشر كل عذاب

وسقوا رحيق السلسبيل مزاجه *** من زنجبيل فاق كل شراب

هذا جزاء الصائمين لربهم *** سعدوا بخير كرامة وجناب

الصوم جنة صائم من مأثم *** ينهى عن الفحشاء والأوشاب

الصوم تصفيد الغرائز جملة *** وتحرر من ربقة برقاب

ما صام من لم يرع حق مجاور *** وأخوة وقرابة وصحاب

ما صام من أكل اللحوم بغيبة *** أو قال شرا أو سعى لخراب

ما صام من أدى شهادة كاذب *** وأخل بالأخلاق والاداب

الصوم مدرسة التعفف والتقى *** وتقارب البعداء والأغراب

الصوم رابطة الإخاء قوية *** وحبال ود الأهل والأصحاب

الصوم درس في التساوي حافل *** بالجود والإيثار والترحاب

شهر العزيمة والتصبر والإبا *** وصفاء روح واحتمال صعاب

كم من صيام ما جنى أصحابه *** غير الظما والجوع والأتعاب

ما كل من ترك الطعام بصائم *** وكذاك تارك شهوة وشراب

الصوم أسمى غاية لم يرتق *** لعلاه مثل الرسل والأصحاب

صام النبي وصحبه فتبرؤوا *** عن أن يشيبوا صومهم بالعاب

قوم هم الأملاك أو أشباهها *** تمشي وتأكل دثرت بثياب

صقل الصيام نفوسهم وقلوبهم *** فغدوا حديث الدهر والأحقاب

صاموا عن الدنيا وإغراءاتها*** صاموا عن الشهوات والاراب

سار الغزاة إلى الأعادي صوما *** فتحوا بشهر الصوم كل رحاب

ملكوا ولكن ما سهوا عن صومهم *** وقيامهم لتلاوة وكتاب

هم في الضحى اساد هيجاء لهم *** قصف الرعود و بارقات حراب

لكنهم عند الدجى رهبانه *** يبكون ينتحبون في المحراب

أكرم بهم في الصائمين ومرحبا *** بقدوم شهر الصيد و الأنجاب