في هذه الحياة :
نسير على وهادها سير المنقاد إلى المقدّر له ،
مع تزودنا بزاد الخيار ، ليكون لنا الاختيار ، نُخالط
الناس ، نمتزج بهم ، ليكون الذوبان في الذوات ، لنكون
معهم بالأجساد وبالأرواح ... نتصل .

تمر الساعات والأيام ولربما الأعوام ، وتحتدم
بين حناياها العلاقة ، ليكون الحب والاندماج .

يستمر الحال :

على ذلك المنوال وقد يتخللها الصفاء ،
ويعكّر الصفاء داعي الخلاف ،
وسرعان ما نخرج من عنقه ، إما
بطيب الفؤاد ، أو ببعض الجراح
التي تثعُب دماً ، وتستدعي منا _ حينها _ تضميدها .

عن ذات الرحيل :
قد يكون تارة باختيار
وتارة أخرى يأتي بالإكراه !

عندما تسود الدنيا في وجه أحدهم ،
ويستنفذ كل البدائل وهو يحاول
لملمة المتبعثر، وذاك الشتات .

فمن كان رحيلة باختيار:
يبقى أنينه لا ينقطع وهو ينوح باضطراب
واقع الحال .

أما من كان رحيله باكراه :

فحق له أن يرحل بصمت ، بعدما
انقطعت من يديه كل الاسباب
التي تحفظ له ذاك البقاء
،

يذهب بعيداً وهو يحمل جميل الذكرى
التي قضاها مع من قاسمهم الحياة .

عن تجربتي مع ذاك الرحيل :
فقد تجرعت مر غصته ، وشربت علقم كأسه ،
بعدما تبخر الحلم بعدما تعاهدنا سقي غرسه ،

وتواعدنا أن نقطف يانع ثمره ، سحبنا معاً
ساعات الأيام قضيناها ونحن نرسم الأحلام ،
ندافع عنها كُلما تسلل إليها من يُحاول سلبها
أو وأدها ، تقاسمنا معاً الحزن والفرح ،

وذاك البكاء والضحك ، نواسي بعضنا عن المصاب
ونبارك لأنفسنا إذا ما تقدمنا والحظ قد أبلج سناه .

وما بعد ذاك :
غير سماع قد أزف الرحيل وبأن الوقت قد حان
، فانصبوا خيام النحيب !

توادعنا وتلك الغصة تخنق فينا الوتين ،
نرمق ملامح بعضنا ، وكأننا نُخزّنها لتكون لنا
ذكرى نمخٌر بها لجج السنين ،

حتى انقطع حبل الوصال ، ليكوينا الحنين ،
ونبكي حالنا ، مُحاولين التسلّيم
بأنه القدر الذي يفرض بسلطانها
عكس ما نريد .

ختاماً :

" يبقى الرحيل فَرضٌ قد فُرض
علينا وما علينا غير التسليم
" .


مُهاجر