خرج من بيته على عجل لقد تأخر على موعده.


حين أدار محرك السيارة , و من خلف زجاجها


رأى شرفة المقهى القابعة في آخر الشارع


لفتت انتباهه فتاة جميلة تحدق في فنجان


بين يديها . كل الجمال اجتمع فيها !


ظل برهة يقرأ الحزن في محياها و كأنها كانت


تحكي لفنجانها حكاية حزينة.


نظر الى ساعة السيارة متسائلا لم تجلس


وحدها في مثل هذا الوقت المتأخر ؟ هز


رأسه ساخرا من نفسه : و ما شأني بها ؟


انطلق بسيارته و صورتها لم تغادر ذهنه .


في صبيحة اليوم الموالي و بينما كان يركن


سيارته في مكانها المعتاد سرحت عيناه


لا اراديا تنظر الى شرفة المقهى ضاحكا


على نفسه و على تصرفه الغريب.


دخل الى المقهى لتناول قهوة الصباح ,


تفاجأ بها أمامه و قهوتها بيدها و بيد الأخرى


كتبا . نظرت اليه مبتسمة بحياء لتتنحى


جانبا معتذرة بصمت .


تابعها بنظراته موبخا نفسه منذ متى و عيناه


تتعلق بالفتيات ؟


شرب قهوته و مضى الى عمله مفكرا بتلك


الحسناء التي أثارت فضوله .


و في الغد تقصد الذهاب الى المقهى لعله


يجد تلك الفتاة التي شغلت تفكيره بغموضها


و جمالها . و ما ان دخل حتى أصيب بخيبة


كبيرة .. لم تكن موجودة.


تماطل حتى أعطوه طلبه ليخرج و هو لم


ينل مراده .


فجأة اصتدم بجسد ضئيل لتنسكب القهوة


الساخنة على صدره . أطلق شتيمة متأوه


و يا لدهشته حين نظر للشخص الذي اصتدم


به كانت واقفة و الأسف باد على وجهها


و بحركة مرتبكة أخرجت منديلا و مدت يدها


لتمسح القهوة المنسكبة على صدره.


تناول المنديل منها و تابع المسح . و حين


أراد أن يعيد المنديل اليها , فوجيء بها


تغطي و جهها بكفيها باكية . فقال لها


مطمئنا : لا بأس لم يصبني مكروه


نظرت اليه و دموعها تنحدر بغزارة على


وجنتيها المتوردتين.


أخرجت دفترها الصغير لتكتب بارتباك بعض


الكلمات " آسفة لم أقصد " فعرف أنها


لا تستطيع النطق و كم أسف لذلك .


ابتسم لها : لا عليك أنا بخير


مدت يدها نحو قميصه المفتوح حيث بقعة


حمراء . لم يتمالك نفسه , فمنظرها البريء


زاد من اشتعال صدره . اقترب منها ليهمس


في أذنها :


لقد أحرقني حبك بنكهة القهوة يا صاحبة


الجمال الصامت !