الهمة العالية مطلب عظيم يتمناه أصحاب النفوس الكبيرة التي تتوق إلى المعالي ، وقوة الإرادة هي وقود هذه الهمة العالية فبدون هذا الوقود لن يتم لهذه الهمة منالها ومبتغاها ، ولعل خير شاهد على ذلك ما قرأتَ وما رأيتَ من همة العلماء وطلبة العلم وكيف أنهم استطاعوا من تحقيق أعمال وكأنها أشبه بالخوارق لكن تلك الإرادة التي رُدفت بهمة عالية كانت طريقاً لذلك
فأن تكون إرادتك قوية معناه أن تريد شيئاً وتقرر اختياره وتصر على تنفيذه حتى النهاية. أن تقلع عن التدخين ، عن النميمة.. تريد ذلك وتنتقل من مجرد الرغبة إلى الإرادة ومن الأداة إلى التطبيق أي الاستمرار ومواجهة الصعوبات وتذليلها والمضي في ذلك حتى النهاية .
وعلماء النفس في ذلك يقولون لكي تكون لك إرادة قوية يجب أن تدرب نفسك عليها ابتداء من الأشياء الصغيرة ثم الكبيرة. وأن تكون إرادة الخير، السلام و التوافق هي البداية. وليس من التربية الصالحة أن تبدأ بإرادة الشر وإيذاء الآخرين ونفسك أيضاً.
أنَّ الإرادة قرار ذاتي ينبع من عمق إيمان الفرد بقدرته على توجيه إرادته بما أنعم الله عليه من حرية الاختيار، وما ينبني عليها من تحمل النتائج والقيام بمسؤوليات وجوده، المنبثقة من أدواره في الحياة. وأنها ليست مجرد ثورة نفسية وحماس مؤقت إنما هي خطة محكمة مبنية على قاعدة تصور الغاية وموازنة الأمور التي تفضي إلى الوصول للمطلوب .
وتحقيق الذاتية يتمثل بمعرفة الذات وبنائها والارتقاء بها سلوكياً في حسن أخلاق المرء ومعاملاته، وعملياً في إنجازاته ورسالة حياته وما يقدّمه لمجتمعه، وثقافياً وفكرياً في إعمال عقله وتوسيع أفقه، وقلبياً وروحانياً في تصحيح معتقداته وصلته بربّه، وصحياً وجسدياً بما يحفظ نفسه قويّاً معافى ليقوم بحق باقي الجوانب الأخرى .
الغالب من الناس يتصور في نفسه قصوراً متوهماً ، وكأن أصحاب الإنجازات ليسوا من البشر ، فإذا نظر إلى طالب متفوق في دراسته ، أو إلى مبتكر ، أو إلى عالم ، أو إلى خطيب ، أو إنسان متميز قلل من نفسه واتهم ذاته بعدم القدرة على مقارعة هؤلاء ، واستمر على ما هو عليه ؟ في مكانه لا يتقدم إن لم يكن يتراجع ، فهذا وأمثاله ندعوهم دعوة صادقة للتوكل على الله أولاً ، ومن ثم نريد منهم نفض غبار الأوهام وارتداء رداء قوة الإرادة بعزيمة تتهاوى معها كل المثبطات والعوائق .
دمتم بخير
رد مع اقتباس