الإسلام احترم كل الأعمال؛ فهذا نبي الله داود يعمل حدادًا, ونبي الله زكريا نجارًا، وموسى عليه السلام راعي أغنام طوال إقامته في مدين.لكن أي تغير أصاب مجتمعنا حتى أصبحنا ننفر من المهن اليدوية البسيطة، وننظر بدونية لمن يعمل بها؟!! بل ويسخر بعضنا منهم!!!

تلك النظرة تحتاج منا إلى تغيير؛ سواء من أفراد المجتمع، أو من جانب من تدفعهم أقدار الحياة ليعملوا بها، وليأخذوا بكلمات مارتن لوثر كنج الابن: "إذا دُعي الرجل ليكون كنّاسًا في الشوارع؛ فيجب أن يكنسها بنفس مهارة مايكل أنجلو وهو يرسم لوحاته، أو بيتهوفن وهو يؤلف موسيقاه، أو شكسبير وهو يكتب الشعر.. يجب أن يكنسها جيّدًا؛ بحيث يتوقف كل من يراها ويعلق قائلًا: "ها هنا عاش كناس عظيم، أدى مهمته بإتقان وبراعة"


وقد تفوّق علينا أهل الغرب في هذا المضمار؛ فهم يتفاخرون بالأعمال البسيطة التي يمارسونها لكسب قوت العيش.. ويحكون بفخر أنّ جل العظماء والمبدعين عاشوا ظروفًا قاسية في بدايات حياتهم…
فهذا مارك توين -أعظم كتّاب أمريكا- يعمل في صباه بمطبعة صغيرة يكتسب منها قليلًا من المال لإعالة عائلته.
وذاك شيخ الروائيين البريطانيين تشارلز ديكنز يقضي أياما من طفولته في معمل لتعبئة الأصباغ، والفئران تمرح من حوله…
وهذا لولا دا سيلفا -رئيس البرازيل السابق- يفخر بأنه عمل ماسحًا للأحذية لمساعدة والديه وأشقائه، وفي شبابه يعمل في صناعة السيارات ثم التعدين، وفَقَد أحد أصابعه أثناء تشغيل أحد المكابس المائية

يقول أستاذ التاريخ الدكتورحسين مؤنس: "حتى إذا جدّ الجد، وتطلبت أحوال بلاده رجلًا قويًّا يكشف عنها البلاء، ويردّ عنها السوء، تقدّم واثقًا مطمئنًا، وقد وجد نفسه مستعدة كاملة العدة للصراع والنضال.. لقد أورثه صراع حياته قوة استخدمها في صالح أمته وبني وطنه"

ولعل الحبيب صلى الله عليه وسلم خير دليل على تعلم المهارات من المهن البسيطة التي عمل بها؛ فقد تربّى في البادية، وهو ما ساهم في قوة بدنه وفصاحة لسانه وشجاعته وفي طفولته عمل في رعي الأغنام، وفي شبابه عمل في التجارة لكي يزداد علمًا ومهارة؛ فتعلم من رعي الأغنام الصبر والتأمل، وتعلم من التجارة الاقتصاد والقيادة

فليست العظمة دروسًا تُلقّن؛ ولكنها تجارب تصقل مهارات وخبرات الإنسان.
الرعد الذي لا ماء معه لا ينبت العشب، كذلك العمل الذي لا إخلاص فيه لا يثمر الخير*

*
فماهي الاسباب التي دفعت شبابنا يستحقر هذه المهن البسيطه ؟؟


منقوول